من يزور مدينة الصويرة، يتفاجأ عندما يعرف أن عمرها يعود إلى القرن الثامن عشر، وأنها تُصنف ضمن قائمة التراث الإنساني الخاصة بمنظمة اليونيسكو. فجمالها وإيقاعها ودينامكيتها تُشعرك بأنها مدينة وليدة اليوم فقط.
وتكمن جاذبيتها في أنها لا تبعد عن مدينة مراكش سوى بساعات معدودة بالسيارة، ومع ذلك تحمل الزائر إلى عالم مختلف تماماً، بدءاً من مساحتها الأصغر ومعالمها القديمة ونمط الحياة فيها الأقل صخباً، مقارنة بأسواق مراكش التي يمكن تشبيهها أحياناً بالمتاهة المعقدة.
اسمها يعني بالعامية المغربية «الصورة الصغيرة». ولا يعود السبب في هذا إلى أنها تمثل صورة جميلة تربط الماضي الأندلسي بالحاضر فحسب، بل لأنها مكان نموذجي لعاشقي الرسم. فعدا عن شمسها الذهبية، وامتزاج اللونين الأزرق والأبيض في مختلف جنباتها، وإضافة إلى كونها محاطة بأسوار رملية اللون وبوابات حجرية، فإنها تبدو من بعيد أشبه بمدن القصص الأسطورية. لهذا ليس غريباً أن يتم فيها تصوير حلقات من السلسلة التلفزيونية «لعبة العروش» «غايم أوف ذي ثرونز»، الذي أخذت فيه اسم مدينة استابور.
داخل الصويرة، تنبثق مجموعة من الشوارع عن الميدان الرئيسي قرب النافورة، من السهل على أي وافد جديد التجول عبرها بسهولة. هنا، ستجد عربات لبيع الأطعمة الشعبية، ومتاجر تبيع أحذية تقليدية خفيفة، وتوابل وسجاد، ومصنوعات جلدية وحقائب مصنوعة يدوياً. كما يوجد حي فني يعج بالرسامين، وسوق للحلي الفضية وغيرها.
هذا التنوع والغنى في المعروضات وجودتها هو ما يعشقه زوار المدينة، ومنهم مصممة ملابس الأفلام جيني بيفن، التي تردد دائماً أنها تعشق الأسواق الشعبية، وتضيف أن كثيراً من القطع التي صممتها لفيلم «ماد ماكس فيوري رود» استلهمتها من الصويرة. وأكدت بيفن أنها عندما تحتاج إلى أي شيء يخص البربر أو شمال أفريقيا، فإنها تبعث برسالة عبر البريد الإلكتروني إلى صديق مقيم في المدينة لكي يرسل لها كتباً.
أما إذا كان ذوق السائح أكثر عصرية، فعلى أطراف المدينة توجد محلات تطرح صيحات الموضة، لكن غالباً بتصاميم تميل للاتساع أو مستوحاة من التقاليد الحرفية المغربية. أكثر ما تفخر به الصويرة أنها تتفرد بشمس تستقبل الناس بخيوط من ذهب لمدة 320 يوماً في السنة. وهذا وحده كاف لكي تجذب المشاهير من أمثال ميك جاغر وجوليا روبرتس والمغني جيمي هندريكس في أيام تألقه وغيرهم. لكن الشمس ليست عنصر الجذب الوحيد لهؤلاء، فالصويرة تتمتع أيضاً بشواطئ رمالية بيضاء تمتد لأميال، فضلاً عن سلسلة من المطاعم والمقاهي التي تضفي نكهة خاصة عليها.
أما قوتها اليوم كوجهة سياحية، فتكمن في موقعها المتميز على المحيط الأطلسي، الذي يجعلها مثالية للتزلج على الأمواج واللعب بالطائرات الورقية. كما يمكن لزائر المدينة حجز جولة شاطئية على ظهر جمل، وشراء أسماك طازجة من أكشاك لبيع السمك الطازج، أو تناول الغداء في أحد المطاعم الكثيرة، مثل مطعم «أوشن فاغابوند»، وهو مطعم فرنسي يطل على الخليج. بينما في المساء، يمكن التوجه إلى مقهى «تاروس كافيه»، الواقع داخل قصر ينتمي إلى القرن الـ19، أو في أحد المقاهي أو المطاعم الجديدة التي اجتاحت المدينة، مثل «فوت» و«لا تابل مادادا». وهذا الأخير يتميز بديكورات شمال أفريقية تعود إلى خمسينات القرن الماضي.
