تسبب إطلاق النار في مدرسة ثانوية بفلوريدا في فبراير (شباط) الماضي، في عبئة غير مسبوقة. إلا أن رد الفعل في تكساس حيث لقي عشرة أشخاص مصرعهم الجمعة، لم يكن مماثلاً ولم ينتقد أحد تقريباً قوانين حمل الأسلحة النارية.
ففي قرية «سانتا في» الريفية الصغيرة جنوب الولاية، اعتبرت التلميذة توري وايت أنه «لو كان المهاجم يريد إطلاق النار في المدرسة، لكان فعل ذلك» حتى بوجود قانون صارم حول الأسلحة في الولايات المتحدة، التي يعيش فيها ثلث الأطفال وسط عائلات تمتلك سلاحاً واحداً على الأقل، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكان مطلق النار ديميتريوس باغورتزيس واحداً منهم. ففي السابعة عشرة من عمره، أخذ هذا التلميذ في المدرسة الثانوية قطعتي سلاح من والده وأطلق النار على عشرين شخصاً، قتل عشرة منهم في مستهل اليوم الدراسي الجمعة. وبعد حادثة باركلاند، قام تلامذة مدرسة «مارجوري ستونمن دوغلاس» في فلوريدا برد فعل مختلف جداً على مقتل 17 شخصاً في ثانويتهم؛ مما حمل أكثر من مليون شخص يشكل الشباب أكثريتهم، على النزول إلى الشوارع للمشاركة في مسيرة: «فلنمش من أجل حياتنا».
وقال جوردان فلوريس، التلميذ السابق في ثانوية سانتا في، لوكالة الصحافة الفرنسية السبت، إن هذه التعبئة التي لم تحمل المسؤولين السياسيين على تغيير الأمور «لن تحصل هنا».
ومع اثنين من أصدقائه، جاء حاملاً حلويات إلى عناصر الشرطة المتمركزين أمام بوابة المدرسة التي تخرّج فيها في 2015، وأكد أن ثقافة الأسلحة راسخة في هذه الزاوية من تكساس، ودليله على ذلك ردة فعله عندما تناهت إليه معلومات تفيد بأن المدرسة الثانوية قد وضعت تحت المراقبة في وقت سابق من هذه السنة. فقد سارع آنذاك في المجيء إلى المدرسة مع أصدقاء مدججين بالسلاح.
ويتذكر تلك اللحظات قائلاً: «لقد ذهبنا إلى المدرسة. كنت أحمل مسدساً على خاصرتي وبندقية على كتفي». وأضاف أن لا معنى للاعتقاد بأن الأسلحة مسؤولة عن المآسي. وتابع هذا الشاب المتحدر من تكساس: إن «عوامل خارجية» تفسرها، كسوء التربية وضغط شبكات التواصل الاجتماعي أو المشاكل النفسية أيضاً.
وتطبق في الولاية الشاسعة في جنوب الولايات المتحدة قوانين تعد من بين الأكثر تساهلاً في البلاد على صعيد الأسلحة. وقد لفت حاكمها الجمهوري، غريغ أبوت، الأنظار إليه في 2015 عندما كتب في تغريدة: «أشعر بالارتباك: تكساس هي الثانية في البلاد على صعيد شراء الأسلحة النارية الجديدة، بعد كاليفورنيا»، داعياً «سكان تكساس إلى تسريع خطاهم».
قبل ستة أشهر فقط، لبست تكساس ثوب الحداد جرّاء حادثة إطلاق نار أخرى في كنيسة في ساذرلاند سبرينغس، حيث لقي 25 شخصاً منهم امرأة حامل، مصرعهم، خلال قداس. وقبل ذلك، حصل إطلاق نار في قاعدة فورت هود العسكرية أسقطت 13 قتيلاً في 2009. ومطعم «كيلين» التي خلّفت 22 قتيلاً في 1991.
لكن في سانتا في، تسود النظرية التي يؤيدها اللوبي المؤيد لحمل السلاح، والتي تفيد بأن المواطنين المسلحين وذوي النيات الحسنة غالباً ما يكونون أفضل من يتصدى لمطلق للنار، مبررين هذا الموقف بأن مجزرة ساذرلاند انتهت بعد أن قُتل مطلق النار بعدد كبير من الرصاصات إثر مطاردة قام بها مدنيان اثنان.
ويرى بعض سكان «سانتا في» بأنه بدلاً من أن تنظر السلطات في سبل الحد من الحصول على الأسلحة النارية، يفترض أن تقوم بدراسة طرق للتعامل مع الأمراض العقلية أو تسليح الأساتذة.
ويقول والد أحد التلاميذ، إن الأسلحة كانت دائماً جزءاً من حياته اليومية، وأضاف: «عندما كنا تلامذة، كانت لدينا رفوف للبنادق في سيارات الـ(بيك آب). وكان أصدقائي يذهبون للصيد في تلك الغابات قبل بدء الدروس». وقال: «هذا ليس خطأ الأسلحة».
إلا أن بعض الأصوات تتعالى في هذه المناطق المحافظة. فقد كان ساندي ولوني فيليبس، الوالدان اللذان قتلت ابنتهما خلال مجزرة سينما أورورا (كولورادو) في 2012، موجودين أمام ثانوية سانتا في السبت.
وبعد وفاة ابنتهما قبل نحو ست سنوات، قررا القيام بجولة في الولايات المتحدة على متن سيارة - مخيم، من أجل تقديم النصيحة للتلامذة والأهل الذين يواجهون المآسي. وقد زارا حتى الآن تسعة أماكن حصل فيها إطلاق للنار. وتساءلت ساندي التي كانت تعلق صورة ابنتها على ثيابها «أليس الأمر مؤسفاً؟ أليس محزناً؟». وأضافت: «عندما يكون لديهم 300 مليون قطعة سلاح في الشوارع، فمن السهل حصول عمليات إطلاق نار». وخلصت إلى القول، إنه «من العبث التأكيد أن الأسلحة لا تسبب لنا مشكلة».
تكساس ترفض مناقشة قوانين حمل السلاح بعد حادثة «سانتا في»
تكساس ترفض مناقشة قوانين حمل السلاح بعد حادثة «سانتا في»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة