غواتيمالا تنقل سفارتها إلى القدس وسط احتجاجات فلسطينية

الأردن اعتبر الخطوة انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصافحاً رئيس غواتيمالا خلال مراسم حفل نقل سفارة غواتيمالا إلى القدس أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصافحاً رئيس غواتيمالا خلال مراسم حفل نقل سفارة غواتيمالا إلى القدس أمس (رويترز)
TT

غواتيمالا تنقل سفارتها إلى القدس وسط احتجاجات فلسطينية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصافحاً رئيس غواتيمالا خلال مراسم حفل نقل سفارة غواتيمالا إلى القدس أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصافحاً رئيس غواتيمالا خلال مراسم حفل نقل سفارة غواتيمالا إلى القدس أمس (رويترز)

افتتحت غواتيمالا أمس في القدس سفارتها الجديدة في إسرائيل، لتصبح بذلك أول دولة تحذو حذو الولايات المتحدة في خطوتها المثيرة للجدل، التي ترافقت مع مواجهات دامية أوقعت عشرات القتلى الفلسطينيين على حدود قطاع غزة.
وحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الغواتيمالي جيمي موراليس حفل افتتاح السفارة، التي انتقلت إلى مكتب في المدينة المقدسة، وذلك في خطوة مخالفة للإجماع الدولي على وضع القدس، الذي يقع في صلب النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
وصرح موراليس لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «قرار نقل السفارة جاء من قبل الشعب الغواتيمالي، وهذا القرار سيقوينا جميعا». مشددا على أن «إسرائيل منارة للعالم، واليوم نعيد تأكيد مواقفنا بأننا أصدقاء وإخوة، وأعلن أن غواتيمالا وإسرائيل ستتحدان للأجيال القادمة».
من جهته، أشاد نتنياهو بخطوة غواتيمالا، لافتا إلى أنها تأتي بعد يومين فقط من قيام الولايات المتحدة بفتح سفارتها في القدس.
وقال بهذا الخصوص: «أتطلع لأبحث معكم الطرق العملية للدفع بهذه الصداقة وهذا التحالف قدما»، لكن «اليوم أود أن أعبر فقط عن مدى سعادتنا باستضافتكم».
وانتقلت السفارة من مدينة هرتسيليا بتوح إلى مبنى في الحديقة التكنولوجية في المالحة في القدس الغربية.
وتابع نتانياهو موضحا: «غواتيمالا صديقتنا من قبل، والآن نحن نتشارك بالأهداف والقيم»، مؤكدا أنه سيزور غواتيمالا في إطار جولة سيقوم بها داخل أميركا اللاتينية.
وترافق نقل السفارة الأميركية إلى القدس الاثنين مع مواجهات دامية على حدود قطاع غزة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي النار على المحتجين، كما تزامن أيضا مع الذكرى السبعين للنكبة، وتهجير أكثر من 760 ألف فلسطيني في حرب 1948. وقد أدت الاحتجاجات الفلسطينية على حدود قطاع غزة إلى مقتل 62 فلسطينيا خلال 24 ساعة، وإصابة أكثر من ألفي فلسطيني. كما أثارت المواجهات الدامية على قطاع غزة موجة استنكار عالمية، وعمدت بعض الدول إلى استدعاء سفراء إسرائيل للاحتجاج على هذه الخطوة.
وفيما بدأت الجامعة العربية أمس اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين، تحضيرا لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة «لمواجهة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وقرار الولايات المتحدة غير القانوني» بنقل سفارتها إلى القدس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والاتحاد الأوروبي إلى إجراء تحقيق مستقل، بعد أن قتل 116 فلسطينيا على يد القوات الإسرائيلية منذ بدء حملة احتجاج على الحدود بين غزة وإسرائيل في 30 من مارس (آذار) الماضي.
وندد الفلسطينيون أمس بنقل سفارة غواتيمالا إلى القدس، حيث اعتبرت الخارجية الفلسطينية في بيان أن «هذا العمل المخزي والمخالف للقانون، يستفز مشاعر المسيحيين والمسلمين كافة، بما في ذلك أولئك الذين أعلنوا بالإجماع، وبشكل لا لبس فيه، رفضهم لكل المحاولات التي تستهدف وضع ومكانة مدينة القدس المحتلة، أو نقل السفارات إليها».
من جهته، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات إن حكومة غواتيمالا «اختارت الوقوف على الجانب الخطأ من التاريخ... إلى جانب انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان، واتخاذ خطوة عدائية ضد الشعب الفلسطيني والعالم العربي».
وسنت إسرائيل في عام 1980 قانونا ضمت فيه القدس الشرقية، وأعلنتها عاصمتها «الأبدية الموحدة»، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي ولا منظمة الأمم المتحدة، التي تعترف بالقدس الشرقية كأرض محتلة، تخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة، وترفض بذلك الاعتراف بـ«السيادة الإسرائيلية» عليها.
واعتبر البعض قرار موراليس، وهو مسيحي إنجيلي درس إدارة الأعمال وعلم اللاهوت، بنقل السفارة أنه جاء نتيجة تأثره بمعتقداته الدينية الإنجيلية، التي تعتبر أن قيام اليهود ببناء هيكلهم في المدينة المقدسة سيسهل عودة المسيح، بينما رأى آخرون أن قرار موراليس هو لفتة للحصول على دعم من الولايات المتحدة.
وكانت غواتيمالا قد أقرّت الخميس الماضي قانونا يُحدّد 14 من مايو (أيار) يوما للاحتفال السنوي «بالصداقة مع إسرائيل»، ويتزامن هذا التاريخ مع احتفال تل أبيب بقيام دولة إسرائيل في 14 من مايو 1948.
من جهتها، نددت الحكومة الأردنية أمس بقرار حكومة غواتيمالا نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني القول إن «قرار حكومة غواتيمالا بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، يعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وخصوصا القرار الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي نص على رفض اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل».
وأضاف المومني موضحا أن «قرار حكومة غواتيمالا غير مسؤول، ومن شأنه أن يذكي أعمال العنف في المنطقة، ويشجع إسرائيل على المضي بخرق القانون الدولي».
مشددا على أن «الأحرى بدول العالم المحبة للسلام أن تدعم حل الدولتين، الذي توافقت عليه الشرعية الدولية، والذي يوجب قيــام الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعــاصمتها القدس الشرقية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.