مدوّن جزائري يواجه الإعدام بتهمة «التخابر» مع إسرائيل

TT

مدوّن جزائري يواجه الإعدام بتهمة «التخابر» مع إسرائيل

طلبت منظمة العفو الدولية من السلطات الجزائرية، الإفراج عن المدون تواتي مرزوق، الذي يواجه عقوبة الإعدام، على إثر اتهامه بـ«التخابر مع قوى أجنبية». وترتكز التهمة إلى وقائع تعود إلى مطلع العام الماضي، حينما أجرى المدون حوارا مع أحد المتحدثين باسم الحكومة الإسرائيلية، عن طريق خدمة «سكايب»، تناول احتجاجات وقعت بالجزائر، أشيع بأن لإسرائيل يدا فيها. ونشرت المنظمة الحقوقية أمس، عبر مكتبها بالجزائر، تقريرا عن السجين مرزوق، جاء فيه أن محاكمته المنتظرة اليوم «تستند إلى تهم تجسس ملفقة ذات صلة بتعليقات له على الإنترنت، وهي بمثابة وصمة أخرى في سجل حقوق الإنسان في البلاد، وذلك قبل انعقاد الجلسة الافتتاحية للمحاكمة».
وذكرت «أمنستي» أن مرزوق (32 سنة) «يواجه تهما تتصل بتعليقات له على (فيسبوك)، وبث مقطع فيديو على (يوتيوب)، تدعي السلطات أنه يحرض فيها على اضطرابات مدنية، وهو قيد الاحتجاز منذ يناير (كانون الثاني) 2017».
وأضافت المنظمة: «لقد أجرت منظمة العفو الدولية فحصا على وثائق المحكمة التي أدرجت كـ(أدلة)، منها التعليقات التي نشرها تواتي قبل إغلاق حسابه على (فيسبوك)، وموقعه على شبكة الإنترنت، فوجدت أنها لا تنطوي على تحريض على العنف أو الدعوة إلى الكراهية؛ بل إن تعليقاته مكفولة بحرية التعبير، فيما يتعلق به كمواطن. ولذلك تعتبر المنظمة مرزوق تواتي سجين رأي محتجزا لمجرد تعبيره عن آرائه السلمية».
ونقل التقرير عن هبة مرايف، مديرة البرنامج الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، أن «كل يوم يقضيه مرزوق تواتي في السجن نقطة سوداء إضافية في ممارسات الحكومة حيال حقوق الإنسان في البلاد. فمن المثير للسخرية أن تعليقاً على (فيسبوك) يعبر عن رأي سلمي يمكن أن يؤدي بصاحبه إلى عقوبة الإعدام. إن تواتي يمثل جيلاً تحطمت أحلامه وآماله في بلد تم فيه تقويض حرية التعبير بشكل متكرر».
من جهته، قال دبوز محامي تواتي لـ«الشرق الأوسط» إنه متهم بـ«ربط صلات مع قوى أجنبية والتخابر معها، بغرض إلحاق ضرر بالجيش والدبلوماسية الجزائريين، وبالمصالح الاقتصادية للبلد».
يشار إلى أنه في 24 من أكتوبر (تشرين الأول) 2017، أحالت دائرة الاتهام في محكمة بجاية (شرق) القضية إلى المحكمة الجنائية، متهمة مرزوق تواتي بـ«التحريض على حمل السلاح ضد سلطة الدولة، والتحريض على التجمهر غير المسلح، والاتصال باستخبارات أجنبية بهدف الإضرار بمصالح البلاد». أما التهمة الأخيرة، وهي أخطر ما يواجه المدون الذي يدير موقعا سماه «الحقرة» (الظلم)، فمرتبطة بتصريحات لوزير السكن السابق عبد المجيد تبون، جاء فيها أن إسرائيل متورطة في «الربيع العربي». وقد جاء ذلك في سياق حديثه عن «حساسية الجزائر» من مسألة تغيير النظام، أسوة بما جرى في الجارة تونس. وعلى هذا الأساس اتصل مرزوق بباسم حسين كعبية، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليسأله عن حقيقة «تورط إسرائيل» في الأحداث التي عاشتها بلدان عربية، وما إذا كانت الجزائر «مستهدفة من طرف إسرائيل»، كما قال الوزير تبون.
ورد كعبية مبديا استغرابا لاتهامات تبون بالقول: «هناك مثل شائع عندنا يقول: (تحبل في الشام وتخلف في إسرائيل!) أقترح على الوزير الجزائري البحث عن فرص عمل للجزائريين، وإيجاد حل لهجرة أبناء الجزائر (سرا) إلى أوروبا، فليس لإسرائيل أي علاقة مع الربيع العربي. أما الجزائر وإسرائيل فهما أصدقاء، ولا يوجد صراع بيننا وبينكم، فنحن لدينا مشكلة فلسطين، ولا يمكن أن تكون لنا علاقة سيئة مع الجزائر، طالما لا توجد معها حدود».
وتحدث كعبية في حواره مع تواتي عن وجود «ممثلية إسرائيلية بالجزائر»، على غرار دول مغاربية أخرى، اشتغلت، حسبه، في تسعينات القرن الماضي، وتم إغلاق مكتبها عام 2000 من دون أن يذكر الأسباب.
ولم يسبق أن عُرف أي وجود إسرائيلي في الجزائر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.