تأكيدات فلسطينية بقرب تعافي عباس

بقاؤه في المستشفى يفتح باب الإشاعات والأسئلة حول «الفراغ» و«خليفته المحتمل»

صورة وزعتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية مساء أمس لعباس داخل المستشفى في رام الله
صورة وزعتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية مساء أمس لعباس داخل المستشفى في رام الله
TT

تأكيدات فلسطينية بقرب تعافي عباس

صورة وزعتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية مساء أمس لعباس داخل المستشفى في رام الله
صورة وزعتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية مساء أمس لعباس داخل المستشفى في رام الله

بقي الرئيس الفلسطيني لليوم الثاني في المستشفى الاستشاري في رام الله، مثيرا كثيرا من القلق المحلي والإقليمي، حول مستقبل السلطة الفلسطينية في حال غيابه.
وعلى الرغم من أن مساعدي عباس بثوا كثيرا من الطمأنينة حول صحته، فإن مجرد بقائه في المشفى وهو في سن الـ82، من دون أن يشرح أي طبيب حالته الصحية بوضوح وتفصيل، فتح الباب لإشاعات كثيرة وتصريحات وتحليلات حول وضعه الصحي، ومستقبل السلطة الفلسطينية.
وفيما أخذت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» تبث بيانات وتصريحات حصرية لأطباء عباس حول صحته، بثت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير مختلفة حول صحته «الخطيرة» و«المستقرة»، وحول خليفته المحتمل كذلك.
وفي الوقت الذي بثت فيه الوكالة الرسمية خبرا حول تلقي عباس، أمس، اتصالا هاتفيا من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اطمأن فيه على صحته، متمنيا له موفور الصحة والعافية، بثت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير تقول إن صحته غير مطمئنة.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر، أن عباس يعاني من التهاب خطير في الرئتين وارتفاع حرارة جسمه، وأن المشكلة هي في عمره المتقدم. وذهبت بعض المواقع إلى القول إنه وزع صلاحياته على عدد من المسؤولين الفلسطينيين، واخضع البعض عددا من المسؤولين إلى تحليلات عميقة، حول من يصلح لخلافة الرجل.
لكن مصادر في محيط الرئيس قالت لـ«الشرق الأوسط» إن صحته تحسنت اليوم، بعدما انخفضت حرارته وتمت السيطرة عليها.
وكان عباس قد عانى من ارتفاع شديد في الحرارة، نتيجة التهاب رئوي وفي القصبات الهوائية، ما جعل تنفسه صعبا بعض الشيء.
ولم يتقرر متى يغادر عباس المشفى، إذ ينصح الأطباء ببقائه تحت المراقبة للاطمئنان.
وهذه هي المرة الثالثة التي يدخل فيها عباس المشفى خلال أسبوع واحد.
وكان عباس أدخل أول مرة يوم الثلاثاء الماضي، وخضع لجراحة صغيرة في الأذن الوسطى، ثم خرج بعد ذلك بساعات؛ لكنه أعيد إلى المشفى يوم الجمعة، ثم عاد الأحد، وبقي هناك.
وأثار دخول عباس المتكرر مخاوف على صحته، وفتح الباب لاجتهادات تتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية.
وأكثر ما يثير القلق في رام الله ودول قريبة، أنه لا يوجد خليفة معروف لعباس، في حين يوجد خلاف كبير سياسي وقانوني بين «فتح» و«حماس» حول المجلس التشريعي المعطل، الذي يفترض أنه لو كان على رأس عمله فسيحل مشكلة أي فراغ رئاسي.
وينص القانون الفلسطيني الأساسي على أن يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني رئاسة السلطة بشكل مؤقت، لمدة لا تتجاوز 60 يوما، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وتقول «حماس» إن رئيس المجلس التشريعي عبد العزيز الدويك، وهو «حمساوي»، وحاز على منصبه بعد فوز «حماس» بالانتخابات التشريعية عام 2006، وهو من يفترض أن يحل محل عباس؛ لكن حركة فتح تعتبر المجلس برمته بحكم المعطل، ولا تعترف برئاسة المجلس الأخيرة، باعتبار أن المجلس يحتاج إلى دعوة من عباس لانعقاده، ومن ثم انتخاب هيئة رئاسية جديدة.
ويعد المجلس الآن بحكم غير القائم.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الوطني بصفته مرجعية السلطة، وينوب عن التشريعي، سيقرر في حالة أي مفاجآت.
وأضافت المصادر: «في حالة أي غياب قهري للرئيس، سيتولى رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون المهمة لحين إجراء انتخابات، باعتبار المجلس الوطني أعلى مرجعية تشريعية للفلسطينيين، ويضم المجلس التشريعي».
ولم تعلن حركة فتح التي تسيطر على منظمة التحرير والسلطة، عن اختيارها خليفة محتملا لعباس، وتجنبت الخوض في الموضوع بشكل مباشر لأسباب معروفة. لكن عباس عين قبل نحو عام، محمود العالول عضو مركزية حركة فتح، نائبا له في الحركة، ويتوقع أن يواجه العالول تنافسا شرسا من مسؤولين آخرين داخل «فتح»، بينهم جبريل الرجوب عضو «المركزية» القوي، ومروان البرغوثي عضو «المركزية» المعتقل في السجون الإسرائيلية.
وبرزت أسماء أخرى مرشحة لخلافة عباس، وغابت أسماء.
وقالت مصادر في «فتح» لـ«الشرق الأوسط»: «المسألة لم تحسم؛ لكن (فتح) تعرف كيف تتوحد». وأضافت: «(فتح) طالما توحدت تحت الخطر».
وتولى عباس منصبه بعد وفاة ياسر عرفات عام 2004، وهو حالياً رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس حركة فتح.
ولم ترد تقارير أمس عن استعدادات خاصة للجيش الإسرائيلي أو القوى الأمنية الفلسطينية، ولم يبد أن شيئا تغير في رام الله استعدادا لمرحلة جديدة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، إن وضع عباس الصحي ممتاز، وفحوصاته مطمئنة، وإنه سيغادر اليوم أو غدا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.