البرلمان التونسي يفشل في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية

تمثل ركناً أساسياً في مسار الانتقال الديمقراطي للبلاد

TT

البرلمان التونسي يفشل في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية

فشل البرلمان التونسي أمس في انتخاب أربعة من أعضاء المحكمة الدستورية، البالغ عددهم الإجمالي 12 عضوا، وذلك في ظل اتهامات متبادلة بمحاولات تعطيل إرساء هذه المحكمة، والاستحواذ على سلطة القرار بداخلها.
وتتشكل هذه المحكمة من أربعة مرشحين، تقدمهم رئاسة الجمهورية، بينما يقدم المجلس الأعلى للقضاء العدد نفسه، فيما ينتخب البرلمان التونسي الأعضاء الأربعة المتبقين، حتى يتم تشكيل هذه المحكمة، التي تمثل ركنا أساسيا في مسار الانتقال الديمقراطي للبلاد.
وبعد أن نجحت رئاسة الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء في اختيار ثمانية أعضاء، عجز البرلمان عن اختيار مرشحيه بسبب عدم قدرته على تجاوز الخلافات التقليدية بين الكتل البرلمانية، خاصة بين الأحزاب ذات التوجه الليبرالي والأحزاب اليسارية.
واعتبرت سامية عبو، القيادية في حزب التيار الديمقراطي المعارض، أن عدم التوصل لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية «كان بسوء نية من قبل نواب حزبي النهضة والنداء، لأنهم تعمدوا التغيب عن الجلسات العامة المخصصة لانتخاب أعضاء المحكمة»، وهي اتهامات رفضتها أحزاب الائتلاف الحاكم، ودعت إلى توافق سياسي حول طريقة انتخاب المرشحين.
واختلفت مواقف ممثلي الأحزاب السياسية في البرلمان حول التصويت على المرشحين، حيث انتخب نواب البرلمان إحدى المرشحات خلال جلسة سابقة بأغلبية الثلثين، فيما سعى ممثلو أحزاب الائتلاف الحاكم إلى انتخاب بقية الأعضاء بحساب الأغلبية المطلقة، أي 109 أصوات، وهو ما أخل بمبدأ المساواة بين المترشحين، وعطل إجراءات المرور إلى التصويت.
وللمرة الثالثة على التوالي فشل نواب البرلمان خلال مارس (آذار) الماضي في انتخاب ثلاثة أعضاء للمحكمة الدستورية، من أصل أربعة، بعد أن تم انتخاب المترشحة روضة الورسيغني بأغلبية 150 صوتا في جلسة عامة سابقة. وتتزايد مخاوف المعارضة من المحاصصة الحزبية في تركيبة المحكمة الدستورية، خاصة على مستوى الأعضاء الأربعة، الذين يعينهم الرئيس الباجي قائد السبسي، مؤسس حزب حركة نداء تونس، وهو ما أكده غازي الجريبي، وزير العدل، حينما أوضح أن ترشيح أعضاء المحكمة من قبل طرف سياسي أو نقابي يبعده كثيرا عن الحياد والاستقلالية. معتبرا أن قانون المحكمة الدستورية الحالي يحمل تناقضا كبيرا في محتواه. فمن جهة يشترط في أعضاء المحكمة الاستقلالية والحياد السياسي، ومن جهة ثانية يخول للكتل النيابية داخل البرلمان ترشيح أعضائها.
وبشأن تعطل إجراءات إرساء المحكمة الدستورية، قال المنجي الرحوي، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية المعارض، إن «تونس في حاجة ماسة إلى إرساء محكمة دستورية تحمي الحقوق والحريات، وتراقب بقية السلطات، وتحمي من التجاوزات والخروقات، خاصة على مستوى القوانين التي تمررها الأغلبية الحاكمة». واتهم حزبي نداء تونس والنهضة بالعمل على تنفيذ محاصصة حزبية داخل المحكمة الدستورية، وتفصيلها على المقاس، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، فشل البرلمان أمس في تمرير مجموعة من مشروعات القوانين والمصادقة عليها، وذلك بسبب تواصل غياب النواب، مما عطل عمليات التصويت التي تتطلب على الأقل حضور 109 نواب من إجمالي 217 عضوا. ولم يتمكن البرلمان من استكمال جدول أعماله خلال جلستين برلمانيتين (الأربعاء والخميس)، كان من المفروض أن تصادق على سبعة مشروعات قوانين.
وكان البرلمان قد أعلن خلال الشهر الماضي خصم رواتب 14 نائبا تغيبوا عن الجلسات العامة، وجلسات اللجان البرلمانية، ومن المنتظر أن يستمر اتباع الإجراءات نفسها تحت ضغط رؤساء الكتل البرلمانية، الذين اتهموا النواب بتعمد تعطيل عمليات التصويت، وبالتالي عدم الحصول على النصاب القانوني، وتأجيل النظر في القوانين خاصة المثيرة للجدل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».