النائب سامي فتفت: الصراعات لا تحل مشكلات الناس

أصغر أعضاء البرلمان الجديد يرفض التهاون في مواجهة سلاح «حزب الله»

النائب سامي فتفت
النائب سامي فتفت
TT

النائب سامي فتفت: الصراعات لا تحل مشكلات الناس

النائب سامي فتفت
النائب سامي فتفت

سجّلت نتائج الانتخابات النيابية في لبنان دخول أكبر عدد من الشباب إلى الندوة البرلمانية، مقارنة بالدورات السابقة، وكان أصغرهم سناً سامي فتفت ابن الـ28 عاماً، وهو نجل عضو «كتلة المستقبل» النائب أحمد فتفت، ليكون أحد الذين ورثوا مقاعد آبائهم التي شغلوها لعقود.
اكتسب سامي فتفت السياسة عن والده منذ نعومة أظفاره، قبل أن يلتحق بـ«ثورة الأرز» التي اندلعت غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005، ولم يكن يومها قد أتمّ الخامسة عشرة من عمره، ليتبوّأ اليوم منصب والده، بقرار من رئيس «تيّار المستقبل» سعد الحريري، الذي رشّحه عن المقعد السنّي في منطقة الضنية (شمال لبنان) خلفاً لوالده أحمد فتفت، بعد عزوف الأخير عن الترشح لدورة جديدة.
يؤكد فتفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «دخول عنصر الشباب إلى المجلس النيابي يفترض أن يقدّم طريقة عمل جديدة، تعتمد المرونة والحوار مع الآخرين داخل البرلمان، بدل الصدامات والمناكفات، مع التمسك بمبادئنا ومسلماتنا السيادية». ويقول: «ستكون لدينا حرية الاختيار في اتخاذ المواقف، وأسلوب جديد في مقاربة القضايا المطروحة، ولكن سنكون حازمين عند اللزوم»، مؤكداً أن «الأمور تبقى رهن التحالفات التي ستتشكّل مع تأليف الحكومة، ونحن سنكون ضمن التحالف الذي يتلاءم مع مبادئ (تيار المستقبل) ومصلحة البلد».
ورغم أن ظروف البلد تحتاج لمعالجات بعيدة عن التشنجات التي توتّر الشارع، يرفض النائب الشاب بوضوح «أي مساومة على القرارات السيادية أو التهاون بمسألة سلاح (حزب الله)، أو التفريط بالقرارات الدولية، التي نتمسّك بها حتى النهاية». ويلفت في الوقت نفسه إلى أن «(تيار المستقبل) لا يزال في مرحلة (ربط نزاع) مع الفريق الآخر (حزب الله)، ويقدّم استقرار البلد السياسي والأمني والاقتصادي على كلّ الخلافات الأخرى، لأن الناس تحتاج إلى إنماء وخدمات وحلول لمشكلاتها، وليس إلى الصراعات».
واللافت أن مرونة النائب الشاب تخالف كاريزما والده النائب أحمد فتفت، أحد أبرز صقور «المستقبل» وأكثرهم تمرّداً على قرارات التيار، بدءاً من عام 2004 عندما غرّد خارج سرب كتلة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ورفضه التصويت لصالح التمديد للرئيس إميل لحود متحدياً إرادة الوصاية السورية، وكان أبرز الرافضين للتسوية التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وأول المعترضين على قانون الانتخابات النسبي، الذي لا يحقق توازنا بوجود سلاح «حزب الله» غير الشرعي وتأثيره على مجريات العملية الانتخابية.
ويتوقّع النائب المنتخب سامي فتفت أن يقدّم النواب الشباب «ممارسة سياسية مختلفة عن السنوات التسع الماضية»، ويشير إلى أن «الجيل الشاب من النواب عليه أن يقدّم رؤى للحلول والإنماء وخلق فرص عمل للشباب». ويقول: «لا شكّ في أن النائب الشاب سيكون صاحب صوت عالٍ، ولكن ليس على حساب البلد». وبرأيه؛ فإن الناس «ملّت من الخطابات النارية ومن الوعود غير المجدية»، مؤكداً أن المواطن «بات قادراً على المحاسبة، ومن حقه أن يحاسب النائب الذي منحه صوته بعد 4 سنوات، وربما هذه القوّة الوحيدة للقانون الانتخابي الجديد»، عادّاً أن «(كتلة المستقبل) أكبر كتلة حزبية في البرلمان، وستشكّل رافعة لكل المشروعات الإنمائية التي قدمها الرئيس سعد الحريري إلى مؤتمر (سيدر)، والتي ينتظرها البلد للنهوض بالواقع الاقتصادي والإنمائي لكل المناطق».
ويشهد «تيار المستقبل» ورشة تجديد غداة القرارات التي اتخذها رئيسه سعد الحريري بعد الانتخابات، التي لم تكن نتائجها على قدر طموحات جمهور «المستقبل» في كلّ لبنان، وبرأي فتفت، فإن «ورشة التغيير التي أطلقها الرئيس الحريري داخل التيار ليست ارتجالية ولا بدافع الانتقام، بل مبنية على دراسات واقعية تمثّل صوت الناس الذي سمعه الرئيس الحريري في المناطق التي زارها، وعلينا أن ننتظر النتائج لا أن نتسرّع في إعطاء التفسيرات»، كاشفاً أن الحريري «سيعتمد على جيل الشباب القريب من الناس ويتفاعل معهم، ويوصل أفكارهم إلى القيادة، ونحن بحكم قربنا من الناس، سنكون على قدر الأمانة التي أولانا إياها الناخبون».
ورغم كل القراءات التي تتحدث عن خسارة مدوية لـ«المستقبل» في الانتخابات، يؤكد سامي فتفت أن هذه الانتخابات «كرّست الرئيس الحريري أقوى زعيم سنّي، وكرسته حالة وطنية عابرة للطوائف والمناطق لا يمكن تجاهلها، وهو وحده من يحمل خطاباً سياسياً، يمثّل الدولة والشرعية التي كان يعرفها لبنان قبل الحرب الأهلية»، لافتاً إلى أن «خطاب الرئيس الحريري الانفتاحي يمثل كلّ اللبنانيين، لأن الشعب اللبناني سئم الشعارات ويريد حلولاً لمشكلاته». وغمز فتفت من قناة الوزير السابق أشرف ريفي، قائلاً إن «الخطاب الناري لم يأت بحاصل انتخابي لأصحابه، ولم يؤمن فوزهم بالانتخابات».
وعمّا يحكى عن تشكيل تكتل نيابي في شمال لبنان، يضّم كتلة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي المؤلفة من 4 نواب، مع الوزير السابق فيصل كرامي والنائب جهاد الصمد وتيار «المردة» برئاسة سليمان فرنجية، قال فتفت: «نحن منفتحون على الجميع، ومستعدون للتعاون من أجل الشمال، لكن نحن أكبر كتلة نيابية في الشمال، وعلى الآخرين أن يتعاطوا معنا على هذا الأساس»، مؤكداً أن الشمال «صوّت لنهج سعد الحريري، وبالتالي لا يمكن تجاهل إرادة الناخب وخياراته، وبالتالي يستحيل على أحد تجاوزنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».