عناق أخير للرضيعة ليلى أصغر ضحايا إسرائيل

خلال جنازة الطفلة ليلى الغندور في مدينة غزة أمس (إ.ب.أ)
خلال جنازة الطفلة ليلى الغندور في مدينة غزة أمس (إ.ب.أ)
TT

عناق أخير للرضيعة ليلى أصغر ضحايا إسرائيل

خلال جنازة الطفلة ليلى الغندور في مدينة غزة أمس (إ.ب.أ)
خلال جنازة الطفلة ليلى الغندور في مدينة غزة أمس (إ.ب.أ)

بدموع غلب عليها القهر والألم، عانق أنور الغندور وزوجته مرات عدة طفلتهما الرضيعة ليلى (8 أشهر)، التي كانت أصغر ضحايا المذبحة الإسرائيلية في غزة، أول من أمس (الاثنين)، بعد إعلان وفاتها نتيجة استنشاقها الدخان الذي أطلقته قوات الاحتلال على المتظاهرين شرق مدينة غزة.
ولوقت طويل، لم تتوقف والدة الطفلة ليلى عن البكاء وهي تنظر إلى طفلتها الرضيعة وتحتضنها وتردد كلمات بلغتها العامية البسيطة: «قتلوكي يُمّا... إيش عملتي إلهم يما؟»، وسط حالة من الضجيج والنواح والدموع من النساء اللواتي حضرن إلى منزل العائلة قبل التشييع، ولإلقاء نظرة الوداع على الرضيعة.
ولم يتمالك كثير من أفراد العائلة أنفسهم أمام الفاجعة، خصوصاً جدة الطفلة ليلى، التي أخذت تحتضنها بقوة وتردد بكلمات أوجعت قلوب الحاضرين مع انهمار دموعها: «يا عيون ستك، يا حبيبة ستك، ما راح أشوفك مرة ثانية، خليكي بحضني يا عيون ستك». ووسط هذه الحال من القهر والألم، احتضن أنور طفلته وسار بها أمام مئات المشيعين وهو يردد: «حسبنا الله ونعم الوكيل».

وقال والد الطفلة، في حديث إلى الصحافيين خلال التشييع، إنه وزوجته وأطفاله كانوا في خيام العودة شرق مدينة غزة، لافتاً إلى أن موقعهم كان على مسافة بعيدة جداً - نحو 700 متر - من الجدار الأمني، حيث كانت تدور المواجهات بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين، وأوضح أنهم تعرضوا لوابل كثيف من إطلاق قنابل الغاز، الأمر الذي تسبب في استشهاد رضيعته نتيجة تنشقها الغاز بكثافة.
وفي صورة أخرى من صور الأوجاع التي شهدتها منازل عشرات الضحايا في القطاع، ودّع أطفال الفلسطيني فادي أبو صلاح جثمان والدهم المقعد، الذي تعرض لطلق ناري مباشر في الرأس من قناصة جيش الاحتلال شرق خانيونس خلال وجوده قرب المسيرات. وألقى الأطفال نظرة الوداع الأخيرة على والدهم، وسط حالة من البكاء الشديد، ومحاولات والدتهم وأعمامهم التخفيف عنهم، حيث شيّع المئات جثمانه إلى مقبرة الشهداء في خانيونس.
كما شيّع الآلاف من الفلسطينيين في كل المحافظات خلال مواكب جماهيرية حاشدة العشرات من الضحايا الذين سقطوا خلال الهجوم الإسرائيلي العنيف ضد المتظاهرين على الحدود، بعدما كانوا قد شيعوا بعضهم بعد الإعلان عن مقتلهم فوراً أول من أمس. وسيطرت حالة من الحزن والصدمة على المواطنين في القطاع، خصوصاً في ظل ارتفاع عدد الضحايا إلى 61، مع وجود أكثر من 30 بحالة حرجة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.