قبل يوم من التصويت الخاص الذي يبدأ غدا الخميس، والذي يشمل الأجهزة الأمنية، ويومين من الصمت الإعلامي الذي يصادف بعد غد الجمعة، شككت كتل وشخصيات برلمانية وخبراء بإمكانية حدوث تزوير قبل وأثناء إجراء الانتخابات البرلمانية في عموم العراق السبت المقبل.
وفي حين هددت كتل سياسية بالطعن في نتائج الانتخابات قبل وقوعها، فإن هذا المشهد يكشف عمق أزمة الثقة بين مختلف الأطراف السياسية. وكانت الحملة الدعائية التي استمرت نحو شهر شهدت أكبر عملية تسقيط سياسي متبادل بين مختلف الكتل والتيارات، في حين لعبت الجيوش الإلكترونية التي يملكها كثير من هذه الأطراف أدوارا بارزة في محاولة النيل من الخصوم بما في ذلك نشر الصور والفيديوهات الفاضحة لكثير من المرشحين والمرشحات، وهو أمر يحدث للمرة الأولى في هذه الانتخابات التي تعد الرابعة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
ورغم الإجراءات التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بشأن كفاءة أجهزة العد والفرز الإلكتروني التي سوف تعتمد يوم التصويت بدلا من العد والفرز اليدوي، فإن نوابا وخبراء أكدوا عدم سلامتها، وبالتالي؛ فإن احتمالات العطل فيها واردة بنسبة كبيرة، مما يعني العودة إلى عملية العد والفرز اليدوي في آخر لحظة وهو ما يصب في مصلحة جهات سياسية.
وتقول النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيان دخيل لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع يعلم أن الأجهزة التي تم استيرادها لا تعمل بشكل جيد، بالإضافة إلى أن مصادر هذه الأجهزة يحيط بها الشك».
ويشاطرها الرأي المراقب السياسي الدكتور باسل حسين، قائلا: «إننا حيال مخاطر حول إمكانية التلاعب» متسائلا: «ما فائدة هذه الأجهزة إذا كان العد والفرز اليدوي في بلدان أخرى يخرج النتائج في اليوم نفسه بينما نحتاج نحن إلى عدة أيام مع أجهزة عد وفرز إلكترونية».
وبالنسبة لدخيل، فإن «هناك على ما يبدو سيناريو معداً مسبقاً لا يعرفه إلا الراسخون في الانتخابات»، بينما يرى حسين أن «هذه الأجهزة لا توازي المبالغ التي صرفت عليها والتي قاربت 300 مليون دولار أميركي».
من جانبها، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنها أخذت كل المخاوف بعين الاعتبار، بما في ذلك تهيئة أجهزة بديلة في حال حدث عطل في الأجهزة المعتمدة. وقال عضو المفوضية معتمد الموسوي في تصريح صحافي إن «الموظفين العاملين على الأجهزة وصيانتها تم استكمال تدريبهم بالتعاون مع الشركة المنتجة للأجهزة، وهناك 125 موظفا بدرجة خبير سيكونون موجودين في جميع المحافظات يوم الاقتراع لتدارك أي طارئ قد يحدث».
وأشار الموسوي إلى أن «الموظفين العاملين خلال يوم الاقتراع تم استكمال تدريبهم، ولدينا 245 موظفاً تم اختيارهم وفق ضوابط معينة، وهم جاهزون لإدارة العملية الانتخابية». وأوضح أن «عدد مراكز الاقتراع 8413 مركزاً في عموم العراق، المخصصة منها للتصويت العام 7919 مركزاً، بواقع 49 ألفاً و677 محطة، أما عدد مراكز الاقتراع الخاص فهي 494 مركزاً بواقع 2239 محطة».
مع ذلك، فإن النائب عن محافظة الأنبار لقاء وردي أكدت أن «كتلا وأحزابا سياسية متنفذة في محافظة الأنبار تحاول وبشتى الوسائل تزوير الانتخابات مستغلة وجود ثغرات في عمل مكتب المفوضية في الأنبار أدت إلى حرمان كثير من سكان المحافظة من تسلم بطاقة الناخب». وأضافت وردي أن «الإجراءات المتخذة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في الأنبار غير محكمة، لأن الإصرار على استخدام بطاقة الناخب القديمة ما زال قائما، فضلا عن عزوف الناخبين عن مراجعة مراكز التحديث جراء عدم وجود بطاقاتهم الانتخابية؛ الأمر الذي ترك الباب مفتوحا لحدوث عمليات تزوير وتلاعب في نتائج الانتخابات».
إلى ذلك، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، أن «الإجراءات الخاصة بيوم التصويت الخاص لا بد أن تعتمد المهنية والانسيابية دون تدخل من قبل أي طرف». وقال الزاملي لـ«الشرق الأوسط» إن «ما نأمله هو ألا تخضع عملية التصويت لأي تأثيرات من أي جهة أو طرف نافذ، لأننا نعلم أن هناك من يراهن من أحزاب وكتل وسياسيين نافذين على عملية التصويت الخاص لإحراز أصوات عن طريق الترغيب والترهيب».
وأشار الزاملي إلى أن «أي مسؤول أمني أو عسكري يمكن أن يلجأ إلى الترويج والدعاية لطرف معين أو جهة فسوف يعرض نفسه للمساءلة القانونية، لأننا نريد أن تكون المؤسسة الأمنية مستقلة».
في سياق ذلك، هدد «تيار الحكمة» الذي يتزعمه عمار الحكيم بالطعن في إجراء الانتخابات النيابية، المقرر لها يوم السبت المقبل، في حال تمت على أيدي موظفي «دائرة الإصلاح» التابعة لوزارة العدل بما يخص موضوع تصويت السجناء.
وقال محمد جميل المياحي، المتحدث الرسمي باسم قائمة «تيار الحكمة»، في بيان له أمس الثلاثاء، إنه «ونحن نقترب من يوم الانتخابات، نجدد دعمنا الإجراءات القانونية والشفافة لمفوضية الانتخابات وندعوها لعدم التساهل وألا تسمح بأي خروقات قد تحدث».
وأكد المياحي رفض قائمته التام «تأخير إعلان النتائج الأولية، وفي (حال) ذلك التأخير تتحمل المفوضية المسؤولية»، مبينا أنه «تتوجب تهيئة الظروف السليمة في إجراءات التصويت الخاص والمشروط، والسماح لمراقبي الكيانات والمنظمات ووسائل الإعلام بدخول جميع المراكز التي سيتم التصويت فيها، ومنع أي ضغوط تمارس على منتسبي القوات الأمنية من قبل مراتب عسكرية تعمل على إرغام المنتسبين والضغط عليهم لتغيير قناعاتهم».
شكوك ومخاوف تلاحق الانتخابات العراقية عشية الصمت الإعلامي
شكوك ومخاوف تلاحق الانتخابات العراقية عشية الصمت الإعلامي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة