عباس: ليست سفارة بل بؤرة استيطانية أميركية

الرئيس محمود عباس خلال اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله أمس (إ.ب.أ)
الرئيس محمود عباس خلال اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله أمس (إ.ب.أ)
TT

عباس: ليست سفارة بل بؤرة استيطانية أميركية

الرئيس محمود عباس خلال اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله أمس (إ.ب.أ)
الرئيس محمود عباس خلال اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله أمس (إ.ب.أ)

وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) السفارة الأميركية في القدس، بعد قليل من افتتاحها، بأنها «بؤرة استيطانية أميركية»، وليست سفارة، مؤكداً أن أي دور للولايات المتحدة في عملية السلام انتهى إلى الأبد، طالباً عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن.
وقال عباس في مستهل اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية بمقر الرئاسة في رام الله: «بهذه المناسبة ونحن نسمع أنهم افتتحوا السفارة. هذه بؤرة استيطانية وليست سفارة، بؤرة استيطانية أميركية. كانوا (أي الإسرائيليين) يعملون بؤراً استيطانية بمساعدة أميركا، اليوم يفتتحون بؤراً استيطانية أميركية، ويقولون في أرض الآباء والأجداد. هذا تزوير للتاريخ، لأن هذه الأرض أرضنا». وأضاف: «شعبنا لن يتوقف عن نضاله السلمي الشعبي، لأننا مستمرون حتى نحقق النصر بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وأعلن عباس أن اليوم الثلاثاء يوم إضراب شامل رداً على نقل السفارة وفي يوم إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية، كما قرر تنكيس الأعلام الفلسطينية 3 أيام حداداً على أرواح ما لا يقل عن 52 فلسطينياً قتلتهم إسرائيل خلال مظاهرات سلمية غاضبة في غزة. وقال عباس: «تستمر المذابح والمجازر بحق شعبنا في قطاع غزة وفي الضفة الغربية. اليوم (الاثنين) من أعنف الأيام التي تمر على هذا الشعب». وبعدما أشار إلى سقوط ما لا يقل عن 52 قتيلاً، قال إن هذا العدد «يشير إلى مستوى القسوة التي تتعامل بها إسرائيل مع أبناء شعبنا». وقال: «غداً (اليوم) سيكون مناسبة مرور 70 عاماً على إخراج الشعب الفلسطيني من وطنه من خلال العصابات الصهيونية». وطالب العالم العربي والعالم الصديق بأخذ «موقف واضح ضد الإجراءات والمجازر» التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وأضاف: «نريد موقفاً إنسانياً على الأقل، ثم موقفاً سياسياً».
وجدد التأكيد على قراره رفض لعب الولايات المتحدة دور وسيط في عملية السلام. وقال: «لم تعد (أميركا) وسيطاً، وإذا كان ولا بد، فلن نقبل إلا وساطة دولية تأتي من خلال مؤتمر دولي بعدد من دول العالم». وأَضاف: «لن نقبل منهم الصفقة. الصفقة وصلت عندما أزاحوا (القدس) و(اللاجئين)». ولمح إلى قرارات ستناقشها القيادة الفلسطينية، قائلاً إنها ستنفذ قرارات المجلسين «الوطني» و«المركزي». وأضاف: «سنواصل عقد جلسات متواصلة حتى نصل إلى قرارات واضحة حول علاقتنا مع إسرائيل ومع أميركا ومع المجتمع الدولي، وفي ما يخص المحاكم والجنايات... إلخ، سنأخذ قرارات للتنفيذ ونرجو أن يوفقنا الله... وربنا يستر». ويشير حديث عباس إلى نيته تنفيذ القرارات التي نصت على العمل على إعلان استقلال فلسطين عبر الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، وبدء تجسيد سيادة الدولة، بعد إلغاء كل الاتفاقات مع إسرائيل، بما انطوت عليه من التزامات.
وسيبحث عباس مع أركان القيادة قرارات أخرى؛ من بينها تعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، والتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، والانضمام إلى مؤسسات دولية، ودراسة إمكانية «محاكمة» الولايات المتحدة.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».