تصاعد الاشتباكات العنيفة بين الطلاب والأمن في جامعات مصرية

منظمات دولية ومحلية تطالب الحكومة بالإقرار بمسؤوليتها عن مقتل مؤيدي مرسي

طلاب من أنصار جماعة الإخوان تحت وابل من قنابل الغاز أمام جامعة القاهرة خلال مظاهرات شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن أمس (رويترز)
طلاب من أنصار جماعة الإخوان تحت وابل من قنابل الغاز أمام جامعة القاهرة خلال مظاهرات شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن أمس (رويترز)
TT

تصاعد الاشتباكات العنيفة بين الطلاب والأمن في جامعات مصرية

طلاب من أنصار جماعة الإخوان تحت وابل من قنابل الغاز أمام جامعة القاهرة خلال مظاهرات شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن أمس (رويترز)
طلاب من أنصار جماعة الإخوان تحت وابل من قنابل الغاز أمام جامعة القاهرة خلال مظاهرات شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن أمس (رويترز)

واصل طلاب مناصرون للرئيس السابق محمد مرسي الضغط على السلطات المصرية الجديدة، بسلسلة من المظاهرات. وتجددت الاشتباكات العنيفة أمس بين قوات الأمن وطلاب جامعتي الأزهر والقاهرة في سياق خطة تصعيد المواجهات من أنصار «الإخوان» قبل الاستحقاقات السياسية المقبلة، وعلى رأسها الاستفتاء على دستور البلاد الجديد.
يأتي ذلك في وقت طالبت فيه 13 منظمة محلية ودولية معنية بحقوق الإنسان أن تقر الحكومة بالمسؤولية عن مقتل ما يقرب من ألف شخص في القاهرة على أيدي قوات الأمن، خلال فض اعتصامين لمؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي منتصف أغسطس (آب) الماضي.
وفي مسعى لإظهار تماسك الحكومة المدعومة من الجيش، وقدرتها على فرض سيطرتها، قرر المجلس الأعلى لجامعة الأزهر بدء امتحانات منتصف العام في موعدها المحدد 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي دون تأجيل، لكن أساتذة في جامعة الأزهر قالوا لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الوضع الأمني لا يبشر بخير، وإذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فلن نستطيع عمليا الاستمرار في الدراسة»، فيما قال مسؤول عن الأمن بالجامعة، في تصريحات صحافية له أمس، إن الجامعة تنسق حاليا مع وزارة الداخلية والقوات المسلحة لتأمين سير الامتحانات.
وأحالت جامعة الأزهر خلال اليومين الماضيين نحو 300 طالب ينتمون لـ«الإخوان» إلى مجالس تأديب نتيجة ما عدّته «تجاوزات الطلاب»، وتصل العقوبات في المجالس التأديبية إلى حد الفصل من الجامعة.
وفي سياق متصل، قررت محكمة القضاء الإداري أمس حجز دعوى إلزام وزارة الداخلية بعودة الحرس الجامعي التابع للوزارة إلى الجامعات مرة أخرى، إلى جلسة 31 ديسمبر الحالي للحكم، وهو أمر من شأنه على الأرجح استفزاز طلاب الجامعة المؤيدين لثورة «30 يونيو»، مما يسمح بمزيد من المواجهات بين الطلاب وسلطات الأمن.
وقالت مصادر طلابية، إن وفدا من اتحاد جامعة القاهرة التقى أمس العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، المتحدث العسكري، لمناقشة الوضع الأمني في الجامعات. وأشارت المصادر إلى أن بعض أعضاء الاتحاد رفضوا اللقاء وجمدوا عضويتهم في اتحاد طلاب مصر.
وحلقت طائرة تابعة للشرطة أمس في محيط جامعة الأزهر، التي تشهد مواجهات عنيفة منذ أيام بين طلاب ينتمون لجماعة «الإخوان» وقوات الأمن في محيط الحرم الجامعي والمدينة الجامعية (شرق القاهرة).
واستخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريق الطلاب الذين أغلقوا أبواب الجامعة لتعطيل الدراسة، بحسب مصادر أمنية. ورشق الطلاب المتظاهرون قوات الأمن وصحافيين ووسائل إعلام بالحجارة.
وامتدت الاشتباكات إلى الشوارع المحيطة بالجامعة. وسمحت إدارة الجامعة لموظفيها بالانصراف مبكرا، قائلة إن هذا الإجراء يأتي من باب حرصها على حياة موظفيها. وانسحبت قوات الأمن من أمام أبواب الجامعة، لكنها عادت مجددا للسيطرة على المظاهرات ودفعت الطلاب للعودة إلى داخل المدينة الجامعية.
وألقت قوات الأمن القبض أمس على 58 طالبا أزهريا بعد الاشتباكات التي شهدتها الجامعة أول من أمس، وأعلنت وزارة الصحة أن حصيلة التجمعات والمظاهرات خمسة مصابين، مشددة على أنه لم يسقط قتلى خلال تلك الاشتباكات.
وتصاعدت حدة احتجاجات الطلاب الذين ينتمون لجماعة «الإخوان» عقب صدور أحكام مشددة بحق طلاب في جامعة الأزهر، أدينوا بتخريب المنشآت الشهر الماضي، وانضم طلاب محسوبون على ثورة «30 يونيو» إلى تلك الاحتجاجات عقب صدور قانون ينظم الحق في التظاهر يرفضه الطلاب، مما تسبب في موجة عنف سقط خلالها طالب في كلية الهندسة بجامعة القاهرة.
وفي جامعة القاهرة، واصل الطلاب تحديهم للسلطات الأمنية ونظموا مسيرة إلى ميدان نهضة مصر القريب من حرم الجامعة (غرب القاهرة). وأطلقت قوات الأمن وابلا من القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
وقالت مصادر أمنية إن قوات الأمن تمكنت من إلقاء القبض على عدد من الطلاب المشاركين في المظاهرات، مشيرة إلى أن عناصرها لم يدخلوا إلى الحرم الجامعي، لكنها دفعت المتظاهرين للعودة إلى داخل أسوار الجامعة.
وقال الطالب عبد الله محمود، الذي شارك في المظاهرات، إن عشرات المصابين بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع سقطوا أمس، وإنه جرى إسعافهم داخل الحرم، لافتا إلى أن قنابل الغاز سقطت داخل أسوار الجامعة.
وبث طلاب في جامعة القاهرة أمس على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» صورا لمن قالوا إنه طالب مصاب بطلقات الخرطوش. وأظهرت الصورة طلابا يحملون زميلهم المصاب داخل كلية الهندسة، ولم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد من صحة الصور من مصدر مستقل.
في غضون ذلك، طالبت 13 منظمة مصرية ودولية، معنية بحقوق الإنسان، السلطات المصرية بأن تقر بالمسؤولية العامة عن مقتل ما يقرب من ألف شخص في القاهرة على أيدي قوات الأمن، التي قامت بفض اعتصامين مؤيدين للرئيس السابق منتصف أغسطس الماضي.
كما طالبت المنظمات، في بيان مشترك نشر بالموقع الإلكتروني لـ«مؤسسة الفكر والتعبير» في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أمس، السلطات بإجراء تحقيق جدي وبشكل مستفيض في هذه الأحداث التي وصفتها بـ«الدامية». وأضافت المنظمات أن «الحكومة لم تقدم سجلا علنيا لوقائع ذلك اليوم، ولم يحقق النائب العام حتى الآن مع أفراد قوات الأمن ولا حاسبهم على الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة المميتة»، على حد وصفها.
وأعلنت مصلحة الطب الشرعي رسميا أن إجمالي حالات الوفاة الناتجة عن فض اعتصام رابعة العدوية (شرق القاهرة) بلغ حتى منتصف الشهر الماضي 627 حالة وفاة، بينهم عدد من أفراد الشرطة.
وأشار بيان المنظمات الحقوقية إلى أن تحقيقات النيابة في الوقائع التي شهدتها الدولة على مدار العامين الماضيين كانت «انتقائية» مع المتظاهرين وحدهم في أعقاب أي اشتباكات مع قوات الأمن، متجاهلة حصيلة القتلى المتصاعدة بانتظام في صفوف المتظاهرين.
وطالبت المنظمات رئيس الوزراء حازم الببلاوي بإصدار مرسوم بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، بحيث تكون مستقلة عن الحكومة والجيش، تمتلك سلطة إجبار الشهود على الإدلاء بشهاداتهم، بمن فيهم مسؤولو الدولة السابقون والحاليون؛ بغض النظر عن صفتهم الرسمية.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان، منظمة العفو الدولية، و«الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان»، و«هيومان رايتس ووتش»، و«المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، و«مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»، و«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، و«المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».