هناك في تاريخ الشعر والأدب الكرديين الضارب في القدم، أسماء وقامات شامخة من الرجال الذين أثروا المكتبة الثقافية الكردية بروائع ترجم الكثير منها إلى العديد من اللغات الحية في العالم، لكن القامات النسوية الكردية في هذا المضمار لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، تتصدرها بلا منازع الشاعرة الكردية المعروفة كجال إبرهيم خضر، التي رحلت مبكراً عن عالمنا قبل أيام، إثر سكتة قلبية، وهي في الخمسين من العمر، تاركة خلفها ثلاثة أولاد، وإرثاً شعرياً كبيراً، لا يُقدر بثمن.
دشنت الشاعرة مسيرتها للمرة الأولى عام 1987 بتنظيم قصائد للأطفال، ثم توالت إبداعاتها على مدى العقود الثلاثة المنصرمة، فصدر لها 17 ديواناً شعرياً، ترجم الكثير منها إلى اللغات الإنجليزية والألمانية واللاتينية والفارسية، إضافة إلى ديوانها المترجم إلى العربية والمعنون «عين للعشق وحضن للمحبة».
هي لم تكن مجرد شاعرة تقليدية تنظم الكلام الموزون المقفى، بل ثائرة تجاوزت في قصائدها أنماطاً شعرية مألوفة في الشعر الكردي، وتفوقت على مدارس شعرية لا تزال من وجهة نظر الكثير من النقاد، حصوناً يستحيل اختراقها، ذلك أن أسلوبها المميز في صياغة الشعر المقرون بالإحساس المرهف، يختلف جذرياَ عن أساليب من سبقوها أو عاصروها من الشعراء من كلا الجنسين.
لقد نجحت كجال، بحسب العديد من النقاد الكرد، في إنشاء مدرسة بحد ذاتها يحق تسميتها مجازاً باسم «مدرسة كجال الشعرية» تضاهي في قيمتها الأدبية مدارس شعرية كبيرة كمدرسة «نالي، وهيمن، ومولوي، وبيكس، وآخرين». يقول هيمن البرزنجي، عضو اتحاد الأدباء الكرد في محافظة السليمانية، إن «قصائد الشاعرة الراحلة حققت مكانة مرموقة في العديد من الأوساط الشعرية بالعالم، بما فيها أوساط الشعر العربي، وحصدت العشرات من الجوائز العالمية، وبذلك مدت جسوراً وطيدة بين الشعر الكردي وبين الشعر العالمي».
كجال المتحدرة من أسرة متوسطة الحال في بلدة قلعة دزة شمال شرقي السليمانية، لم تتميز كشاعرة معاصرة ذات أسلوب شعري مميز وحسب، بل برزت أيضاً بمواقفها الإنسانية النبيلة على صعيد الدفاع المستميت عن حقوق المرأة الكردية وقضاياها في العديد من الميادين، فاستحقت بجدارة مائة وسبعين جائزة عالمية، وثمانين جائزة أدبية على مستوى كردستان، عبر ثلاثة عقود من مسيرتها الشعرية.
الكردية كجال... علامة فارقة في الشعر الكردي
رحلت عن 50 عاماً
الكردية كجال... علامة فارقة في الشعر الكردي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة