الخسائر الاقتصادية الكبرى تدفع أوروبا إلى «مفترق طرق» مع شريكها الأول

النفط والطيران والسيارات أكبر المتضررين... و20 مليار يورو تحت خط التهديد

الخسائر الاقتصادية الكبرى تدفع أوروبا إلى «مفترق طرق» مع شريكها الأول
TT

الخسائر الاقتصادية الكبرى تدفع أوروبا إلى «مفترق طرق» مع شريكها الأول

الخسائر الاقتصادية الكبرى تدفع أوروبا إلى «مفترق طرق» مع شريكها الأول

بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، فإنه من المتوقع أن يتعرض الاقتصاد العالمي لهزات ارتدادية نتيجة لخسائر الشركات العالمية الكبرى والعقوبات الأميركية على طهران؛ ما دفع التكتل الأوروبي على وجه الخصوص للنظر في إمكانية «التمرد» على القرار الأميركي، وبحث مدى قابليته لإيجاد مخرج يتيح له التعامل مع إيران دون الالتزام بالوقوع تحت طائلة العقوبات، رغم أن الولايات المتحدة وأوروبا كليهما يعد شريكاً تجارياً أول للطرف الآخر.

وتظهر بيانات وزارة التجارة الأميركية، أن حجم التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عام 2016 بلغت في مجملها 687 مليار دولار، وهو الأكبر من نوعه مقارنة بباقي العالم، وبقيمة صادرات نحو 270 مليار دولار، وواردات 416 مليار دولار، وعجز تجاري يصل إلى 146 مليار دولار. لتكون أوروبا هي الشريك التجاري الأول لأميركا، رغم انتقادات الأخيرة المتواصلة للعجز التجاري، وأن دول مجموعة اليورو، وعلى رأسها ألمانيا، تتعمد إضعاف عملتها الموحدة من أجل زيادة تنافسية السلع الأوروبية.
وبعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن الولايات المتحدة ستبدأ إعادة فرض العقوبات على إيران، فالأخيرة لن تكون الطرف الوحيد المتضرر. فبموجب اتفاق 2015، وافقت الولايات المتحدة وقوى أخرى على رفع بعض العقوبات الاقتصادية إذا وافقت إيران على كبح برنامجها النووي، وفتحت تلك الاتفاقية الاقتصاد الإيراني أمام الشركات العالمية المتلهفة للاستفادة من الفرص المتاحة في بلد ابتعد طويلاً عن المشروعات التنموية الكبرى، وبخاصة في ظل وجود كثافة سكانية كبيرة والطبقات المتوسطة المتنامية.
وتهدد العقوبات الأميركية - على أقل تقدير - أكثر من 20 مليار يورو قيمة التجارة السنوية بين الاتحاد الأوروبي وإيران، إضافة إلى عقود ومشروعات مستقبلية أخرى محتملة.
ونظراً لضخامة هذه المعاملات، يبحث عدد من قادة أوروبا كل ما هو متاح أمامهم لتخطي هذه العقبة، لدرجة أن المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة ديمتريس أفراموبولوس، صرح يوم الأربعاء بأن الاتحاد الأوروبي مستعد لتفعيل تشريع يحظر على الشركات الأوروبية الالتزام بالعقوبات الأميركية ضد إيران.
أيضاً، يجري تداول أنباء عن دراسة تعامل أوروبا مع إيران باليورو بدلاً من الدولار، وبخاصة فيما يتعلق بتعاملات النفط، في محاولة لتخطي عقبة التعامل مع النظام البنكي الأميركي الذي يهيمن على تعاملات الدولار حول العالم.
ومنذ رفع العقوبات عن إيران، بادرت شركات الطيران وصناعة السيارات والفنادق وشركات النفط والتكرير لتوقيع صفقات مع طهران، لينتج من ذلك ازدهار للمنافع بين الطرفين، على سبيل المثال شركتي «توتال» النفطية و«رينو» لإنتاج السيارات.
لكن هناك احتمالات تحول هذه المنافع إلى خسائر فادحة، بعدما ذكر البيت الأبيض في تصريحات حول القرار أن أولئك الذين يقومون بأعمال في إيران سيتم منحهم فترة زمنية تسمح لهم بإنهاء العمليات التجارية.