وبالنسبة لقلب المدينة، فإن التحرك فيه أيسر مما يمكن تخيله، ذلك أن سلسلة من الشوارع التي يرتبط بعضها ببعض تشكل العمود الفقري الموصل مباشرة من البوابة الشمالية (باب دوكالة) حتى الميدان الرئيسي المعروف باسم قصر مولاي حسن، الواقع بجوار النافورة. كما تمتد مجموعات من الممرات والأسواق باتجاه الخارج على نحو يشبه عظم السمك.
نصائح جانبية
- بالنسبة للموعد المثالي لزيارة المدينة، فهو يونيو (حزيران)، قبل ارتفاع درجات الحرارة إلى ذروتها - وإن كانت رياح محلية تعرف باسم «أليزي» تضمن عدم وصول درجات الحرارة في الصويرة إلى نقطة الغليان.
- أما بالنسبة لعاشقي الغناء والموسيقى، فيمكنهم الاستمتاع بحضور فعاليات مهرجان «كناوة» للموسيقى العالمية، الذي تستضيفه المدينة (29 يونيو - 1 يوليو | تموز)، لكن ينبغي الانتباه إلى أنه عادة ما يكون شديد الازدحام.
- بالنسبة لمطار الصويرة، فإنه يقع على بعد 10 أميال عن المدينة، وتبلغ تكلفة الانتقال منه وإليه 6 دراهم فقط، باستخدام الحافلة التابعة للمطار، أو 150 درهماً (12.25 جنيه إسترليني) باستخدام سيارة أجرة.
خيارات الإقامة
مرتفعة التكلفة
{أور بلو باليه}
يعتبر فندق «أور بلو باليه»، في شارع ابن بطوطة، المقام داخل قصر سابق بجوار «باب مراكش»، المكان الأكثر أناقة على مستوى المدينة، مع تميز غرفه بمساحات فسيحة وزخارف مرمرية، وحمام سباحة صغير فوق السطح. وتبدأ تكلفة الإقامة بالغرفة المزدوجة من 180 يورو (157 جنيهاً إسترلينياً)، شامل الإفطار.
رياض الماية
قد يكون الفندق الأبرز على مستوى المدينة، وتنتشر به لمسات «آرت ديكو» في كل مكان. ويمنح الفندق شعوراً بالاسترخاء، بفضل المناظر الخلابة المطلة على المحيط الأطلسي. ويضم الفندق حماماً مغربياً تقليدياً وحمام سباحة فوق السطح، ويقدم دروساً في فن الطهي، حسب الطلب. وهو يقع بأحد الشوارع الجانبية الهادئة، لكنه لا يبعد أكثر من دقيقة عن القلب الرئيسي للصويرة، وعن المقاهي والمطاعم الفاخرة. وتبدأ تكلفة الإقامة في الغرفة المزدوجة من 120 يورو (95 جنيهاً إسترلينياً) في موسم الإقبال الضعيف، وترتفع إلى 170 يورو (134 جنيهاً إسترلينياً) في ذروة الموسم، تشمل الإفطار.
تكلفة متوسطة
دار كارافان
تقع دار كارافان على بعد أقل من ميل من المدينة، على طريق أغادير، وهي مكان مبهج يملكه فنان جعله ملاذاً للراحة نظراً لحديقته الغنية بأشجار الميموزا. وتحيط بحمام السباحة الخارجي مجموعة من المنحوتات. وتبدأ تكلفة الإقامة بالجناح من 75 يورو (66 جنيهاً إسترلينياً).
تكلفة اقتصادية
رياض ريمي
تتولى إدارته سيدة إنجليزية تدعى ساندرا كريبس، ويوجد بقلب المدينة، وتتميز غرفه بمنسوجات محلية براقة الألوان ومصابيح تقليدية. وتبدأ تكلفة الإقامة بالغرفة المزدوجة من 48 يورو (42 جنيهاً إسترلينياً)، وتضم شرفة فسيحة يمكن تناول الإفطار بها.