بعد حملة المقاطعة... المغاربة يطالبون الدولة بضبط الأسعار

تقرير يؤكد أن أرباح بعض شركات بيع الوقود وصلت إلى 996 %

TT

بعد حملة المقاطعة... المغاربة يطالبون الدولة بضبط الأسعار

قال محللون مغاربة إن على الدولة إقرار آلية لمراقبة الأسعار في ظل «تحرير عشوائي» للأسعار، وذلك بعد قيام شريحة كبيرة من الشعب المغربي بمقاطعة ثلاث شركات كبرى لأكثر من 4 أسابيع في حملة ترمي لتخفيض الأسعار، وُصفت بالناجحة.
وقال المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي لوكالة «رويترز» للأنباء إنه «يجب في المرحلة المقبلة أن يكون هناك نظام... فالتحرير العشوائي من دون آلية للضغط خطأ كبير». مبرزا أن «قطاع المحروقات قطاع حيوي استراتيجي، ولذلك لا يجب أن يبقى مُحتكَرا... على الحكومة أن تترك المنافسة، وتحدد سقف الأسعار إذا أرادت أن يكون لخطابها مصداقية، وأن يصدقها المغاربة».
وكان نشطاء مغاربة قد قرروا مقاطعة ثلاثة منتجات محلية في حملة غير مسبوقة، استهدفت شركة (سنترال) للحليب المغربية - الفرنسية، التي تبلغ حصتها من السوق 60 في المائة، وشركة (سيدي علي) للمياه المعدنية التي تسيطر على 60 في المائة أيضا في سوقها، وشركة أفريقيا لتوزيع المحروقات، المملوكة لعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري. وقد صعد المغاربة حملتهم التي اتخذت شعار «خليه يريب» بعد صدور تصريحات لمسؤولين حكوميين وتنفيذيين، نعتت المقاطعين «بالخيانة»، قبل أن تتراجع الحكومة وتعتذر على لسان رئيس الوزراء سعد الدين العثماني، الذي طالب بوقف المقاطعة مع بدء شهر رمضان وفتح صفحة جديدة، متعهدا بأن تعمل الحكومة «على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة للدفاع عن المستهلك».
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة خلال اجتماع لمجلس الوزراء أول من أمس، إن «رئيس الحكومة أعلن عن تشكيل لجنة وزارية، تحت إشرافه المباشر، لدراسة أثمنة المنتجات الأكثر تداولا في السوق، التي تدخل في الاستهلاك العادي للمغاربة من أجل اقتراح حلول، حتى نتمكن من تخفيف الضغط على القدرة الشرائية للأسر».
وبدورها، أعلنت وزارة الداخلية المغربية مطلع الأسبوع إطلاق خط هاتفي لتلقي شكاوى المواطنين، والإبلاغ عن حالات الغش وزيادة الأسعار. كما عرضت لجنة برلمانية مغربية تقريرا نهائيا عن أسعار بيع الوقود، جاء فيه أن أرباح بعض شركات بيع الوقود في المغرب وصلت إلى 996 في المائة، بعد إصدار قانون حرية الأسعار والمنافسة في 2014.
وفي حين انخفض سعر النفط في العالم فقد ظل سعر البنزين، حسب بعض المتابعين، مرتفعا في المغرب، الذي يستورد كل حاجاته منه تقريبا. وفي هذا السياق قال عبد الله بوانو، رئيس اللجنة البرلمانية في تصريحات للصحافة: «بعد التحرير ارتفعت الأسعار... وارتفاع أسعار المحروقات انعكس على تكلفة النقل، وبالتالي كان له تأثير مباشر على القدرة الشرائية». مضيفا أن اللجنة أوصت «بتحديد سقف للربح»، كما اعتبر أن شركة «سامير»، التي توقفت عن العمل في 2014 «كانت مرجعا بالنسبة لنا لأنها كانت تقوم بالتكرير، وكنا نعرف ثمن التكرير والتصفية والتكلفة... الشركات ربحت والمواطن بقي مفترسا بين أنياب ارتفاع الأسعار، خاصة في ميدان المحروقات».
وأوضح بوانو أن غياب مجلس المنافسة، وهو مؤسسة تهتم بأداء الأسواق ومحاربة الممارسات الاحتكارية، كان له انعكاسات وخيمة. علما بأن المجلس الذي أنشئ في 2008، ما يزال مجمدا ودون أعضاء بسبب ما يقول مراقبون إنه ضغط «لوبيات اقتصادية قوية ترفض أي سلطة رقابية».
وأضاف أقصبي: «حتى يعطي رئيس الحكومة مصداقية لكلامه ويستمع له المغاربة، يجب أن يتخذ إجراءات عملية. على الأقل أن تعود هذه الأموال إلى خزينة الدولة»، مشيرا إلى الأرباح الطائلة لشركات الوقود بعد تحرير الأسعار، التي تقدرها لجنة تقصي الحقائق بالبرلمان المغربي بمليارات الدراهم.
وبخصوص نتائج حملة المقاطعة، قال أقصبي: «من الواضح أن حملة المقاطعة أظهرت فعاليتها ومصداقيتها لأن الناس ضاق بهم الحال»، مبرزا أن الحديث عن ظهور انعكاسات على الاقتصاد الوطني «هو من باب التهويل ليس إلا... فالمواطن المغربي لم يتوقف عن الاستهلاك، بل توجه إلى علامات تجارية أخرى».
من جهته، قال المحلل الاقتصادي المغربي رشيد أوراز، إن «التهديد بمتابعة المقاطعين أعطى للحملة أبعادا أكبر... بالتالي فقد اضطروا إلى الاعتذار». وأضاف أوراز أن حالة من الترقب تسود في أوساط المواطنين، وأنه «ربما يكون هناك تفعيل لمجلس المنافسة ومراقبة الأسعار، وهذا سيكون هدفا كبيرا حققته حملة المقاطعة».
وتوقع أقصبي أنه «إذا لم تخفض هذه الشركات الأسعار... فستستمر المقاطعة، وتمتد إلى شركات ومواد أخرى، وما أكثرها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».