تزايد القيود على المدن الصغيرة يرفع أسعار المنازل الجديدة في الصين

زيادة في 70 مدينة كبيرة بنسبة 0.5 % الشهر الماضي مقارنة بمارس

تباطأ نمو أسعار المنازل في الصين بشكل واضح في النصف الثاني من العام الماضي مع سعي الحكومة للتعامل مع فقاعات العقارات («الشرق الأوسط»)
تباطأ نمو أسعار المنازل في الصين بشكل واضح في النصف الثاني من العام الماضي مع سعي الحكومة للتعامل مع فقاعات العقارات («الشرق الأوسط»)
TT

تزايد القيود على المدن الصغيرة يرفع أسعار المنازل الجديدة في الصين

تباطأ نمو أسعار المنازل في الصين بشكل واضح في النصف الثاني من العام الماضي مع سعي الحكومة للتعامل مع فقاعات العقارات («الشرق الأوسط»)
تباطأ نمو أسعار المنازل في الصين بشكل واضح في النصف الثاني من العام الماضي مع سعي الحكومة للتعامل مع فقاعات العقارات («الشرق الأوسط»)

ارتفعت أسعار المنازل الجديدة بالصين في أبريل (نيسان) الماضي مع تزايد عدد المدن الصغيرة المساهمة في النمو الأوسع نطاقاً، بدعم من إجراءات حكومية تسمح للمشترين بتفادي قيود قائمة وتوقعات التنمية الاقتصادية في هذه المناطق.
وأظهرت حسابات وكالة «رويترز» العالمية للأنباء، التي استندت إلى بيانات نشرها المكتب الوطني للإحصاء، أن أسعار المنازل الجديدة في 70 مدينة كبيرة بالصين زادت 0.5 في المائة في أبريل الماضي عن الشهر السابق، مقارنة مع زيادة نسبتها 0.4 في المائة في مارس (آذار) الماضي.
وارتفعت أسعار المنازل على أساس سنوي بنسبة 4.7 في المائة في أبريل، مقارنة مع زيادة بنسبة 4.9 في المائة في مارس، وسجلت 58 مدينة من المدن السبعين التي شملها مسح المكتب الوطني للإحصاء ارتفاعاً في أسعار المنازل في أبريل الماضي، مقارنة مع 55 مدينة في مارس السابق، مما يعكس قوة السوق الأوسع نطاقاً، برغم استمرار القيود لاحتواء سوق ما زالت تشهد نشاطاً محموماً.
وسجلت مدينة داندونغ الواقعة على الحدود مع كوريا الشمالية أعلى ارتفاع في أسعار المنازل في أبريل الماضي، بلغت نسبته 2 في المائة. وارتفعت أسعار المنازل في كل من مدينتي سانيا وهايكو بجزيرة هاينان 1.9 في المائة في أبريل، وكان نمو أسعار المنازل في الصين بدأ يتباطأ بشكل أكثر وضوحاً في النصف الثاني من العام الماضي في ظل سعي الحكومة للتعامل مع فقاعات العقارات في أعقاب نمو في القطاع على مدى عامين.
وسجل نمو الاستثمار العقاري في الصين تباطؤاً في أبريل الماضي، في الوقت الذي سجلت فيه المبيعات أكبر انخفاض لها في 6 أشهر، مع تأثر الطلب سلباً بارتفاع تكاليف الاقتراض وزيادة القيود على المشترين، مما يدعم الآراء القائلة بأن محركاً رئيسياً للاقتصاد يفقد بعض الزخم.
وزاد الاستثمار العقاري 10.2 في المائة في أبريل الماضي عن مستواه قبل عام، مقارنة مع زيادة نسبتها 10.8 في المائة في مارس الماضي، وفقاً لحسابات تستند إلى بيانات من المكتب الوطني للإحصاءات.
ويركز الرقم بشكل أساسي على العقارات السكنية، لكنه يتضمن أيضاً المساحات التجارية والإدارية، وتؤثر العقارات بشكل مباشر على 40 قطاعاً آخر في الصين، وهي محرك رئيسي للاقتصاد، لكن الازدهار القوي للسوق منذ 2016 أثار المخاوف ودفع الحكومة لاتخاذ سلسلة من الإجراءات لكبح ارتفاع أسعار المنازل.
وانخفضت مبيعات العقارات من حيث مساحة الأرض 4.1 في المائة على أساس سنوي في أبريل الماضي، وهو أضعف أداء شهري منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2017، ويمثل تحولاً من ارتفاع بنسبة 3.2 في المائة خلال شهر مارس الماضي.
وفي الأشهر الأربعة الأولى من العام، زاد الاستثمار 10.3 في المائة على أساس سنوي، ليتباطأ قليلاً من مستواه في الربع الأول حين سجل نمواً 10.4 في المائة، وهو أسرع معدل في 3 سنوات، وجاء النمو في الربع الأول مدفوعاً بارتفاع أسعار الأراضي وازدهار الطلب من المدن الصغيرة التي تقل فيها القيود على شراء المنازل.
