«المستقبل» نحو مراجعة سياسية رغم تحويل خسارته المتوقعة إلى «فوز»

الانتخابات الأخيرة قلّصت كتلته من 34 إلى 21 نائباً

سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية رئيس «تيار المستقبل» يدلي صوته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (إ.ب.أ)
سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية رئيس «تيار المستقبل» يدلي صوته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (إ.ب.أ)
TT

«المستقبل» نحو مراجعة سياسية رغم تحويل خسارته المتوقعة إلى «فوز»

سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية رئيس «تيار المستقبل» يدلي صوته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (إ.ب.أ)
سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية رئيس «تيار المستقبل» يدلي صوته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (إ.ب.أ)

منذ الساعات الأولى لانكشاف نتائج الانتخابات النيابية ومجريات هذه العملية، طرحت الأسئلة الكثيرة حول «تيار المستقبل» وكتلته النيابية التي خسرت نحو 13 نائباً. لكن هذه الخسارة التي لم ينفِها رئيس التيار والحكومة سعد الحريري يرى فيها البعض فوزاً على مفاعيل القانون الجديد التي لم تكن لتعطيه أكثر من 15 نائباً منذ اللحظة الأولى لإقراره.
وعلى وقع الانتقادات المرافقة للانتخابات التي عزا البعض نتائجها إلى سياسة «المستقبل» الخاطئة، وتململ جمهوره منه، سارع الحريري إلى إعلان ارتياحه، مشيراً إلى أن كتلته تضم 21 نائباً، بعدما كانت 34، مشيراً في الوقت عينه أنه كان يراهن على نتيجة أفضل، لكن القانون الحالي سمح بخرق «المستقبل» الذي «كان يواجه باللحم الحي مشروع إقصائه عن العملية السياسية»، بحسب كلمة الحريري في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات.
ومع تأييدهما كلام الحريري، يتّفق كل من نائبة رئيس «تيار المستقبل» الوزيرة السابقة ريا الحسن، والقيادي راشد فايد، على أن المرحلة المقبلة ستشهد مراجعة عامة لسياسة التيار، مع التأكيد على أن نتائج الانتخابات كانت متوقعة إلى حد كبير منذ اللحظة الأولى لإقرار القانون، الذي تم التوصل إليه بناء على مصالح الفرقاء الطائفية. وهو ما يؤكّد عليه الخبير الانتخابي ربيع الهبر، قائلاً: «نتائج المستقبل لا يمكن وضعها بتاتاً في خانة الخسارة بل على العكس من ذلك، هي فوز واضح». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نجح الحريري في الحد من خسارته بشكل كبير، بعدما كان يعلم ومنذ اللحظة الأولى لإقرار القانون الذي وقّع عليه انه لن يحصد أكثر من 15 نائباً كحد أقصى، وها هو نجح في تشكيل كتلة من أكبر الكتل النيابية بـ21 نائباً». وكما سبق للحريري أن أكد أنه سيتم العمل لتحقيق نتائج أفضل في الانتخابات المقبلة، معلناً صراحة أن هناك أشخاصاً ستتم محاسبتهم في التيار، يقول فايد لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمنع من أن يكون هناك إعادة نظر في المنهجية العامة والسياسة التي اتبعت منذ ما قبل الانتخابات لتدوين كل ما حصل وقراءته بموضوعية لمعرفة الأخطاء وتجنبها في وقت لاحق».
ويشرح أسباباً عدّة قد تكون أدت إلى عدم تحقيق نتائج أفضل في الانتخابات، أبرزها، تركيبة القانون الانتخابي الذي يسعى إلى تكريس الطائفية والمذهبية وتغليبها على المصلحة الوطنية ويُسهِم في تقطيع الدوائر الانتخابية على غرار ما حصل في العاصمة بتقسيمها الطائفي العامودي، وهو ما أدى إلى التأثير سلباً على صورة «المستقبل» كتيار عابر للطوائف، مع النجاح في الحد من آثاره بحيث لا يزال أفضل من الأحزاب الأخرى في شموليته.
من جهتها، تعتبر الحسن أنه إضافة إلى العامل الطائفي والمذهبي الذي كرّسه القانون، ونسبة المشاركة التي تكون عادة منخفضة بالمدن، فإن كثرة اللوائح التي وصل عددها إلى ثمانية في مواجهة لائحة المستقبل، أسهمت في تشتّت الصوت السني بدل توحّد الطائفة السنية التي أخطأت في خياراتها، ما أدى إلى انعكاس هذا الأمر سلبا على «المستقبل»، وتضيف: «وهذا يستدعي برأيي إعادة رصِّ الصفوف للمواجهة معاً».
هذا التشتُّت يلفت إليه أيضاً فايد، مع تفسيره بشكل مغاير قائلاً: «الناظر إلى اللوائح المنافسة والأرقام التي حصلت عليها يكتشف أنه كان هناك استسهال بالترشّح من قبل البعض الذين لا أوافق على تخوينهم لكن يمكن القول إنهم استخدموا أو استغلّوا من قبل أطراف معينة ضدّ المستقبل، وأسهمت لوائحهم في تشتّت الأصوات السنية».
إضافة إلى هذه الأسباب الرئيسية، يتوقف كل من الحسن وفايد عند عوامل أخرى داخلية أسهمت في تراجع نسبة الاقتراع أو مقاطعة الانتخابات من قبل الطائفة السنية، ويتفقان على أن سياسة الحريري تركت انطباعاً غير مرضٍ لدى قسم من جمهور المستقبل، من انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون إضافة إلى بعض التحالفات، ورغم تسجيل اعتراضهما على بعض منها، في إشارة غير مباشرة إلى التسوية التي أدت إلى انتخاب الرئيس ميشال عون، يقول فايد: «القائد في نهاية المطاف أن يأخذ قرارات حاسمة خاصة، وأنه لو لم يلجأ إليها لكانت البلاد لا تزال معطلة أو كانت وصلت في أزمة كبيرة»، بينما ترى الحسن أن «التاريخ سينصف الحريري الذي أنقذ البلد بقراراته».
وهنا يرى فايد أن التقصير قد يكون في عدم توضيح هذه السياسات للرأي العام الذي بقي رافضاً لها، وعكسته إلى حد ما صناديق الاقتراع، وهو الأمر الذي ينسحب أيضاً على اختيار المرشحين الذي انعكس واضحاً في هذا القانون، بعدما وجد الناخب نفسه أمام لوائح مقفلة تفرض عليه شخصيات محددة، موضحاً: «في أكثر الأحيان يلجأ التيار إلى ترشيح أشخاص من جمهوره وليس من الملتزمين فيه، بينما يفترض أن يتم اختيار مرشحين من صلب العمل السياسي للحزب كي يعبّروا بشكل حقيقي عن التيار وكفاءاته».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.