يساعدني السفر على بناء شخصيات خيالية من واقع ملموس

رحلة مع المخرج الإماراتي علي مصطفى

يساعدني السفر على بناء شخصيات خيالية من واقع ملموس
TT

يساعدني السفر على بناء شخصيات خيالية من واقع ملموس

يساعدني السفر على بناء شخصيات خيالية من واقع ملموس

المخرج والمنتج الشاب علي ف. مصطفى من الوجوه الإماراتية المعروفة، فمنذ فترة وهو يقدم مساهمات قيمة في مجال السينما الإماراتية جعلته يحظى بتقدير عالٍ وعدة جوائز. ومن أهم أعماله فيلم «City of Life»، الذي حقق نجاحاً لا يستهان به على مستوى شبّاك التذاكر الإماراتي، وفيلم المختارون (The Worthy)، الذي عُرض في مهرجان لندن السينمائي. وقد حاز أيضاً على لقب «أفضل مخرج إماراتي» في مهرجان دبي السينمائي الدولي لعام 2009، و«مخرج العام الشاب 2010» من مجلة «Digital Studio». وأخيراً، اختارته شركة «تومي» الأميركية لحقائب السفر سفيراً لها في المنطقة وبطلاً لحملتها الأخيرة. ما اكتشفته الشركة أنه لا يتمتع بالكاريزما وحب الابتكار فحسب بل يعشق السفر، ويعتبره جزءاً لا يتجزأ من عملية الإبداع.. «الشرق الأوسط» كان لها حوار معه، وكانت الحصيلة التالي:
> أهمية السفر بالنسبة لي تكمن في أن أجرب كل شيء، وأغوص في المجهول. لقد كبرت وأنا أومن بأن السفر يغذي الروح، ولم تتغير هذه الفكرة أو يُمحها الزمن من ذهني إلى اليوم. ففي السفر، نتعرف على ثقافات الغير، ونوسع آفاقنا الفكرية والحسية على حد سواء.
> بالنسبة لي كمخرج، فإن السفر يُلهمني ويساعدني على تخيل شخصيات من واقع ملموس، وذلك من خلال ملاحظات أختزنها في الذاكرة عندما أقابل الناس من أهواء وثقافات مختلفة. وهذا ما يُعطي في الأخير للشخصيات الخيالية مصداقية. وعلى المستوى الشخصي، فأنا أتعامل مع السفر كهروب من الضغوط اليومية، وفي الوقت ذاته كوسيلة لشحذ الطاقة، ومنح الجسم والروح فرصة للتجدد.
> عندما كنت طفلاً، كانت لدينا شقة تقع على جبل في سويسرا، وكان يومي فيها يتوزع بين رحلات نتسلق فيها الجبال المحيطة أو نتوغل في طبيعتها بتنظيم نزهات نستكشف فيها أماكن جديدة. أذكر أننا في كل مرة كنا نتفاجأ بشيء جديد، وهذا ما نمى بداخلي الرغبة في اكتشاف المزيد، وكأني أبحث عن هذه المفاجآت وأتمناها. وربما هذا ما يجعلني لا أفرق بين أي نوع من الرحلات. فأنا مثلاً أعشق رحلة مرفهة للاستجمام وشحذ طاقتي، كما أستمتع برحلة تضج بالمغامرات في البرية والطبيعة المتوحشة؛ لكل رحلة نكهتها وحلاوتها. والأمر نفسه ينطبق على رحلة إلى مدينة أزور فيها متاحفها ومعالمها التاريخية والمعمارية، ورحلة بين أحضان الطبيعة أكتشف فيها حياة البرية وكائناتها الحية.
> دبي في القلب، فهي أفضل مكان بالنسبة لي، وبعدها تأتي لندن التي أعتبرها بيتي الثاني. وتكمن جاذبية هذه الأخيرة بالنسبة لي في أنها توفر تجارب ثقافية وفنية غنية. كما أني بت أعرفها عن ظهر قلب.
> التسوق في الإجازة ليس من أولوياتي، وأفضل زيارة المتاحف، على شرط ألا تستنزف كل قواي وتأخذ يوماً بكامله.
> لا أستغني عن بعض الأساسيات عند السفر، مثل النظارات الشمسية، وطبعاً هاتفي المحمول والسماعات وبعض الفيتامينات.
> ليس لدي مطبخ مفضل بعينه، فأنا أحب تجربة كل المطابخ العالمية، خصوصاً أني أحمد الله أنه بإمكاني ذلك، ولا أعاني من أي مشكلات صحية تحتم عليّ التقيد بنظام معين.
> أحزم حقيبتي بعناية شديدة، وبغض النظر عن الوجهة، فإني أحرص أن آخذ معي على الأقل بدلة مفصلة، وبتصميم رسمي بعض الشيء، لأني أحب أن أكون متأهباً لأي مفاجأة. قبل يوم من السفر، أجهز لائحة أكتب فيها كل الأساسيات التي سأحتاجها حتى لا أنساها، وطبعاً لا أخفي أن حقيبة سفر مميزة بجيوب متعددة تساعد على تسهيل هذه المهمة، وهذا ما جعلني أقبل التعاون مع شركة «تومي» الأميركية في المقام الأول.
> أسوأ تجربة سفر تعرضت لها كانت عندما اكتشفت أني نسيت جواز سفري عند وصولي إلى الحدود الكندية. لم يحصل هذا لي من قبل، ولن يحصل أبداً في المستقبل، فقد تعلمت الدرس جيداً.
> لا تختلف حياتي في السفر عنها في دبي، لأن هاتفي المحمول بمثابة مكتب متجول بالنسبة لي، فأنا أرد على الرسائل الإلكترونية وأبقى متواصلاً مع عالمي الخاص.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».