وارتفع معدل البدء في التشييد الجديد الذي يُقاس بمساحة الأرض، وهو مؤشر لثقة المطورين العقاريين، 2.9 في المائة فقط في أبريل الماضي بالمقارنة مع مستواه قبل عام، ليتباطأ من قفزة حادة بلغت 17.8 في المائة في مارس الماضي، وفقاً لما أظهرته حسابات «رويترز». وزادت مبيعات العقارات 1.3 في المائة في الأشهر الأربعة الأولى من العام، وهي أقل زيادة للفترة بين يناير (كانون الثاني) وأبريل الماضيين منذ عام 2015.
وتؤثر العقارات بشكل مباشر على 40 قطاعاً آخر في الصين، وهي محرك رئيسي للاقتصاد، لكن الازدهار القوي للسوق منذ 2016 أثار المخاوف ودفع الحكومة لاتخاذ سلسلة من الإجراءات لكبح ارتفاع أسعار المنازل.
يذكر أن الصين نجحت في وقت سابق بكبح أنشطة المضاربة في القطاع العقاري في خلق استقرار نسبي في أسعار المنازل وسوق الرهن العقاري خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث أظهرت نتائج بيانات رسمية أصدرها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) نمو قروض قطاع العقارات الصيني بوتيرة أبطأ خلال الربع الأول من العام الحالي.
وأشار البنك المركزي الصيني، في تقرير له، إلى أن المؤسسات المالية قدمت قروضاً بقيمة 34.1 تريليون يوان (5.4 تريليون دولار أميركي) إلى القطاع العقاري، بارتفاع بنسبة 20.3 في المائة على أساس سنوي، ويقل هذا النمو بنسبة 0.6 نقطة مئوية عن النمو المسجل في نهاية السنة الماضية.
أما بالنسبة للقروض الممتازة لمشتريات الأفراد فقد ارتفعت بدورها بنسبة عشرين في المائة إلى 22.86 تريليون يوان، مستعيدة نسبة 2.2 نقطة مئوية مقارنة بنهاية العام الماضي. وقال المكتب القومي الصيني للإحصاءات إن أسعار المنازل لا تزال مستقرة بشكل كبير في المدن الصينية، وتراجعت أسعار المنازل الجديدة في المدن المصنفة على أنها من الدرجة الأولى بصفة سنوية خلال مارس بنسبة 0.6 في المائة، بينما انخفضت أسعار المنازل الموجودة بالفعل بنسبة 0.1 في المائة.
وانخفضت أسعار المنازل الجديدة بصفة سنوية في 9 من 15 مدينة رئيسية تعتبر من الأسواق الساخنة، وعلى أساس شهري انخفضت أسعار المنازل الجديدة في 7 من 15 مدينة، وتأتي نتائج البيانات المذكورة وسط مواصلة الحكومة بذل المزيد من الجهود لكبح المضاربة العقارية، خصوصاً في المدن الرئيسة، فخلال العام الماضي تسبب النمو المتسارع في أسعار المنازل، خصوصاً في المدن الكبرى، في زيادة المخاوف من نشوء فقاعة عقارية.
ولكبح المضاربات قامت الحكومات المحلية بزيادة القيود على مشتريات المنازل، وزادت من الحد الأدنى المطلوب كمقدم لسعر الشقة في حالة الحصول عليها بنظام الرهن العقاري.
وفي الوقت نفسه الذي لم تراعِ الحكومة الصينية تعزيز مشتريات العقارات بغرض السكن، إذ إنها ترفع شعار «المنازل للسكن وليست للمضاربة»، كما تقول وكالة الأنباء الصينية «شينخوا»، وتحت هذا الشعار تستهدف الصين تعزيز قدرة المواطنين على شراء العقارات وإيجارها.
ويأتي استقرار الأسعار مع استمرار التوسع الاستثماري في هذا القطاع، حيث زادت الاستثمارات في قطاع تطوير الممتلكات بنسبة 10.4 في المائة على أساس سنوي في أول ربع من العام الحالي، مرتفعة عن زيادة بنسبة 7 في المائة سجلتها استثمارات القطاع خلال 2017. وفاق هذا النمو توقعات المحللين كما تقول «شينخوا». وبلغ إجمالي الاستثمارات في القطاع العقاري خلال الربع الأول من العام الحالي 2.13 تريليون يوان (339.2 مليار دولار)، وفقاً لمكتب الإحصاء القومي.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».