لكن جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي، قال في تصريحات، إن الولايات المتحدة لا تستبعد فرض «عقوبات ثانوية» على الشركات الأوروبية التي تستمر في التعامل مع إيران.
وقال بولتون، إنه على الرغم من ذلك، يرى أن بعض الدول الأوروبية ستنهي مساندتها للولايات المتحدة بشأن إيران عقب قرار واشنطن بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وقال: «أعتقد أن الأوروبيين سيرون أن من مصلحتهم في نهاية المطاف المضي بمفردهم في هذا الأمر».
ويرجح محللون، أن تخسر الشركات الأوروبية والأميركية مليارات الدولارات في الصفقات التجارية «الملغاة»، مع توقف سوق تصديرية رئيسية جديدة، مع ذلك لا يزال التأثير النهائي غير واضح بسبب إعفاءات محتملة لبعض الشركات، بل وحتى إجراء مفاوضات جديدة حول اتفاق نووي «منقح» كما يقول الخبراء.
في حين يرى آخرون، أن كتلة الـ28 دولة الأوروبية يمكنها أن تنشر مزيجاً من العقوبات الانتقامية، فضلاً عن تحركات ضد الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية للحد من التعرض لقيود مالية من جانب الولايات المتحدة. ولا يزال الرهان على حظوظ بعض الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات بين الاتحاد الأوروبي وإيران.
من ناحية أخرى، يرى متعاملون بالأسواق أن موقف إدارة ترمب المتشدد من أوروبا أصبح «جلياً» بعد رفض الرئيس الأميركي للعقوبات المتعلقة بإيران على مجموعة الاتصالات الصينية «زد تي إي»، وبخاصة بعد أمر ترمب وزارة التجارة الأميركية بمساعدة الشركة التي فرضت عليها إجراءات عقابية الشهر الماضي بسبب مبيعات المعدات إلى إيران وكوريا الشمالية.
وتساعد الروابط بين الشركات متعددة الجنسيات الأوروبية والنظام المالي الأميركي الأكثر عمقاً اليوم، في تمهل إدارة ترمب في تطبيق العقوبة، على غرار العقوبات على إيران عام 1990، حيث ساعدت قتامة الوضع الاقتصادي لطهران والعلاقات المتعمقة للنظام المالي الأوروبي الأميركي في فرض العقوبات خارج حدود الولايات المتحدة، التي كان الهدف منها ردع التجارة والاستثمار مع كوبا وإيران وليبيا. وبعد تخفيف العقوبات سابقاً، رفعت طهران إنتاجها من النفط إلى نحو 3.8 مليون برميل في اليوم، بزيادة قدرها مليون برميل يومياً من أوائل عام 2016، ويؤثر فرض عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيراني على الطلب العالمي؛ مما يؤدي إلى رفع الأسعار والتي قفزت بالفعل بنحو 13 في المائة خلال شهر لتبلغ أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات.
وقفزت أسعار الوقود في الولايات المتحدة بمتوسط وطني إلى 2.81 دولار للغالون (3.78541 لتر) مقارنة بنحو 2.66 دولار للغالون الشهر الماضي، و2.35 دولار في العام الماضي.
ويضر ارتفاع أسعار الوقود بمبيعات السيارات والإنفاق العام للمستهلكين.
وتمنع العقوبات الأميركية البنوك والشركات الأميركية من التعامل مع إيران، كما تحدّ العقوبات من الشركات الأجنبية من التعامل مع طهران، من خلال منعها استخدام البنوك الأميركية في عملياتها إذا لم تقطع علاقاتها التجارية.
