الشرطة الإسرائيلية تنقض على كل من يرفع علم فلسطين في مظاهرات القدس وضواحيها

عضو البرلمان عائدة توما: يتصرفون كالثور الهائج عندما يرى اللون الأحمر

TT

الشرطة الإسرائيلية تنقض على كل من يرفع علم فلسطين في مظاهرات القدس وضواحيها

على الرغم من الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقيام رؤساء الحكومات الإسرائيلية، منذ اتفاقيات أوسلو في مطلع التسعينات، برفع هذا العلم إلى جانب العلم الإسرائيلي في كل اللقاءات بين قادة الطرفين، تتخذ الشرطة الإسرائيلية في القدس وضواحيها سياسة جديدة تعتبر فيها العلم الفلسطيني «تصرفاً معادياً»، فتهاجم بشراسة من يرفعه، وتصر على إنزاله، وتنفذ اعتقالات في حالات كثيرة في الآونة الأخيرة.
وقد وصفت عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، عايدة توما سليمان، تصرف الشرطة في هذا الشأن، كما شاهدته بنفسها خلال المظاهرة التي نظمتها القوى الوطنية والدينية الفلسطينية، احتجاجاً على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، الاثنين الماضي، قائلة: «كما يثور الثور الهائج عندما يرى اللون الأحمر، هكذا ثار ضباط الشرطة (الإسرائيلية)، وأمروا جنودهم بالانقضاض على المتظاهرين الذين يرفعون العلم الفلسطيني، ويبطشون بهم».
واعتبرت توما سليمان هذا التصرف ذا أبعاد سياسية استراتيجية خطيرة، وقالت: «العلم الفلسطيني هو علم شعب، قبل أن يكون علم منظمة التحرير، إنه علم الأمة العربية بأسرها، ولذلك تظهر ألوانه على أعلام جميع الدول العربية. ونحن نرفعه باعتزاز لأننا ننتمي لهذه الأمة. وبعد اتفاقيات أوسلو، أصبح علم السلطة الفلسطينية. والحرب على هذا العلم اليوم تعني الحرب على كل ما تحقق من تفاهمات بين إسرائيل والفلسطينيين، وليس مجرد تصرف طائش أو عنصري من هذا الضابط أو ذاك».
وقال مركز «عدالة» القانوني للفلسطينيين في إسرائيل إن القانون الإسرائيلي، الذي كان يمنع رفع علم فلسطين في الماضي، قد أصبح باطلاً بمجرد التوقيع على اتفاقيات أوسلو سنة 1993، التي تم في إطارها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني. ومنذ ذلك الحين، فصلت حكومة إسرائيل مجموعة من أعلام فلسطين، ووزعتها على الوزارات والدوائر الحكومية، حتى يضعها المسؤولون الإسرائيليون إلى جانب العلم الإسرائيلي لدى استقبالهم أي مسؤول فلسطيني رسمي. وقد تم رفعه بهذه الطريقة آلاف المرات. ولدى قيام رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، باستقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، حرص على أن يرفرف العلم الفلسطيني فوق مقر رئيس الحكومة الإسرائيلية بشكل تظاهري، ولذلك فإن المساس بالعلم الفلسطيني ومن يرفعه هو التصرف غير القانوني.
وقد اتضح، من تقرير في الشرطة، أمس (الخميس)، أن شرطة القدس الإسرائيلية اعتقلت 12 فلسطينياً منذ سنة 2011 بتهمة رفع العلم الفلسطيني بشكل مخالف للقانون. وروى المواطن المقدسي صالح دياب، الذي يشارك منذ 10 سنوات في كل أسبوع في مظاهرة احتجاج تقام في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة ضد الجدار الفاصل وسياسة التهويد: «في الشهور الأخيرة، نلاحظ أن الشرطة تنمي في نفسها حساسية جنونية ضد العلم الفلسطيني. فكلما يرونه مرفوعاً، يهاجموننا وينفذون اعتداءات شديدة علينا. ذات مرة، عندما حاولوا مصادرة العلم الفلسطيني من يدي، قمت بتسليمه إلى أحد المواطنين اليهود من أنصار السلام، ممن يتظاهرون معنا في كل أسبوع، فهجموا عليه هو أيضاً، وصادروا العلم منه بالقوة. ونحن لا نفهم هذا العداء، ولا نريد أن نفهمه أو نستسلم له. فهذا علم شعبنا وأمتنا، ولن نتنازل عن حقنا في رفعه عالياً، بل صرنا نحرص اليوم على رفعه في بيوتنا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.