«مقاول الأطفال» مهنة لم تراع براءة الأطفال من الأسر الفقيرة بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، وانتزعتهم إلى ميادين العمل مبكرا بالمصانع والشركات، وإلي الحقول، ليصارعوا لهيب الشمس في حصاد القمح، الذي بدأ موسمه منذ أيام، ومطاردة صاحب العمل المستمر لهم من أجل الحصول على أعلى نتيجة بأقل التكاليف دون النظر لكونهم أطفالا دفعتهم أسرهم للعمل بعدما اشتدت بهم حالة العوز والفقر، ومن ثم بات عمل الأطفال رافدا ماليا لتستقيم حياة الأسرة.
كان الصعيد، وخصوصا محافظة أسيوط، الأكثر تأثراً بارتفاع الأسعار في معظم السلع اليومية التي يحتاج إليها المواطنون، حيث يعيش 61 في المائة من سكانها تحت خط الفقر، حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وهكذا، ظهرت بعض الوظائف التي كان أصحابها يتوارون من الخجل فيما مضى، من على السطح من جديد مثل وظيفة «مقاول الأطفال» لتوريد عمالة الأطفال للمصانع والشركات بشكل يومي في سيارات نقل، كما لو كان الأطفال سلعة تباع وتشترى.
ورغم تجريم عمل الأطفال فإن الوضع في أسيوط يزداد قتامة، كلما زادت حدة الفقر وتأججت نيران الأسعار.
يقول صاحب مصنع، رفض ذكر اسمه، نستعين ببعض الأطفال، من قرى منقباد والمطيعة وإسكندرية التحرير، وغيرها من القرى، كعمال باليومية.
وأوضح أن تلك القرى تكون فيها العمالة متوفرة لقلة دخل الأسرة، وانعدام النشاط التجاري بها، ونظرا لقرب بعض تلك القرى من المدن الصناعية والمزارع، وينظم عملهم مقاول وهو الذي يجمع الأطفال من القرى، ويلتزم باصطحابهم وإرجاعهم مرة أخرى لأهلهم، مقابل مبلغ مالي عن كل مجموعة عمال يوردها للمصنع، والتي تصل إلى نحو مائة طفل عامل يوردهم يوميا الساعة السادسة صباحا.
ويشير صاحب المصنع، إلى أن ذلك المقاول، يحصل على مقابل مالي عن كل طفل يستقدمه للعمل، مقابل تنظيمهم ومسؤوليته تجاههم منذ الخروج من المنزل وحتى العودة.
ورغم عشرات القوانين التي تجرم عمالة الأطفال، فما زال المشهد اليومي لسيارات النقل التي تحمل الأطفال الذين يتركون مدارسهم للعمل، مستمرا.
وتنوعت مظاهر العوز الشديد في تسرب نحو 9 آلاف طفل من التعليم بمحافظة أسيوط، للانخراط بسوق العمل للمساهمة في رفع دخل الأسرة لمواجهة ارتفاع الأسعار، وتزدهر وظيفة «مقاول الأطفال» في مواسم كثيرة منها حصاد القمح الذي بدأ منذ أيام، ويتم فيه استقدام مئات بل آلاف الأطفال للعمل في الحقول.
وفي تصريحات صحافية سابقة، أكد المهندس ياسر الدسوقي محافظ أسيوط أن المحافظة تعد من أولى المحافظات التي شكلت وفعلت لجان حماية الطفل، لافتا إلى ضرورة تكاتف جميع القوى المدنية والمجتمعية مع الجهاز التنفيذي لحل المشكلات المتعلقة بحماية الطفل وتذليل كل العقبات. كما تعمل وزارة التضامن الاجتماعي على توفير إطار وقائي وعلاجي للأطفال المعرضين للخطر في أسيوط، وحمايتهم من كل أشكال الإساءة والانتهاكات في مختلف المواقع سواء في المدرسة، أو العمل، الأسرة، وفي الشارع أيضا، وتأهيلهم بالتنسيق مع الأسرة لإعادته للمسار الطبيعي للمجتمع.
* من مبادرة «المراسل العربي»، لإرسال القصص الصحافية راسلونا على [email protected]
«مقاول الأطفال»... مهنة تنتهك البراءة في صعيد مصر
«مقاول الأطفال»... مهنة تنتهك البراءة في صعيد مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة