إسرائيل وفلسطين تستعدان لمعركة قضائية في لاهاي

TT

إسرائيل وفلسطين تستعدان لمعركة قضائية في لاهاي

تستعد الأجهزة القضائية في إسرائيل والسلطة الفلسطينية لاحتمال قيام محكمة لاهاي لجرائم الحرب بإجراء تحقيق حول المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق المشاركين في مسيرات العودة هذا الأسبوع، والتي أسفرت عن قتل عشرات الفلسطينيين وجراح الآلاف منهم.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن السلطة الفلسطينية باشرت العمل على جمع إفادات من المواطنين وطواقم الإسعاف، الذين تعرضوا أيضا لقمع قوات الجيش الإسرائيلي. وطلبت من المواطنين تسليمها ما توفر لديهم من أشرطة تسجيل وصور، وآثار الأسلحة والذخيرة الإسرائيلية لأنها تحتاج إليها بوصفها أدلة في المحكمة.
وأكد الكاتب يوسف المحمود، الناطق بلسان الحكومة الفلسطينية، على هذه الجهود، وقال إن الهدف من ورائها «توفير الأدلة على الحقيقة. فنحن لا نريد شيئا سوى الحقيقة. وقد طالبنا الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتشكيل لجنة تحقيق، وأبلغناها بأننا سنوافق على نتائج وتوصيات لجنة التحقيق من الآن، وقبل أن تصدر لأننا لسنا معنيين بشيء سوى الحقيقة».
وعلى الجانب الإسرائيلي تقوم دائرة النائب العام لسلطات الاحتلال أيضا بجمع ما توفر من معلومات ووثائق وصور، تمهيدا للبحث في المحكمة، خصوصا أنها تدرك أن المعركة القضائية ستكون صعبة أكثر من ذي قبل، لأن جميع الضحايا فلسطينيون.
في غضون ذلك، أدان البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، أمس، مقتل فلسطينيين قرب الحدود بين غزة وإسرائيل، قائلا إن القتل «لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف»، وحث على إجراء حوار لتحقيق العدل والسلام في الشرق الأوسط.
وقال بابا الفاتيكان لعشرات الآلاف في عظته بميدان القديس بطرس: «أبدي ألمي لسقوط قتلى وجرحى، وأصلي وأقدم تعاطفي مع من يعانون. كما أكرر أن استخدام العنف لن يؤدي إلى السلام. الحرب تولّد الحرب، والعنف يولد العنف».
وقتلت القوات الإسرائيلية 60 فلسطينيا قرب حدود غزة مع إسرائيل يوم الاثنين الماضي خلال المظاهرات التي عمت جل المدن الفلسطينية ضد افتتاح السفارة الأميركية في القدس، في أدمى يوم شهده القطاع منذ سنوات.
وطلب البابا الذي زار إسرائيل والأراضي الفلسطينية في عام 2014 من الجانبين والمجتمع الدولي مضاعفة الجهود «حتى يسود الحوار والعدل والسلام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».