كاميرا جديدة للكشف عن البيئة البحرية من الجو

كاميرا جديدة للكشف  عن البيئة البحرية من الجو
TT

كاميرا جديدة للكشف عن البيئة البحرية من الجو

كاميرا جديدة للكشف  عن البيئة البحرية من الجو

يمضي الغواصون عطلاتهم في زيارة الوجهات الاستوائية الساحلية للتعرّف إلى الكنوز الموجودة في البيئة المائية. ولكن الباحثين سيعتمدون، من الآن فصاعداً، على أدواتهم الخاصة التي ستتيح لهم التعرّف إلى هذه المنظومة البيئية وهم موجودون فوق سطح المياه، ليس بهدف التمتّع بالمناظر الخلابة، بل لدراسة صحّة الشعاب البحرية الضرورية للأسماك، والسياحة، وازدهار البيئة المحيطية.
كم يمكن لشخص واحد أن يرى من هذه الشعاب أثناء غوصه؟ وماذا إن أراد الباحثون تقييم صحة هذه الشعاب في منطقة كاملة، أو التحقّق ما إذا كانت تشهد تراجعاً عن المعدّل العالمي أم لا؟
نجح فيد شيراياث، من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة «ناسا» الفضائية في سيليكون فالي، في تطوير أداة جديدة وتقنية برمجية اسمها «العدسات السائلة» يمكنها التقاط صور واضحة للشعاب البحرية عبر المياه المتحرّكة.
ويمكن تخيل هذا لدى الجلوس في أعلى حمّام سباحة والنظر إلى شيء ما. عندما تكون المياه هادئة وخالية من الناس، يمكن رؤية الشعاب بوضوح. ولكن في حال وجود غواصين يحدثون تموجات في المياه، لن تكون الصورة واضحة بالنسبة لك، ولن تتمكّن من تحديد مقاس الشعاب وشكلها بسهولة.
تعطي أمواج المحيطات النتيجة نفسها حتى في أكثر المناخات الاستوائية صفاءً. ولذا يعمل برنامج «العدسات السائلة» على تبديد تشوّه الرؤية، حتى يتمكّن الباحثون من رؤية الشعاب المرجانية بدقّة عالية. ويمكن استخدام بيانات هذه الصورة لتقييم تفرعات أنواع المرجان المتراكمة، وتمييز المرجان السليم من المرجان المريض أو الميت. كما يمكن استخدامها لتحديد نوعية المواد بين رملية وصخرية.
حتى اليوم، ووفقاً لموقع «ناسا» الإلكتروني، فقد اقتصرت تجربة كاميرا «فلويد كام» (Fluid Cam) الجديدة، التي تحمل برنامج «العدسات السائلة»، على الطيران بواسطة طائرة ذاتية القيادة فقط. ولكن يوماً ما، قد تصل هذه التقنية إلى التحليق على متن مركبة فضائية لجمع بيانات صور لمرجان العالم كلّه.
إنّ كمية البيانات التي سيجمعها الباحثون عبر هذه الكاميرا ستكون كبيرة جداً، وسيصعب البحث عبرها عن سمات محدّدة في الشعاب. لهذا السبب، يعمل فريق بحث شيراياث على فهرسة البيانات التي جمعوها، وإضافتها إلى قاعدة بيانات لاستخدامها في تدريب كومبيوتر هائل القوة، لاستخدامه للبحث السريع في إطار عملية تعرف بـ«التعلّم الآلي».
وبفضل التطورات التقنية التي تشهدها أدوات جمع البيانات وتقنيات التعلّم الآلي في إجراء تقييمات سريعة للبيانات، يقترب الباحثون المتخصصون بالشعب المرجانية كثيراً من الحصول على مزيد من الملاحظات الأرضية، لمساعدتهم في فهم الشعاب البحرية الموجودة في كوكبنا.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً