لماذا تبخس حقوق حراس المرمى في سوق الانتقالات؟

يتقاضون رواتب أقل من المدافعين ولاعبي الوسط والمهاجمين وأدوارهم قد تكون أهم

بوفون رحل عن يوفنتوس بعد مسيرة حافلة بالألقاب (رويترز) - دي خيا  نال القفاز الذهبي  لأفضل حارس بالدوري الإنجليزي (رويترز)
بوفون رحل عن يوفنتوس بعد مسيرة حافلة بالألقاب (رويترز) - دي خيا نال القفاز الذهبي لأفضل حارس بالدوري الإنجليزي (رويترز)
TT

لماذا تبخس حقوق حراس المرمى في سوق الانتقالات؟

بوفون رحل عن يوفنتوس بعد مسيرة حافلة بالألقاب (رويترز) - دي خيا  نال القفاز الذهبي  لأفضل حارس بالدوري الإنجليزي (رويترز)
بوفون رحل عن يوفنتوس بعد مسيرة حافلة بالألقاب (رويترز) - دي خيا نال القفاز الذهبي لأفضل حارس بالدوري الإنجليزي (رويترز)

ينتقل حراس المرمى من نادٍ لآخر مقابل مبالغ أقل، ويتقاضون كذلك رواتب أقل عن أقرانهم. هل حان الوقت لأن تقدر كرة القدم أخيراً حراس المرمى حق تقديرهم مقارنة باللاعبين في المراكز الأخرى؟
ودع الحارس الأسطوري جيجي بوفون فريق يوفنتوس بعد 17 عاماً في الدفاع على ألوانه في المباراة الأخيرة للدوري الإيطالي ضد فيرونا، لكن هل حصل خلال مسيرته المكللة بالألقاب والإنجازات على ما يستحقه من أموال مقارنة بمهاجمي الفريق؟
في الواقع، يبدو من المثير للدهشة بعض الشيء أن بوفون بدأ مسيرته عام 1995 - كان حينها مراهقاً يرتدي زي نادي بارما باللونين الوردي والأسود. في ذلك الوقت، تصدى بوفون بشجاعة واضحة أمام أسماء كبرى مثل جورج ويا وروبرتو باجيو وباقي نجوم فريق ميلان. وبعد نحو 900 مباراة لاحقاً، ودع بوفون الملاعب بعد أن بنى مسيرة كروية مبهرة حصد على امتدادها (في المتوسط) بطولة في كل عام.
وإلى جانب بطولة كأس عالم وكأس الاتحاد الأوروبي و5 كؤوس إيطالية و6 كؤوس سوبر إيطالية وبطولة أوروبا تحت 21 عاماً وكثير من دروع الدوري الإيطالي، حظي بوفون بتكريم آخر، ذلك أنه حارس المرمى الوحيد الموجود في قائمة أكبر 50 صفقة انتقال لاعبين على مر التاريخ، وذلك تبعاً لما أعلنه موقع «ترانسفيرماركت» الإلكتروني المعني بمتابعة صفقات انتقال اللاعبين باليورو. يأتي ذلك على الرغم من أن صفقة انتقال بوفون إلى يوفنتوس مقابل 52 مليون يورو جرت منذ 17 عاماً.
آنذاك - عام 2001 - بدا هذا المبلغ جنونياً. اليوم، يبدو كأنه أفضل صفقة يمكن لنادٍ إبرامها على مدار القرن. ومع ذلك، لم يجرؤ سوى قليل للغاية من الأندية على الاحتذاء حذو يوفنتوس. اللافت أن «ترانسفيرماركت» أشار إلى 11 حارس مرمى فقط زادت تكلفة انتقالهم من نادٍ لآخر على 15 مليون يورو (13.2 مليون جنيه إسترليني). وفي عالم تبلغ فيه تكلفة انتقال كل من الجناح ثيو والكوت والمهاجم غيدو كاريلو 20 مليون جنيه إسترليني، يبدو هذا أمراً غريباً حقاً. وتبعاً للتحليل الذي طرحه موقع «سبورتينغ إنتليجينس» الإلكتروني الممتاز الذي يديره نيك هاريس، فإن هذا الأمر يسلط الضوء على توجه أوسع نطاقاً. وتكشف الأرقام التي عرضها الموقع أن حراس المرمى يتقاضون كذلك رواتب أقل من المدافعين ولاعبي خط الوسط والمهاجمين، وأنهم أقل تقديراً مقارنة باللاعبين في المراكز الأخرى داخل الفريق.
في موسم 2005 - 2006، على سبيل المثال، تقاضى حراس المرمى داخل الدوري الممتاز في المتوسط 533 ألف جنيه إسترليني - 79 في المائة من متوسط الراتب السنوي الأساسي لجميع اللاعبين الآخرين الذي بلغ 676 ألف جنيه إسترليني. بحلول موسم 2016 - 2017، تقاضى حراس المرمى في الفرق الأوَل 1.68 مليون جنيه إسترليني في المتوسط - ما يعادل فقط 69 في المائة من متوسط الراتب الأساسي للاعبي المراكز الأخرى بالدوري الممتاز، والبالغ 2.4 مليون جنيه إسترليني.
وبذلك، يبدو واضحاً أن بعض حراس المرمى يبخس حقهم على نحو بالغ. السؤال هنا: هل بمقدورنا إثبات ذلك؟
يرى تيد كنوتسون، الذي عمل بمجال صفقات ضم اللاعبين في برنتفورد ونادي ميتييلاند الدنماركي ويترأس شركة استشارات بمجال كرة القدم تدعى «ستاتسبوم»، أن هذا ممكن بالفعل. وخلال عرض قدمه أمام جامعة ساوث بانك، الأسبوع الماضي، شرح كنوتسون أنه غالباً ما تنطوي مسألة تقييم قيمة مهارات حراس المرمى على صعوبة أكبر بكثير عن المراكز الأخرى. بوجه عام، يتعين على حراس المرمى العدو بسرعة وتوزيع الكرة بدقة وبدء الهجمات، مع الحرص في الوقت ذاته على إبقاء الشباك نظيفة. ومع هذا، لا تتوافر البيانات دوماً لتقييم نقاط ضعفهم وقوتهم على النحو الملائم.
على سبيل المثال، فإن معدل صد الكرات لا يحمل أهمية كبيرة لو أن كل كرة يجابه حارس المرمى صعوبة في التصدي لها. ورغم أهمية دراسة كيفية أداء حارس المرمى مقارنة بالأهداف المتوقع اختراقها لمرماه، فإن هذا العنصر لا يأخذ في الاعتبار الضغوط الدفاعية أو قوة تسديدة ما بالكرة.
من جانبه، أشار كنوتسون إلى أنه سبق أن تبادل أطراف الحديث مع بوب برادلي، مدرب سوانزي سيتي السابق، أثناء عقد مقابلة معه بخصوص منصب المدير الفني لفريق ميتيلاند الدنماركي، حول الأمر. وأوضح برادلي نقطة قصور واضحة في مقياس كيفية أداء حارس المرمى مقارنة بالأهداف المتوقع اختراقها لمرماه، المعروف اختصاراً باسم «إكس جي». وقال: «لا يمكنك أن تخبرني أنه عندما يتصدى لاعبون للاعب يسدد الكرة برأسه باتجاه المرمى من على بعد 6 ياردات، فإن ثمة فرصة كبيرة أمامه لتسجيل هدف. أنا أعلم علم اليقين أنه من العسير للغاية إحراز هدف في مثل هذا الموقف».
من ناحيته، أقر كنوتسون بأن رأي برادلي بدا وجيهاً للغاية. وأضاف: «إلا أنني أمعنت النظر عبر 30 بطولة دوري بمختلف أرجاء العالم للتعرف على اللاعبين الذين يبخس حقهم. ولا يمكنني فعل ذلك عبر 20 ألف لاعب وعدة مواسم».
ومع هذا، يعتقد كنوتسون اليوم أن ثمة سبيلاً موثوقاً بها يمكن الاعتماد عليها لتقييم الفرص وحراس المرمى. ويكمن العنصر المحوري هنا في أنه أصبح من الممكن اليوم متابعة سرعة كل تسديدة بالكرة على مستوى الدوري الممتاز (وكما هو متوقع، يأتي كل من رياض محرز وهاري كين في صدارة اللاعبين الذين يسددون الكرة باتجاه المرمى من مسافة بعيدة)، كما توضح البيانات المركز المحدد الذي يقف به كل لاعب وقت انطلاق الكرة، وما إذا كان الحارس واقفاً في مكانه أو يتحرك أو جاثماً على الأرض.
ويوفر هذا الأمر لأي كشاف أو محلل ثروة هائلة من المعلومات، ويعني أنه أصبح باستطاعتنا تقييم وقت رد فعل حارس المرمى ومدى ملاءمة المركز الذي يتخذه مقارنة بحراس مرمى آخرين في بطولات دوري أخرى، وأخيراً مدى براعته في التصدي للكرات. ويرى كنوتسون أن هذا الأمر قد يحدث تغييراً هائلاً على صعيد تقييم حراس المرمى. وبالاعتماد على هذه البيانات، وضع زميله في «ستاتسبوم»، ديريك يام، قائمة بترتيب حراس المرمى في الدوري الممتاز في موسم 2017 - 2018. ومثلما هو متوقع، تصدر الإسباني ديفيد دي خيا حارس مانشستر يونايتد القائمة، ذلك أنه اخترق شباكه عدد أهداف أقل عن كل حراس المرمى في المتوسط بناءً على عدد الكرات التي صوبت تجاهه. أما بيتر تشيك، حارس مرمى آرسنال، فجاء في المركز الأخير، وذلك لاختراق شباكه 6 أهداف أكثر عن المتوقع (ولم يكن حارس ليفربول سيمون مينيوليه بعيداً عنه بكثير). ومع أننا ندرك جميعاً أن دي خيا أفضل من تشيك، فإن وجود مثل هذه الأرقام يوفر صورة أفضل بكثير عن قيمة كل منهما. ومثلما أوضح كنوتسون، فإن «اختراق شباك الحارس 8 أهداف أقل عن المتوسط خلال عام يشكل إنجازاً هائلاً. ويمكنك قلب المثال إلى العكس والتفكير في مهاجم يسجل 10 أهداف في العام ويبلغ سعره 20 مليون جنيه إسترليني. وتبعاً للعمر وعدد من العوامل الأخرى، فإن 8 أهداف إضافية بالدوري قد ترفع قيمة مهاجم ما 3 أضعاف».
ووفقاً للإحصائيات والمستوى على مدار مواسم متتالية، من المفروض أن يصل سعر دي خيا وأمثاله من الدرجة نفسها إلى 50 مليوناً أو 60 مليون جنيه إسترليني. لذا من المعتقد أنه لا يوجد شخص من يوفنتوس قام بتقدير قيمة بوفون بالنسبة لما تقاضاه من أجر بالمقارنة مع ما قام به من تصديات على مدار المواسم المختلفة والدور الذي لعبه ليقود فريقه إلى 7 ألقاب دوري متتالية.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».