وجه الناخبون العراقيون صفعة شديدة لعدد كبير من الشخصيات السياسية القيادية التي برزت بعد 2003. ولم تشمل الصفعة الشخصيات التي باتت خارج اللعبة السياسية لعدم حصولها على أصوات تؤهلها لشغل مقعد في البرلمان، بل حتى تلك التي تمكنت من الفوز، مثل زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، الذي خسر نحو 80 في المائة من مؤيديه في الجولة الانتخابية الحالية في بغداد. فبعدما تمكن في الانتخابات السابقة (2014) من الحصول بمفرده على أكثر من 720 ألف صوت، فإنه من المتوقع ألا يتجاوز سقف رصيده في هذه الدورة الـ90 ألف صوت. كذلك من المتوقع أن يخسر في هذه الدورة أكثر من 70 مقعداً نيابياً بعد أن حل خامساً، حسب النتائج الأولية للانتخابات، في ترتيب الائتلافات الفائزة برصيد 25 مقعداً بعد أن حصل في الانتخابات الماضية على 92 مقعداً.
أما زعيم المجلس الإسلامي الأعلى ونائب رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته همام حمودي، فيعد من بين أبرز الخارجين من حلبة التنافس الانتخابي، لأنه لم يحصل على الأصوات اللازمة للوصول إلى القبة النيابية. وبرز حمودي من الشخصيات السياسية الرئيسة بعد عام 2003، وشغل منصب رئيس اللجنة المكلفة بكتابة الدستور عام 2005، ثم شغل منصب رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بدورته السابقة (2010 - 2014)، وشغل في الدورة الحالية (2014 - 2018) منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب.
على أن خسارة حمودي، الذي انضم لتحالف «الفتح» المؤلف من فصائل «الحشد الشعبي»، لم تكن مستغربة في نظر عدد غير قليل من المراقبين، ذلك أنه ينتمي إلى الأرستقراطية الشيعية البعيدة عن التوجهات الشعبية، إلى جانب التراجع السياسي الذي أصاب «المجلس الإسلامي الأعلى» الذي يتزعمه بعد انسحاب رئيسه السابق عمار الحكيم، وتأسيسه «تيار الحكمة» في يوليو (تموز) 2017.
وإذ أشارت النتائج الانتخابية إلى عدم تمكن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، أول من أمس، من الفوز، بدا أمس أنه تمكن من العبور بصعوبة عن «القائمة الوطنية» التي يتزعمها إياد علاوي. واضطر مكتبه الإعلامي، أمس، إلى إصدار بيان يؤكده صعوده للبرلمان برصيد 23 ألف صوت.
ولعل المفاجأة الأكثر إثارة للاهتمام هي خروج رئيسة تحالف «إرادة» النائبة المثيرة للجدل حنان الفتلاوي، حيث لم تتمكن من الفوز بمقعد عن محافظة بابل بعد أن حازت في الدورة السابقة أكثر من 90 ألف صوت بشكل منفرد. واستقبل ناشطون ومدنيون بارتياحٍ خبر خروج الفتلاوي من البرلمان، لجهة النزعة المثيرة والطائفية التي طبعت خطابها السياسي على امتداد السنوات الثمانية الماضية. والمفارقة أن تحالفها «إرادة» تمكن من الفوز بمقعدين برلمانيين، أحدهما في بغداد.
ولقي النائب عن بابل رئيس قائمة «كفاءات للتغير» هيثم الجبوري، المصير ذاته الذي واجهته حنان الفتلاوي، حيث لم يتمكن من الفوز بمقعد هذه المرة، فيما حصلت قائمته على مقعد واحد في بغداد، وكان النائبان الفتلاوي والجبوري عُرفا في الدورات الماضية بانتمائهما لائتلاف «دولة القانون»، ودفاعهما عن زعيمه نوري المالكي.
وعلى الرغم من حصول القياديين في حزب «الدعوة» المالكي والعبادي على نحو 65 مقعداً في القائمتين اللتين اشتركا فيهما، وهما «النصر» و«دولة القانون»، إلا أن «الدعوة» يعد من بين أبرز الأحزاب وأكثرها خسارة لعناصرها الحزبية، حيث أخفق القيادي في الحزب والنائب الدائم في مجلس النواب علي العلاق في الفوز، وتتداول بعض المواقع الصحافية أخباراً تشير إلى حصوله على أقل من 100 صوت فقط في محافظة بابل التي ترشح فيها.
وخسر عضو «الدعوة» الآخر عامر الخزاعي الذي رأس قائمة «النصر» في محافظة البصرة، حاله حال العضو الآخر في «الدعوة» صادق الركابي الذي أخفق في محافظة ذي قار. وأيضاً خسر في بغداد العضو القيادي في الحزب عباس البياتي بعد أن حل عضواً دائماً في الجمعية الوطنية ومجلس النواب منذ 2003.
ومن أبرز الخاسرين في ائتلاف المالكي، مستشار الأمن السابق موفق الربيعي، كذلك العضو الآخر المثير للجدل في الائتلاف ذاته كاظم الصيادي. وهناك معلومات تشير إلى عدم تمكن وزيرة الصحة عديلة حمود من الفوز بمقعد نيابي. ولعل خسارة النائبة عن «القائمة الوطنية» ميسون الدملوجي لم تشكل مفاجأة للكثيرين، ذلك أنها لم تتمكن في الدورة السابقة من نيل عضوية البرلمان إلا بصعوبة بالغة.
وينظر كثير من المراقبين إلى الخسارات الكبيرة التي مُني بها عدد من الوجوه السياسية الشهيرة، باعتبار أنها مؤشر مهم على قدرة الناخبين تغيير الخريطة السياسية، وإزالة الوجوه القديمة المتهمة بالانحياز الطائفي والفساد وتبني الخطاب السياسي المتشنج، الذي أسهم في مراحل كثيرة في إثارة الأحقاد الشعبية وتعكير صفو المزاج العراقي العام.
الانتخابات العراقية تزيح شخصيات سياسية بارزة
الانتخابات العراقية تزيح شخصيات سياسية بارزة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة