المستثمرون يبتعدون عن «كرة النار» الإيطالية... وأوروبا تراقب من بعيد

موجة بيع للسندات والأصول... ونظرة سلبية لمستقبل اليورو

الكولوسيوم الأثري في روما (أ.ب)
الكولوسيوم الأثري في روما (أ.ب)
TT

المستثمرون يبتعدون عن «كرة النار» الإيطالية... وأوروبا تراقب من بعيد

الكولوسيوم الأثري في روما (أ.ب)
الكولوسيوم الأثري في روما (أ.ب)

تشير التقارير الاقتصادية الواردة خلال الساعات الأخيرة عن إيطاليا إلى أن غالبية المستثمرين يرون حاليا أنها صارت في وضع خطر يجدر الابتعاد عنه، وأن الاقتصاد الإيطالي وما يتعلق به من استثمار تحول إلى «كرة نار»، لا تكاد تجد من يتلقفها، بينما تترقب المؤسسات الدولية والكيانات السياسية على غرار الاتحاد الأوروبي مزيدا من اتضاح الصورة السياسية شديدة التعقيد، مترددة قبل اتخاذ أي خطوة قد تزيد الوضع خطورة، وقد تدخل العالم كله في أزمة اقتصادية بالغة.
ومع نظرة يغلب عليها التشاؤم من قبل المواقع الاقتصادية والوكالات والمؤسسات الغربية خلال الساعات الماضية، أدت الأزمة الإيطالية وما تبثه من مخاوف في مختلف القطاعات والأسواق، إلى موجة بيع مكثف للأسهم العالمية منذ يوم الثلاثاء وحتى عصر أمس، امتدت من أسواق أوروبا إلى وول ستريت، قبل أن تبدأ دورة الأربعاء في الأسواق الآسيوية، وتهدأ قليل حين عادت إلى أوروبا. وترزح إيطاليا تحت ديون عامة ضخمة متراكمة منذ الأزمة المالية العالمية، وهي ثالث أكبر دين عام لحكومة في العالم بعد اليابان واليونان، وتصل إلى 2.3 تريليون يورو (2.7 تريليون دولار)... وهو ما يعادل أكثر من 130 في المائة من الناتج الاقتصادي السنوي. وهددت مؤسسات التصنيف الائتماني الرئيسي بخفض تقييمها لإيطاليا مجددا إذا شكل اليمينيون حكومة وسط مخاوف من احتمال خروج الدين الإيطالي عن نطاق ما يمكن إصلاحه، خاصة في ظل برامجهم التي من شأنها زيادة العجز عن 3 في المائة، وهو الحد المسموح أوروبيا، حيث تقدر قيمة خفض الضرائب وزيادة إعانات البطالة وخفض سن التقاعد إلى نحو 100 مليار يورو.
وفي ظل الوضع الحالي للاقتصاد الإيطالي قد تؤدي فجوة العجز الهائلة تلك إلى عدم قدرة إيطاليا على الاستدانة لتمويله، ومن ثم تفقد سندات الخزانة قيمتها وتصل إيطاليا إلى وضع أشبه بأزمة اليونان المالية عام 2010.
ومع تمترس الأطراف الرئيسية الداخلية سياسيا، لا يبدو الوضع الاقتصادي مؤهلا لأي تحسن في الأفق القريب، حتى إذا سمحت الأحزاب الفائزة لرئيس الحكومة المكلف بتسيير الأعمال.
نفق مظلم
ويرى الأوروبيون أن إيطاليا قد تتجه إلى نفق شبيه بهذا الذي مرت به اليونان في أزمتها، إلا أن دول الاتحاد الأوروبي الرئيسية مثل ألمانيا وفرنسا، تتخوف من أن إفلاس إيطاليا لا يمكن تحمله ويصعب إنقاذ اقتصادها على غرار ما قامت به - بصعوبة بالغة - مع اليونان، إذ يصل الاقتصاد الإيطالي ربما إلى عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني.
ويأتي الاقتصاد الإيطالي في المرتبة الثامنة عالميا من حيث الحجم بناتج محلي إجمالي يدور حول تريليوني دولار، كما أنه الاقتصاد الثالث في الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا وفرنسا.
ويمتد تأثير الأزمة الإيطالية بشكل مباشر إلى امتدادها الجغرافي أوروبيا، حيث تزداد مخاوف انهيار منطقة اليورو، التي أدت إلى هبوط بالغ للعملة الموحدة اليورو، حين تراجعت هذا الأسبوع إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار في 10 أشهر... فيما قال بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس أمس الأربعاء، إنه خفض توقعاته لسعر اليورو مقابل الدولار في الأشهر الثلاثة والستة والاثني عشر المقبلة؛ نظرا لعدم الاستقرار الناجم عن الأزمة السياسية في إيطاليا. وقال البنك إنه يتوقع تداول اليورو عند 1.15 دولار على مدى الثلاثة أشهر القادمة، مقابل 1.20 دولار في التقديرات السابقة. وخفض أيضا توقعاته لستة أشهر إلى 1.20 دولار من 1.27 ولعام إلى 1.25 دولار من 1.30 دولار.
يوم أسود للسندات
وفي دليل مباشر على تأزم الوضع الاقتصادي الإيطالي، والمخاوف التي تجتاح الأسواق حيال مستقبل إيطاليا، مرت السندات الإيطالية بأسوأ أيامها قاطبة في 25 عاما، حين شهدت يوم الثلاثاء موجة بيع جنونية للتخلص منها مع الأصول الإيطالية، إضافة إلى اليورو، بما يعيد إلى الأذهان أجواء أزمة ديون منطقة اليورو في 2010 - 2012.
وعلقت «فاينانشيال تايمز» في تقرير لها بأن «حملة هروب المستثمرين من إيطاليا قد بدأت»، خصوصا بعد حملة بيع الديون الإيطالية التي قام بها المستثمرون وسط مخاوف من الموقف الإيطالي في منطقة اليورو.
مشيرة إلى أن توقعات المستثمرين تشير إلى أن يد رئيس الحكومة المكلف ستكون مغلولة في إدارة البلاد، فمن المرجح أن تخسر حكومته الاقتراع على الثقة وألا تتعدى سلطاتها الإدارة اليومية لشؤون البلاد. واتجهت عائدات السندات الإيطالية القصيرة الأجل، التي تتحرك عكس الأسعار، لتسجيل أكبر قفزة يومية لها منذ 1992. بينما أظهرت أسهم البنوك في إيطاليا ومنطقة اليورو الأوسع نطاقا أسوأ أداء يومي لها منذ أغسطس (آب) 2016 يوم الثلاثاء، قبل أن تشهد تحسنا طفيفا أمس.
وقال مارتن فان فليت، الخبير في أدوات الدخل الثابت لدى بنك «آي إن جي» لـ«رويترز»، إن الارتفاع الكبير في عائدات السندات الإيطالية لأجل عامين صباح يوم الثلاثاء الماضي يعكس مخاوف من الانفصال عن منطقة اليورو.
ومع الوضع السياسي المتأزم في إيطاليا، والمفتوح على كل الاحتمالات، حذر محافظ البنك المركزي الإيطالي من أن بلاده أصبحت على بعد خطوات قليلة من فقدان ثقة المستثمرين. ويوفر برنامج شراء السندات الذي يتبناه البنك المركزي الأوروبي دعما قويا لديون حكومات منطقة اليورو، لكن التحركات في الأسواق الإيطالية تشير إلى أن مثل تلك الحماية ربما تفقد قوتها.
وسجل الفارق بين عائدات السندات الألمانية لأجل عشر سنوات ونظيرتها الإيطالية، الذي يعتبره كثير من المستثمرين مؤشرا على المعنويات تجاه منطقة اليورو، أكبر مستوى له منذ يونيو (حزيران) 2013. وارتفع هذا الفارق ليتجاوز 300 نقطة أساس، مسجلا نحو ثلاثة أمثال مستوياته في نهاية أبريل (نيسان) حين قارب 115 نقطة أساس.
وقالت إيزابيل فيك فيليب، رئيسة أنشطة سندات اليورو الحكومية لدى أموندي، إحدى أكبر شركات الاستثمار في أوروبا: «في ظل هذا الوضع السياسي الذي تكتنفه الضبابية في إيطاليا، سيواصل المستثمرون طلب علاوة كبيرة بسبب تلك الضبابية».
وقفزت عائدات السندات الإيطالية لأجل عامين بما يزيد على 150 نقطة أساس إلى 2.73 في المائة، بينما قفزت عائدات السندات لأجل عشر سنوات 50 نقطة أساس إلى 3.38 في المائة مسجلة أعلى مستوياتها في أكثر من أربع سنوات. وتم تداول السندات الإيطالية بعوائد أعلى من سندات الخزانة الأميركية للمرة الأولى في نحو عام.
وأدى الإقبال على الملاذات الآمنة إلى نزول عوائد السندات الألمانية لأجل عشر سنوات إلى 0.19 في المائة مسجلة أدنى مستوياتها في أكثر من عام.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.