عاصفة ثلجية.. تثير سجالا سياسيا بين وزراء الحكومة اللبنانية

مخاوف على مصير أكثر من 112 ألف لاجئ سوري يقيمون في خيام عشوائية

وزيري الأشغال العامة غازي العريضي (تصوير: دالاتي ونهرا)
وزيري الأشغال العامة غازي العريضي (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

عاصفة ثلجية.. تثير سجالا سياسيا بين وزراء الحكومة اللبنانية

وزيري الأشغال العامة غازي العريضي (تصوير: دالاتي ونهرا)
وزيري الأشغال العامة غازي العريضي (تصوير: دالاتي ونهرا)

أعادت الأنباء عن عاصفة جوية تضرب لبنان بدءا من اليوم وتستمر خلال الأيام المقبلة إشعال السجال السياسي بين وزيري الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي وزميله وزير المالية محمد الصفدي، اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن الطرف المسؤول عن الأزمة المرورية الخانقة وفيضانات الطرق الأسبوع الماضي.
ومن المتوقع أن يضرب منخفض جوي لبنان بدءا من مساء اليوم، على أن تبلغ العاصفة ذروتها يوم غد الأربعاء. واستنفرت الجهات المعنية الرسمية على أكثر من مستوى أمس، فيما سارعت وكالات الإغاثة الدولية إلى اتخاذ تدابير احترازية لإغاثة اللاجئين السوريين المقيمين في خيام عشوائية في مناطق جبلية مرتفعة.
وفي أول تعليق له بعد احتجاز المواطنين في سياراتهم لساعات يوم الأربعاء الماضي، نتيجة إقفال عدد من الطرق بسبب عدم تصريف مياه الأمطار وعدم تنظيف المسارب ومجاري المياه من قبل وزارة الأشغال، لا سيما على طريق المطار، قدم العريضي أمس اعتذاره إلى اللبنانيين. وأعرب عن «تفهمه لمواقف كل المواطنين جراء الأمطار الأخيرة»، مؤكدا في الوقت ذاته «عدم تبرئة مما جرى وقتها».
وعزا العريضي التأخير في قيام الوزارة بواجباتها من خلال الشركات الهندسية التي تتعاقد معها إلى عدم صرف الاعتمادات المالية اللازمة من قبل وزارة المالية، محملا الصفدي مسؤولية عدم تجديد العقود مع الشركات في مجلس الوزراء. وسأل: «هل تنظيف المجاري يحتمل التريث كما طلبت وزارة المالية»؟.
في المقابل، اعتبر الصفدي أن «أبشع ما في الموضوع أن يحمل العريضي الجميع المسؤولية عن عدم القيام بواجبه»، مشيرا إلى أن العريضي «يظهر نفسه وكأنه وزير مثالي». وأوضح الصفدي أن «هناك تعميما من رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) بوجوب صرف الأموال حسب الضرورة». وقال: «أنا لا أملك الوقت لأتابع كل الملفات المقدمة من وزارة الأشغال، هناك من هم مسؤولون عن ذلك الأمر، وإن كانت آراؤنا لا ترضي العريضي فليذهب ويطلب تعديلا على توجيه تصريف الأعمال من رئيس الحكومة، من دون أن يشن حربا على وزير المال، لأن ما من تأخير من قبلي ولا من قبل الوزارة».
وأثارت الأنباء عن العاصفة الثلجية مخاوف وكالات الإغاثة الدولية والجهات العاملة في مساعدة اللاجئين السوريين، خشية من تكرار مشهد العام الماضي، حيث اجتاحت السيول خيام اللاجئين. وبحسب إحصائيات مفوضية اللاجئين، يعيش 14 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان في الخيام. وبما أن العدد الإجمالي للاجئين وفق المصدر ذاته، تخطى الـ800 ألف، فإن 112 ألف سوري على الأقل يعيشون في الخيام.
وكانت مفوضية اللاجئين بالتنسيق مع منظمة اليونيسف والمجلس الدنماركي للاجئين، عرضت منتصف الشهر الماضي مضمون خطة الاستعداد لفصل الشتاء، انطلاقا من معاناة اللاجئين العام الفائت بعد أن غطت الثلوج المناطق اللبنانية، وغمرت المياه والوحول الخيام وبعض مراكز الإيواء. لكن الخطة لم تجد حلا جذريا لأزمة اللاجئين المقيمين في الخيام، بسبب امتناع السلطات اللبنانية عن الموافقة على الترخيص لنقل اللاجئين إلى مخيمات مؤقتة مجهزة ومنظمة.
وإثر اجتماع عقده وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور مع ممثلي المنظمات الدولية وممثلي الجهات المانحة، أمس، أعلن ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان روبرت واتكنز أن «الاستعدادات لمساعدة النازحين السوريين في مواجهة العاصفة الثلجية بدأت منذ أسبوع والجهوزية مستمرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».