وزير إسرائيلي يقود مسيرة لآلاف المستوطنين في نابلس

TT

وزير إسرائيلي يقود مسيرة لآلاف المستوطنين في نابلس

اندلعت مواجهات عنيفة، بدءاً من فجر أمس (الجمعة)، بين شبان فلسطينيين ونحو 6 آلاف مستوطن، يقودهم وزير الزراعة أوري أريئيل، وبحضور قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية، قرب قبر يوسف في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
وقالت مصادر فلسطينية إن الشبان أغلقوا الطريق المؤدي إلى قبر يوسف بالإطارات المشتعلة، ولكن قوة من جيش الاحتلال اقتحمت المدينة مع تعزيزات، ما أدى لاندلاع مواجهات عنيفة استمرت حتى الصباح. وأكدت المصادر أن الجنود انتشروا في شارع عمان وشارع الحسبة، كما اقتحم عشرات منهم شارع القدس قادمين من النقاط العسكرية الموجودة في جبل جرزيم عبر حي الضاحية، وسط إطلاق كثيف للرصاص وقنابل الصوت والغاز.
وفي وقت لاحق، وصلت حافلات تقلّ آلاف المستوطنين إلى قبر يوسف تحت حراسة مشددة من دوريات الاحتلال، وقاموا بأداء طقوسهم التلمودية في أجواء احتفالية صاخبة. وأفادت مصادر عبرية بأن أكثر من 6 آلاف مستوطن اقتحموا المدينة.
وكانت القدس الشرقية المحتلة وعشرات المدن الفلسطينية قد شهدت، أمس (الجمعة)، مسيرات ومظاهرات عديدة في إطار مسيرات العودة ومظاهرات الاحتجاج على القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها.
وداهمت قوات الاحتلال، في ساعات الفجر، بلدة حزما شمال شرقي القدس، وفتشت العديد من منازلها. وكانت قوات الاحتلال قد أعادت مساء الخميس إغلاق مداخل البلدة بمكعبات إسمنتية ضخمة وببوابات حديد. وفُرض حصار عسكري مشدد على البلدة بحجة إلقاء حجارة منها باتجاه مركبات وحافلات تابعة للمستوطنين.
كما فرضت سلطات الاحتلال على رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أمراً يقضي بمنعه من دخول الضفة الغربية. وأكد نجله، عمار صبري، أن سلطات الاحتلال استدعت والده إلى مقر شرطة المسكوبية في القدس المحتلة، وسلمته الأمر القاضي بمنعه من دخول مناطق السلطة الفلسطينية بتاتاً لمدة 4 أشهر من تاريخ تسليم الأمر.
وجاء هذا الإجراء بعدما كانت السلطات الإسرائيلية قد منعت صبري مطلع الشهر الجاري من السفر إلى الخارج لمدة 30 يوماً بعدما حققت معه مطولاً، تحت ذريعة المشاركة في مؤتمرات تمسّ بأمن الدولة. وأصدر وزير الداخلية، أرييه درعي، القرار بعد توصيات رفعتها أجهزة الأمن الإسرائيلية، جاء فيها أن صبري يستغل سفره إلى الخارج للمشاركة في مؤتمرات وندوات تمس بأمن الدولة، وأنه يمارس التحريض ضد إسرائيل ويتواصل مع جهات إرهابية في البلاد وخارجها. وزعمت أجهزة الأمن أن صبري يملك علاقات مع أعضاء من حركة «حماس» يقيمون في تركيا وبلاد أخرى وتدرجهم إسرائيل على لائحة الإرهاب.
من جهة ثانية، اعتدت قوات الاحتلال، ظُهر أمس، على المشاركين في فاعلية سلمية في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للجدار الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، احتجاجاً على نبش قبور في هذه المقبرة الإسلامية. وشارك عشرات المواطنين في الفاعلية التي نُظمت احتجاجاً على نبش سلطات الاحتلال للمقبرة، والتي بدأت قبل 3 أشهر، وذلك في محاولة لإقامة ما تسميه متحف التسامح، إلى جانب عدة مقرات للمستوطنين، وإنشاء مسارات خاصة لهم. وأطلق جنود الاحتلال الذين انتشروا بكثافة في المقبرة ومحيطها، قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع تجاه المشاركين، واعتدوا بالضرب على آخرين، ما أدى إلى إصابة شاب بجروح في رأسه، إضافة إلى اعتقال آخر.
كما اعتدى جنود الاحتلال على صحافيين يقومون بتغطية الحدث، ومن بينهم طاقم تلفزيون فلسطين، حيث قاموا بتحطيم الكاميرا والمعدات التابعة له. وكان عشرات المواطنين قد توجهوا فور انتهاء صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى إلى مقبرة باب الرحمة تلبية لدعوات وجهاء وشخصيات القدس للتعبير عن الاحتجاج ضد استهداف المقبرة ونبش القبور فيها عقب اقتطاع الاحتلال جزءاً مهماً منها لصالح مشاريع تهويدية تهدف إلى طمس معالم المنطقة وهويتها.
وقال المنسق الإعلامي بدائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس المحتلة فراس الدبس، إن نحو 60 ألفاً شاركوا بصلاة الجمعة، أمس، في رحاب المسجد الأقصى. وتزامنت صلاة الجمعة مع إجراءات مشدّدة فرضتها سلطات الاحتلال خلال استعداداتها الأمنية غير المسبوقة في القدس للاحتفال بنقل السفارة الأميركية إليها بعد أيام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.