غوتيريش يطالب بتهيئة «بيئة مواتية» لإجراء الانتخابات في ليبيا

دعا إلى التعاون مع «الجنائية» وعبَّر عن «انزعاج بالغ» من التقارير عن الاتجار بالبشر

الأمين العام للأمم المتحدة في خطاب له أمام اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لأميركا اللاتينية والكاريبي والتي عقدت قبل أيام في هافانا (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة في خطاب له أمام اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لأميركا اللاتينية والكاريبي والتي عقدت قبل أيام في هافانا (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يطالب بتهيئة «بيئة مواتية» لإجراء الانتخابات في ليبيا

الأمين العام للأمم المتحدة في خطاب له أمام اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لأميركا اللاتينية والكاريبي والتي عقدت قبل أيام في هافانا (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة في خطاب له أمام اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لأميركا اللاتينية والكاريبي والتي عقدت قبل أيام في هافانا (أ.ف.ب)

حضَّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على تهيئة «بيئة مواتية» لإجراء الانتخابات في ليبيا، داعياً مجلس النواب إلى التشاور مع المجلس الأعلى للدولة من أجل «الانتهاء من إعداد التشريع الانتخابي اللازم على وجه السرعة». وشجع السلطات الليبية على «التعاون الكامل» مع المحكمة الجنائية الدولية لتفعيل المساءلة عن الجرائم بموجب القانون الدولي في البلاد. وعبَّر عن «انزعاج بالغ» حيال التقارير عن استمرار الاتجار بالبشر، داعياً إلى «تحديد المسؤولين عن هذه الجرائم الشائنة وملاحقتهم قضائياً».
وفي تقرير أرسله إلى أعضاء مجلس الأمن، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، رحب غوتيريش بـ«التقدم في العناصر الرئيسية» لخطة عمل الأمم المتحدة، مستبشراً خيراً بـ«المشاركة الكبيرة» في عملية تحديث سجلات الناخبين التي أنجزت أخيراً، معتبراً ذلك «مؤشراً قوياً على رغبة الشعب الليبي في المشاركة في العمليات الانتخابية». وإذ حض على «تهيئة بيئة مواتية» لإجراء الانتخابات، دعا مجلس النواب إلى «الانتهاء من إعداد التشريع الانتخابي اللازم على وجه السرعة، بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة»، ملاحظاً «أهمية وضع إطار دستوري من أجل توفير الأرضية اللازمة لإجراء الانتخابات، وإنهاء وجود المؤسسات الموازية، وإنشاء هيكل واضح للحكم لإنهاء الفترة الانتقالية».
وكذلك رحب غوتيريش بإطلاق عملية المؤتمر الوطني، قائلاً إن هذه الاجتماعات «عامل مهم لتشجيع المواطنين الليبيين على المبادرة بإبداء أفكارهم وآرائهم في المجال العام»، وكذلك من أجل إرساء «نظام حكم وطني موحد»، مؤكداً أن هذه الاجتماعات «ستساعد في التحضير لمناسبة كبيرة للمؤتمر الوطني في وقت لاحق من هذا العام». ورحب أيضاً بالتقدم في «مبادرات المصالحة الأهلية بقيادة الجهات الفاعلة الليبية في كل أنحاء البلاد»، لأن لهذه الجهود التي تقودها أطراف ليبية «دوراً حاسماً في التخفيف من حدة التوترات وتجنب المزيد من النزاع»، معلناً أن الأمم المتحدة «ثابتة على التزاماتها تقديم الدعم من خلال مشروع صندوق بناء السلام». ولاحظ «بنظرة إيجابية» التعامل المباشر بين مجلس النواب وبين المجلس الأعلى للدولة «من أجل الاتفاق على آلية لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة»، على أن تكون «جامعة وممثلة للجميع» من أجل «تحسين الظروف اليومية للشعب الليبي، والتحضير للانتخابات الوطنية، والتشجيع على المشاركة في الانتخابات وعلى القبول بنتائجها».
وقال غوتيريش إنه «من الضروري أن يتمكن جميع النازحين (…) من العودة إلى مواطنهم الأصلية بطريقة طوعية وآمنة تحفظ كرامتهم»، مشيداً بالجهود التي بذلها الممثل الخاص غسان سلامة لمعالجة عملية عودة أهالي تاورغاء، مضيفاً أنه «يجب ألا يكون هناك المزيد من التأجيل لعودة أهالي هذه المنطقة وجميع النازحين الآخرين منذ عام 2011. ورأى أن المشاركة المستمرة والفعالة للمرأة الليبية في العمليات السياسية «علامة مشجعة على النهوض بالمساواة بين الجنسين ومشاركة المرأة في الحياة السياسية».
وإذ استبشر خيراً بـ«الانخفاض الكبير» في عدد الضحايا من المدنيين منذ بداية العام، عبَّر عن «القلق من انعدام الأمن في مناطق متفرقة في كل أنحاء ليبيا»، محدداً أنه «مستاء من التصعيد المتكرر للتوترات والعنف في مدينة سبها على وجه الخصوص وحولها، الأمر الذي أدى إلى أضرار بالآلاف في صفوف المدنيين، بين قتلى ومشردين». ودعا كل الأطراف إلى «احترام القانون الدولي، ووقف جميع أعمال العنف، والالتزام بالحوار لمعالجة الأسباب الجذرية للمظالم». وتحدث عن «مخاوف متزايدة بشأن ما يُقال إنه وجود ونشاطات لتنظيم (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى في الجنوب»، مؤكداً أن «هناك حاجة ملحة إلى إرساء سيادة القانون في المنطقة لضمان وقف الأعمال العدائية بين الفصائل المتحاربة واستحداث سبل أكثر فعالية لمراقبة الحدود». وركز على «الأهمية البالغة لإصلاح وتوحيد القوات العسكرية والأمنية الليبية تحت قيادة مدنية لكي يستتب الاستقرار في البلد».
وأبدى «قلقه من تدهور الحالة الإنسانية في كل أنحاء ليبيا»، مشيراً إلى «الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وحالات إساءة المعاملة أثناء الاحتجاز، والاحتجاز التعسفي المطول دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة». ونبه إلى أن «هذه الانتهاكات تضر بالمحاولات الرامية إلى جعل ليبيا بلداً مستقراً تُحترم فيه سيادة القانون». وقال: «يجب على السلطات إعطاء الأولوية لإطلاق جميع الرجال والنساء والأطفال المحتجزين بشكل تعسفي». وشجع السلطات الليبية على «التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وفقاً لقرار مجلس الأمن 1970 للمساعدة في إقامة العدل وتفعيل المساءلة عن الجرائم بموجب القانون الدولي في ليبيا». وعبر عن «انزعاج بالغ» حيال التقارير عن استمرار الاتجار بالبشر في ليبيا، مشجعاً السلطات على «ألا تألو جهداً في تحديد المسؤولين عن هذه الجرائم الشائنة وملاحقتهم قضائياً». وذكر محنة المهاجرين والانتهاكات التي يتعرضون لها، آملاً في أن تساعد فرقة العمل المنشأة حديثاً من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في معالجة مشكلة الهجرة على نحو شامل.
وأكد أخيراً أنه «لا يزال أمراً بالغ الأهمية أن يقف المجتمع الدولي متحداً» في دعم تسوية سلمية للأزمة الليبية، لافتاً إلى أنه «في الأشهر المقبلة، هناك فرصة ينبغي اغتنامها لما فيه المصلحة العليا للشعب الليبي»، داعياً إلى «مواصلة التعاون الإيجابي مع الأمم المتحدة لوضع حد للفترة الانتقالية التي طال أمدها في البلد، والعمل معاً لإنشاء مؤسسات موحدة جديدة تقوم على مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».