لافروف يوضح كلام بوتين: باقون في سوريا ما دام الأمر يتطلب ذلك

TT

لافروف يوضح كلام بوتين: باقون في سوريا ما دام الأمر يتطلب ذلك

شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على عزم القوات العسكرية الروسية البقاء في سوريا «حتى تنجز كل مهامها». وتجنب الوزير الروسي تحديد سقف زمني، مشيراً إلى أن مهمة بلاده في سوريا لم تنتهِ بعد، ووجودها العسكري «سيستمر ما دامت القيادة السورية الشرعية» تحتاج إليه.
وجاء حديث لافروف بعد مرور يومين على إعلان الرئيس فلاديمير بوتين ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا مع انطلاق عملية التسوية السياسية. وأثار الإعلان الذي أطلقه بوتين بحضور رئيس النظام بشار الأسد نقاشات واسعة حول تغير في الموقف الروسي حيال الوجود الإيراني في سوريا ووجود «حزب الله» والميليشيات الأخرى التابعة لإيران. لكن موسكو شددت مباشرة على أن الحديث لا يتعلق بوجودها في سوريا، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن «روسيا موجودة بدعوة من الحكومة الشرعية».
وهو أمر تعمد لافروف، أمس، تأكيده، وقال في مقابلة صحافية رداً على سؤال حول الفترة التي تخطط روسيا للبقاء خلالها في سوريا، إن العسكريين الروس منتشرون في هذه البلاد منذ عام 2015 «بدعوة من الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية، التي توجهت إلى روسيا بطلب مساعدة في شأن محاربة الإرهاب وإحلال استقرار الوضع في البلاد وخلق ظروف ملائمة للتسوية السياسية للأزمة الحادة المستمرة».
وزاد الوزير الروسي: «إن الكثير من المهمات التي جرى تحديدها نُفِّذت بشكل ناجح، وتم تحقيق الأهداف، وبلادنا ساهمت بصورة حاسمة في دحر البؤرة السياسية العسكرية للإرهاب الذي جسده تنظيم داعش، وبعد ذلك، في ديسمبر (كانون الأول) 2017، تم سحب الجزء الكبير من المجموعة العسكرية الروسية من أراضي سوريا». مشدداً في الوقت ذاته على أن «مهمة روسيا في سوريا لم تنته»، ولفت إلى استمرار عمل المركز الروسي لمصالحة الأطراف المتناحرة، وتزايد نشاط العسكرية في المساعدة على تأمين الوضع في المناطق التي تمت السيطرة عليها، وأضاف أن «عمل قاعدتي حميميم وطرطوس يلبي بدوره حاجات مهمة». وقال لافروف إنه «من المنطقي الانطلاق من أن وجودنا في سوريا سيستمر ما دامت تحتاج إليه القيادة السورية الشرعية والشعب السوري الصديق».
وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرينيتيف، قد أوضح في وقت سابق أن إعلان بوتين حول سحب القوات الأجنبية يخص «كل الأطراف باستثناء روسيا». وزاد: «هذا التصريح يخص كل المجموعات العسكرية الأجنبية، التي توجد على أراضي سوريا، بمن فيهم الأميركيون والأتراك و(حزب الله) والإيرانيون بطبيعة الحال».
وشدد لافرينيتيف على أن كلام الرئيس الروسي في هذا الشأن يمثل «رسالة سياسية»، لكنه دعا إلى عدم النظر إليه كبداية لعملية انسحاب القوات الأجنبية من سوريا، موضحاً أن «هذه المسألة معقدة للغاية، لأنه يجب تنفيذ هذه الإجراءات جماعياً، وينبغي أن تبدأ هذه العملية (سحب القوات الأجنبية) بالتوازي مع بدء الاستقرار وإطلاق العملية السياسية، لأن الجزء العسكري يقترب من نهايته، والمواجهة تشهد حالياً مرحلة نهائية».
على صعيد آخر، انتقدت الخارجية الروسية بشدة تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بشأن هجوم كيماوي مفترض وقع ببلدة سراقب السورية في 4 فبراير (شباط) الماضي، ووصفت في تعليق صدر عن إدارة المعلومات في الوزارة التقرير بأنه «لم يصدر بعد إجراء تحقيق مستقل وشامل».
ورأى التعليق الروسي أن «الهدف الوحيد كان الاعتماد على المواد المزورة التي يقدمها خصوم دمشق للتشهير بالحكومة الشرعية»، معرباً عن «أسف موسكو مجدداً لتركيز البعثة في المقام الأول على اتخاذ مواد وشهادات مقدمة من قبل منظمة (الخوذ البيضاء) مصدراً رئيساً للأدلة على استخدام الأسلحة الكيماوية في سراقب».
وأضافت الوزارة أن موسكو كشفت أكثر من مرة لجوء نشطاء «الخوذ البيضاء» إلى نشر معلومات كاذبة والتلاعب بالحقائق، إضافة إلى مشاركتهم في «مسرحيات» استفزازية، مثل حادثة دوما.
وانتقد التعليق إصرار البعثة على التعامل مع أشرطة فيديو واستجواب بعض الشهود لإثبات مصداقية العينات المأخوذة من مكان الهجوم المفترض بدلاً من قيام خبراء البعثة أنفسهم بجمع المعلومات الضرورية. وأشارت الوزارة إلى أن هذا الأسلوب يناقض المبدأ الأساسي لأداء البعثة، والذي يقتضي التقيد الصارم بتسلسل الإجراءات وضمان سلامة الأدلة المادية منذ انتقائها من قبل خبراء المنظمة حتى وصولها إلى مختبر معتمد من أجل تحليلها.
وكانت المنظمة قد أصدرت تقريراً، رجّحت فيه أن يكون غاز الكلور قد استُخدم في هجوم وقع في محافظة إدلب في شهر فبراير الماضي. ولم تشر إلى الجهة المسؤولة عن استخدام هذه المادة، إلا أنها أكدت أن نتائج تحليل العينات في مختبراتها أثبتت وجود مادة الكلور.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.