ويرى كارل بيلدت، رئيس وزراء السويد السابق، أن العقوبات الجديدة لن تصيب أي شركة أميركية، لكنها تستهدف في المقام الأول الشركات الأوروبية، بينما يرى جان كلود يونكر، رئيس الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أن الولايات المتحدة لم تعد ترغب في التعاون مع أجزاء أخرى من العالم، ويجب أن يحل محلها الاتحاد الأوروبي على الساحة الدولية.
ويرى خبراء، أن الشركات المصنعة للطائرات ستكون أكبر الخاسرين، كـ«بوينغ» و«إيرباص»، وقال ستيفن منوشين، وزير الخزانة الأميركي، إنه سيتم إبطال تراخيص الشركات القائمة لبيع الطائرات وقطع الغيار والخدمات ذات الصلة إلى إيران بعد 90 يوماً من القرار الأميركي، وتندرج «إيرباص» تحت قواعد الولايات المتحدة رغم أنها شركة أوروبية؛ لأن طائراتها تشمل مكونات أميركية الصنع.
وقامت بالفعل «إيرباص» بتسليم 3 طائرات من أصل 100 طائرة تم الاتفاق عليهم في ديسمبر (كانون الأول) 2016، مع شركة الطيران الوطنية الإيرانية (إيران إير) وبلغت قيمة الاتفاقية 19 مليار دولار. وأعلنت «بوينغ» في وقت لاحق للتاريخ المذكور أعلاه، عن صفقات مع الخطوط الجوية الإيرانية وخطوط «آسمان» للطيران بقائمة 110 طائرات بقيمة 20 مليار دولار.
وقالت «بوينغ»، إنها ستتشاور مع الحكومة الأميركية بشأن الخطوات المقبلة، بينما قالت «إيرباص» في بيان إننا «نحلل بدقة الإعلان وسنقوم بتقييم الخطوات التالية التي تتفق مع سياساتنا الداخلية وفي الامتثال التام للجزاءات ولوائح الرقابة على الصادرات».
ورغم أن مخاوف عودة العقوبات بعد اتفاق 2015، أبقت الكثير من الشركات العالمية على هامش التقرب، لكن هناك شركات أخرى أبرمت صفقات ربما أصبحت الآن في خطر، وفقاً لما يراه محللون ومتعاملون في الأسواق.
حيث وقعت شركة «توتال» الفرنسية للنفط والغاز اتفاقاً بقيمة ملياري دولار للمساعدة في تطوير حقل غاز جنوب باريس العملاق بالشراكة مع شركة النفط الوطنية الصينية، والآن كلتا الشركتين تشعر بالقلق من احتمالات انهيار الاتفاق في مواجهة عقوبات جديدة.
وتلقت شركة «جنرال إلكتريك» طلبات إيرانية بملايين الدولارات العام الماضي، وفقاً لما أعلنته الشركة عن مجمل أعملها في قطاع النفط والغاز لتشمل الطلبات قطع غيار الآلات والمعدات المستخدمة في محطات الغاز. وقالت «جنرال إلكتريك» في بيان لها إنها لا تزال تراجع القرار الأميركي، وأضافت: «سنقوم بتكييف أنشطتنا حسب الضرورة لتتوافق مع هذه التغيرات في قانون الولايات المتحدة»، وأكدت أن أنشطة الشركة لا تزال محدودة حتى الآن وفقاً لقواعد الحكومة الأميركية وتراخيصها وسياستها.
وفي عام 2017، أعلنت شركة «فولكس فاغن» الألمانية، أنها ستبيع السيارات في إيران لأول مرة منذ 17 عاماً، وقال العملاق الألماني في بيان «بدأنا بتصدير السيارات إلى إيران العام الماضي؛ لذلك فنحن نراقب ونراجع التطورات السياسية والاقتصادية عن كثب... ومن حيث المبدأ تلتزم (فولكس فاغن) بجميع القوانين الوطنية والدولية المعمول بها ولوائح التصدير».
واستفاد مديرو العمليات السياحية من الاهتمام المتجدد بإيران بصفتها وجهة تجارية وسياحية منذ تخفيف العقوبات، حيث استأنفت شركات الطيران الأوروبية على غرار الخطوط الجوية البريطانية وشركة «لوفتهانزا» الرحلات المباشرة إلى طهران، وسلمت السلطات الإيرانية متطلبات التأشيرة، وكانت شركة «أكور» الفرنسية أول سلسلة فنادق دولية افتتحت أعمالها في إيران عام 2015، كما أعلنت «ميليا» الإسبانية خططها للتوسع في السوقي الإيرانية منذ تخفيف العقوبات.



منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
TT

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه القطاع، مشيراً إلى أن المنظومة حققت نسبة امتثال بلغت 94.4 في المائة في تطبيق معايير الأمن، وذلك ضمن تقرير «التدقيق الشامل لأمن الطيران» الذي أصدرته «منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)»؛ مما يضع البلاد في مصافّ الدول الرائدة عالميّاً بهذا المجال.

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد تزامناً مع «أسبوع الأمن لمنظمة الطيران المدني الدولي 2024»، الذي تستضيفه حالياً عُمان خلال الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتعاون مع منظمة «إيكاو»، وبمشاركة قادة ورؤساء منظمات وهيئات الطيران المدني بالعالم.

وأفاد الدعيلج بأن «التحديات الأمنية المتصاعدة التي تواجه القطاع حالياً تتسم بالتعقيد والتنوع، كالهجمات السيبرانية واستخدام الطائرات من دون طيار في أعمال تهدد الأمن، بالإضافة إلى التهديدات الناشئة عن التقنيات الحديثة، مثل الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الرقمية للطيران»، مشيراً إلى أن «هذه التهديدات أصبحت تُشكّل خطراً جديداً يحتاج إلى استراتيجيات مبتكرة للتصدي لها».

وأوضح الدعيلج أن «جهود السعودية في مجال أمن الطيران المدني، تتمحور حول مجموعة من المحاور الأساسية التي تهدف إلى تعزيز الجاهزية الأمنية وضمان سلامة القطاع على جميع الأصعدة».

ووفق الدعيلج، فإن بلاده «عملت على تحديث وتطوير الأنظمة الأمنية بما يتماشى مع أحدث المعايير الدولية، عبر تعزيز أنظمة الكشف والمراقبة في المطارات باستخدام تقنيات متقدمة، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل المخاطر وتقديم استجابات سريعة وفعالة للتهديدات المحتملة».

وأضاف الدعيلج أن السعودية «أولت اهتماماً كبيراً بالأمن السيبراني في ظل التحديات التكنولوجية الراهنة؛ إذ طورت برامج مختصة لحماية الأنظمة الرقمية ومنصات الحجز والعمليات التشغيلية للطيران، مما يعزز قدرة القطاع على التصدي للهجمات الإلكترونية».

وأشار الدعيلج إلى أن السعودية تسعى إلى بناء قدرات بشرية متميزة في هذا المجال، «عبر إطلاق برامج تدريبية متطورة بالتعاون مع المنظمات الدولية، بهدف تأهيل الكوادر الوطنية وتعزيز جاهزيتها للتعامل مع مختلف السيناريوهات الأمنية».

وقال الدعيلج إن السعودية «ساهمت بشكلٍ كبير في دعم المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الأمان في هذا القطاع الحيوي، وأسهمت بشكل فعال في تطوير استراتيجيات أمنية مشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ بهدف تعزيز التنسيق الأمني بين الدول، وهو ما يضمن استجابة سريعة وفعالة للتحديات الأمنية».

وواصل أن بلاده «شريك رئيسي في المبادرات الدولية التي تقودها (منظمة الطيران المدني الدولي - إيكاو)، وأسهمت في صياغة سياسات أمن الطيران وتنفيذ برامج تهدف إلى تحسين مستوى الأمن في جميع أنحاء العالم، من ذلك استضافة المملكة المقر الدائم لـ(البرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط CASP - MID) التابع لـ(إيكاو)، ودعم (منظمة الطيران المدني الدولي) من خلال مبادرة (عدم ترك أي بلد خلف الركب)».