اشتباكات دامية جنوب ليبيا وقوات موالية لحفتر تسترد لواء عسكرياً

اجتماع في السنغال بين أفرقاء سياسيين يثير جدلاً وتساؤلات

TT

اشتباكات دامية جنوب ليبيا وقوات موالية لحفتر تسترد لواء عسكرياً

شهدت مدينة سبها بالجنوب الليبي اشتباكات دامية، أمس، بين قبيلتي «التبو» المدعومة من المعارضة التشادية، و«أولاد سليمان»، الموالية للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، خلفت 4 قتلى على الأقل و12 جريحاً، في أجواء طغت عليها حالة من الذعر دفعت المواطنين إلى حمل السلاح في الشوارع، وسط نداء استغاثة من المركز الطبي للتبرع بالدم، في وقت تعذّر على الهلال الأحمر في بداية الاقتتال الدخول إلى ساحة الاشتباكات بقلعة سبها؛ خوفاً من زخات الرصاص وطلقات المدافع.
وتجددت المعارك في المدينة، التي تُوصف بأنها عاصمة الجنوب، رغم دعوات المصالحة ومطالب حقن الدماء، بعد قيام عناصر تابعة لـ«التبو» مصحوبة بقوات تشادية، بشن هجوم مباغت على مقر اللواء (السادس مشاة) المتاخم لقلعة سبها التاريخية، وفرضت قبضتها على غالبية منافذه، وقتلت عدداً من جنوده وأسرت بعضهم، إلا أن عناصر من اللواء السادس، الموالي للجيش الوطني، ظلت تقاتل حتى تمكنت من استرداد مقرها في القلعة.
وانتشرت مقاطع «فيديو» ليبية على الإنترنت، لمقاتلين ذوي بشرة داكنة يحملون أسلحة رشاشة، و«آر بي جي» وهم يصعدون درج القلعة الحصينة (جنوب شرقي سبها)، ويطلقون أعيرتهم النارية في الهواء ابتهاجاً بفرض سيطرتهم عليها.
وفي الساعات الأولى للاشتباكات، أعلن الهلال الأحمر الليبي تعذر دخول طواقمه إلى داخل القلعة لانتشال القتلى، والمصابين، لكن مصدراً طبياً من مركز سبها قال لـ«الشرق الأوسط»: «الحصيلة الأولية التي أُبلغنا بها 4 قتلى من جنود اللواء السادس، و12 جريحاً»، مشيراً إلى أنهم أطلقوا نداء استغاثة للتبرع بالدم. في وقت تحدثت مصادر أخرى عن وقوع نحو 17 قتيلاً في صفوف مهاجمي القلعة.
وفي رده على أسباب تجدد الاشتباكات، قال مقرر مجلس النواب صالح قلمة، في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «هذا صراع قديم حديث بين قبيلتي التبو وأولاد سليمان»: «وما يحدث الآن شيء مؤسف بالنسبة لنا».
وأضاف قلمة، الذي ينتمي إلى مدينة القطرون بأقصى الجنوب: «حاولنا التهدئة والصلح مرات عدة، لكن يبدو أن هناك أطرافاً داخلية وخارجية تغذي هذا الصراع».
وتحدث عميد بلدية سبها حامد الخيالي، عن وجود ما سماه بـ«خيانة» وراء عودة الاقتتال، وقال في مداخلة تلفزيونية، أمس: «هناك من دعم (هؤلاء المرتزقة) في الظلام من الخارجين عن القانون من الخونة وأبناء الشعب الليبي». وناشد الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب، المتقاتلين بالكف عن ذلك، وإلقاء السلاح، وقال: «فزان تسع الجميع، وزمن الثأر القبلي انتهى». وأضاف أبو سبيحة في بيان، أمس: «يجب على (أولاد سليمان) و(التبو) نبذ الحرب التي لم تُقدم للوطن إلا الموت والدمار».
وبعد ست ساعات من المعارك الطاحنة، أعلنت السلطات العسكرية في سبها حالة الطوارئ القصوى من أجل دعم القوات المتواجدة بمقر اللواء واستعادته من مسلحي «التبو»، ودفعت بتعزيزات عسكرية إضافية كبيرة.
وأمام حالة من اللغط حول تبعية اللواء (السادس مشاة)، قال آمر منطقة سبها العسكرية اللواء المبروك الغزوي، في خطاب إلى مجلس قبائل التبو يفيد بتبعية اللواء إلى المنطقة العسكرية التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر.
وسبق أن أمهل حفتر في الثامن من مارس (آذار) الماضي ما سماهم بـ«الأفارقة المرتزقة» تسعة أيام لمغادرة جنوب ليبيا، لكن شيئاً من هذا لم يحدث.
في سياق آخر، أثار اجتماع حضره عدد من الأفرقاء الليبيين في العاصمة السنغالية داكار – بدأ أول من أمس، ويستمر ثلاثة أيام لبحث الأزمة الليبية، عاصفة من الجدل والتساؤلات على كل المستويات السياسية في البلاد، عن أسباب لقاء من هذا النوع بين تلك القوى المتناحرة.
وتناقلت وسائل إعلام محلية نبأ الاجتماع الذي تنظمه مؤسسة «برازافيل»، والتي قالت إنه يضم إلى جانب قيادات من أنصار النظام السابق، وجماعة الإخوان المسلمين، والجماعة المقاتلة، شخصيات عامة ونيابية، لكن سرعان ما تبرأت تلك الشخصيات من حضور المؤتمر، في حين قال بعضهم، إنه تلقى دعوة بالفعل واعتذر عنها.
ومبكراً، نفت «الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا» مشاركتها في الاجتماع، وقال في بيان سابق، إن «ثوابتها ليست قابلة للمناورة السياسية»، ولن تضع يدها في يد من كانوا سبباً في تدمير ليبيا، في إشارة إلى «الإخوان» و«المقاتلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.