أمين عام الحزب الشيوعي العراقي: تحالفنا مع الصدريين ليس آيديولوجياً

TT

أمين عام الحزب الشيوعي العراقي: تحالفنا مع الصدريين ليس آيديولوجياً

أكد الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، أن «المعادلات السياسية في العراق بدأت تتصدع بعد تجربة فشل طوال السنوات الماضية اعترف بها الجميع». وحول تحالف الشيوعيين، وهو أحد أقدم الأحزاب التي قامت على أساس آيديولوجي في العراق منذ ثلاثينات القرن الماضي، مع تيار ديني مثل التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، قال فهمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحالفنا مع التيار الصدري في إطار (تحالف سائرون) الانتخابي، وهو لحد الآن تحالف انتخابي وليس آيديولوجياً، وتحكمه في الغالب المشتركات الوطنية التي تجمع بيننا».
وحول ما إذا كانت الانتخابات التي ستجري يوم السبت المقبل، مفصلية في تاريخ العراق، قال إن «الوضع السياسي في العراق بدأ يتصدع بشكل عام على مستوى الطوائف والكتل، بعد تجربة فشل اعترف به الجميع، وهذا الإقرار بالفشل بدأ يعبّر عنه بمستويات كثيرة من خلال الانشطار أو التشظي في الكثير من المسائل؛ الأمر الذي يعني أن هناك وضعاً جديداً يختلف عن الحالة السابقة». وأضاف فهمي، إن من بين عوامل التأثير فيما يحصل في العراق اليوم هو الوضع الإقليمي والدولي الذي توصل إلى حقيقة أن «العراق ينبغي ألا يبقى في دوامة عدم الاستقرار والقلاقل والنزاعات، لاعتبارات كثيرة خاصة بكل دولة»، مبيناً أنه «في حال لم يحصل استقرار في العراق، فإن المنطقة يمكن أن تدخل مسارات قد يصعب التحكم بها حتى من قبل الدول الكبرى». وأضاف إن «الحالة التي كان عليها الوضع السياسي في العراق المحكوم من قبل المكونات، بدأت تتشظى بشكل واضح، بحيث بدأت تنعكس على مشكلة التمثيل السياسي». وحول ما إذا كانت الديمقراطية التوافقية التي حكمت الوضع في العراق بعد عام 2003 وإلى اليوم سوف تستمر أم تتغير، يقول فهمي: إن «هذا هو أحد الأسئلة المطروحة اليوم خصوصاً وأن الديمقراطية التوافقية كانت أقيمت على أساس التمثيل للمكونات العراقية قبل أن تصاب بالتشظي، رغم أن المكونات العراقية حتى بعد تشظيها لا تزال غير متصالحة إلى حد بعيد». وما إذا كانت الأغلبية السياسية التي يجري الحديث عنها اليوم يمكن أن تكون هي البديل لحالة التشظي والتشتت هذه التي تحكم الوضع السياسي في العراق، يقول فهمي إن «الأغلبية السياسية قد لا تكون هي الحل الناجع حتى الآن؛ لأن التكوينات العراقية لا تزال قائمة حتى مع تشظيها، ولا بد من وجود إطار لتمثيلها، وبالتالي فإن الأغلبية السياسية بهذا المعنى ليست مقبولة من الجميع، ولا سيما الكرد الذين يرون أنها يمكن أن تقوم على أسس طائفية والسنة إلى حد ما». وحول رؤية القوى المدنية لهذه الخريطة السياسية الملتبسة، يقول فهمي «رؤيتنا نحن القوى المدنية تقوم على أساس قيام دولة مواطنة قائمة على برنامج واحد يؤسس لالتقاء كل أطياف البلد، بحيث يستطيع أن يجمع الجميع وهو التحدي الذي سيواجهنا بعد الانتخابات، ولا سيما بشأن الكيفية التي يجب علينا فيها تمثيل الجميع».
وفيما إذا كانت الكتل الطائفية والعرقية التي تشظت هل يمكن أن تعود إلى ذات الاصطفافات عند تشكيل الحكومة، يقول فهمي، إن «هذا في الواقع أحد الأسئلة المهمة التي لا تزال مطروحة في الأروقة السياسية دون جواب حاسم، لكننا في حال تحدثنا عن المعطيات الموجودة، فإن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يبدو من بين خياراته عدم العودة إلى البيت الشيعي ثانية، بينما الأطراف الأخرى ومنها العبادي، يمكن القول وحتى هذه اللحظة إنه لا يعود إلى تكتل طائفي. وبالتالي فإن التحالف الوطني الشيعي سيبقى عبر دولة القانون والفتح وربما تيار الحكمة ليمثلوا الهوية الطائفية، مع أن مساحة الطائفية السياسية انحسرت إلى حد كبير، ولم تزل كلياً، وهو ما يمكن أن يتمثل في الخطاب السني، مثلاً، حيث إنه رغم التشظي الكبير فيه، لكن الأطراف السياسية تتحدث بشكل واضح عن مظلومية السنة».
وبشأن حجوم الكتل المتوقعة عن الانتخابات البرلمانية، وفيما إذا حصل نوع من الاستقواء على أساس ذلك، يقول فهمي، إن هذا «وارد جداً حيث بخطاب وهناك نوايا ما بعد الخطاب، حيث إن موازين القوى سوف تلعب دوراً في تحديد مدى جذرية الانتقال وفيما إذا كان جدياً أم شكلياً». وحول «تحالف سائرون» الذي ينتمي إليه الحزب الشيوعي والمدعوم من الزعيم الديني مقتدى الصدر، يقول فهمي: «(تحالف سائرون) يمثل اختراقاً حقيقياً للمنظومة السياسية؛ لأنه يمثل أطيافاً مختلفة وأعراقاً مختلفة وقوى سياسية ذات تاريخ، التقت على أساس المشروع الوطني، رغم اختلافها وتبياناتها، لأن هذا التحالف يمثل حالة وطنية متقدمة».
أخيراً، يتحدث فهمي حول تشكيل الحكومة المقبلة، فيقول إن «المحكمة الاتحادية قطعت المجال أمام الجلسة المفتوحة؛ مما يجعل أمر تشكيل الحكومة المقبلة لا يأخذ وقتاً طويلاً، إلا إذا كان هذا الأمر مقصوداً في حال كانت نتائج الانتخابات غير مطمئنة للبعض».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».