طالب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
ورغم أن جدول جونسون خلال زيارته للعاصمة الأميركية واشنطن امتد ليومين، إلا أنه لم يتضمن لقاء مع الرئيس ترمب، وإنما اقتصر على لقاء مع نظيره الأميركي مايك بومبيو بمقر وزارة الخارجية الأميركية، ومسؤولين أميركيين آخرين تصدرهم نائب الرئيس مايك بنس ومستشار الأمن القومي جون بولتون، فضلاً عن ظهور إعلامي.
واختار وزير الخارجية البريطاني الظهور على البرنامج التلفزيوني المفضل لدى ترمب، وهو «فوكس آند فراندز»، في محاولة لإيصال صوته بشكل مباشر إلى الرئيس، وإقناعه بعدم الانسحاب من الاتفاقية الدولية.
وقال جونسون إن ترمب «محق بشأن وجود ثغرات» في الاتفاق، مكرراً ما ذكره الرئيس الأميركي من مشاكل فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وعيوب التفتيش، والتدخل الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة. وأوضح: «إيران تتصرف بشكل سيئ، ولديها ميل لتطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وعليها أن تتوقف عن ذلك، وأن تتراجع عن كل ما تفعله في المنطقة، كما علينا أن نكون أكثر صرامة في ذلك».
في المقابل، قال الوزير البريطاني إنه «لا يبدو لي في هذه المرحلة أن الخطة البديلة قد تبلورت جيداً»، مناشداً إدارة ترمب بعدم إلقاء الاتفاق عرض الحائط، ومتعهداً بأن تعمل بريطانيا مع الولايات المتحدة على تحسين الصفقة. وأوضح جونسون أن العناصر التي ستركز عليها بلاده ستكون إصلاح «بند الغروب» الذي يتيح لإيران استئناف برامج تخصيب اليورانيوم بعد 10 سنوات من الاتفاق النووي. وشدد وزير الخارجية البريطاني على أنه إذا قرر ترمب الانسحاب من الاتفاق، «سيكون علينا الإجابة على سؤال ماذا بعد ذلك؟ هل سنقول بجدية أننا سنقصف المنشآت الإيرانية (التي تقوم بتخصيب اليورانيوم)؟ هل حقاً لدينا إمكانية واقعية لذلك؟». كما حذّر جونسون من اشتعال سباق تسلح نووي في منطقة الشرق الأوسط.
وفي مقال نشره بصحيفة «نيويورك تايمز»، كرر جونسون مطالبته بالحفاظ على الاتفاق. وكتب «عند هذا المنعطف الدقيق، سيكون من الخطأ التخلي عن الاتفاق النووي، وإزالة القيود التي وضعها على إيران». وأضاف أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مُنحوا صلاحيات إضافية لمراقبة المنشآت النووية الإيرانية، الأمر الذي «يزيد من احتمال رصدهم أي محاولة لصنع سلاح» من هذا النوع.
وكتب جونسون «الآن، بعد وضع هذه الأصفاد في مكانها، لا أرى أي ميزة محتملة في وضعها جانباً. إيران ستكون الرابح الوحيد من التخلي عن القيود المفروضة على برنامجها النووي». وتابع: «أعتقد أن إبقاء القيود التي وضعها الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني سيساعد أيضاً في التصدي لسلوك إيران العدواني الإقليمي. هناك أمر واحد أنا واثق به: البدائل المتاحة كلها أسوأ (من الاتفاق). المسار الأكثر حكمة يتمثل في تشديد الأصفاد بدلاً من كسرها».
من جانبه، أشار مصدر بالبيت الأبيض إلى أن إدارة الرئيس ترمب لديها موقف واضح من الاتفاق النووي الإيراني، وأن المحادثات مع وزير الخارجية البريطاني ركزت على دور الأوروبيين في معالجة المخاوف التي أثارتها الإدارة فيما يتعلق بسلوك إيران في الشرق الأوسط، وتدخلاتها لزعزعة أمن المنطقة، وبرنامجها الصاروخي، وقدرتها على استئناف تخصيب اليورانيوم بعد عدة سنوات. وقد هدد الرئيس ترمب بإعادة فرض العقوبات والانسحاب من الاتفاق النووي ما لم يتم معالجة تلك الأمور.
ويدير براين هوك، مدير التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأميركية، المفاوضات مع النظراء الأوروبيين لفرض قيود جديدة على إيران، ومعالجة المشاكل والعيوب في الصفقة. وأوضحت مصادر بالخارجية الأميركية أن النقاشات والمفاوضات تقتصر فقط على الحلفاء الأوروبيين، ولا توجد أي نوايا للتفاوض مع إيران بشكل مباشر.
من جانبه، ذكر كيم داروش سفير المملكة المتحدة لدى واشنطن، في تصريحات للصحافيين أمس، أن الجهود مستمرة على مستويات رفيعة المستوي ما بين الإدارة الأميركية وبين بريطانيا والزملاء الفرنسيين والألمان منذ عدة أسابيع. وأضاف أن الخطة «ألف» هي إقناع الولايات المتحدة بالبقاء في الصفقة. وفي سؤاله حول الخطة «باء»، قال السفير البريطاني «نحن ننظر إلى جميع الاحتمالات».
من جانب آخر، سعى وزير الخارجية الأسبق جون كيري لعقد اجتماعات مع القادة الأوروبيين لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني. والتقي كيري، الذي مثل الولايات المتحدة في المفاوضات لإبرام الاتفاق مع طهران، مع كل من وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في نيويورك، الأسبوع الماضي، للمرة الثانية خلال شهرين، كما التقى الرئيس الألماني فرانك شتانماير والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتقول مصادر بالكونغرس إن وزير الطاقة السابق أرنست مونيز، الذي كان طرفاً رئيساً في المفاوضات أيضاً، يحاول الضغط على أعضاء بالكونغرس لحماية الاتفاق النووي.
وندد ترمب على «تويتر» أمس، بلقاءات كيري «التي قد تكون غير قانونية»، واتهمه بالتسبب في «هذه الفوضى».
وأوضح مساعدون بالكونغرس أن كيري ومونيز عقدا لقاءً في الأسبوع الماضي مع أعضاء مجلس الشيوخ والنواب، للتأكيد على أن انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق يمكن أن يسبب تعقيدات كثيرة، والتقى كيري ومونيز مع رئيس مجلس النواب بول راين الذي طالما صرح بمعارضته للاتفاق النووي مع إيران.
جونسون يتعهد بالعمل على إصلاح الاتفاق مقابل بقاء أميركا
جونسون يتعهد بالعمل على إصلاح الاتفاق مقابل بقاء أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة