مصادر في البيت الأبيض ترجح الانسحاب من الاتفاق النووي

إيران تتهم أوروبا بـ«التنازل» لترمب

مصادر في البيت الأبيض ترجح الانسحاب من الاتفاق النووي
TT

مصادر في البيت الأبيض ترجح الانسحاب من الاتفاق النووي

مصادر في البيت الأبيض ترجح الانسحاب من الاتفاق النووي

أعلنت طهران «بوضوح»، أمس، إغلاق باب التفاوض مستقبلاً، في حال انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الدول الأوروبية بـ«استرضاء» الإدارة الأميركية، في حين أبدت مصادر غربية شكوكاً حول انسحاب واشنطن من الاتفاق، وتشير إلى مهلة أميركية جديدة متسقة مع مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعودة الدول الكبرى إلى طاولة المفاوضات بحثاً عن اتفاق شامل يحول دون انهياره.
ولجأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، إلى موقع «يوتيوب» المحظور في إيران لـ«مصارحة» الرأي العام، بعدما استنفد كل الطرق المؤدية إلى الإعلام الأميركي على مدى الشهر الماضي، بهدف الضغط على الرئيس الأميركي لإعادة النظر في الاتفاق.

وقال إن مطالب واشنطن بتغيير الاتفاق النووي الذي توصلت إليه طهران مع القوى العالمية غير مقبولة، مضيفاً: «دعوني أوضح الأمر بشكل قاطع ونهائي: نحن لن نعهد بأمننا إلى جهة أخرى، ولن نعيد التفاوض على اتفاق نفذناه بالفعل»، وفق ما نقلت عنه «رويترز». وعلى مدى خمس دقائق، دافع وزير الخارجية الإيراني عن الاتفاق النووي، وذلك مع اقتراب موعد نهائي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترمب للقوى العالمية من أجل «إصلاح» الاتفاق، وأوضح في الفيديو متحدثاً بالإنجليزية إن الولايات المتحدة «دأبت على انتهاك الاتفاق النووي، ولا سيما بتخويف الآخرين لمنع الشركات من العودة إلى إيران». كما وجه اتهاماً إلى الدول الأوروبية، وقال: «يبدو الآن أن بعض الأوروبيين يقدمون تنازلات أكثر على حسابنا... مثل هذا الاسترضاء (لترمب) يستتبع اتفاقاً جديداً سيشمل أموراً قررنا جميعاً استبعادها في مستهل مفاوضاتنا».
وصرح السفير الإيراني في لندن وعضو الفريق المفاوض النووي سابقاً، حميد بعيدي نجاد، بأن إيران «ستكون مستعدة للعودة إلى الوضع السابق»، في حال انسحاب واشنطن، وقال في مقابلة مع كريستيان امانبور في شبكة «سي إن إن» إنه «لن يعود هناك اتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة»، لأن «قسماً كبيراً من الاتفاق تم الإخلال به وانتهاكه بشكل واضح»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأفادت وكالة «رويترز»، نقلاً عن مصادر مقربة من الإدارة الأميركية، أول من أمس، بأن ترمب قرر تقريباً الانسحاب من الاتفاق، لكن لم يتضح بعد ما الذي سيفعله على وجه التحديد.
وقال المصدر إن هناك احتمالاً لأن يختار ترمب البقاء ضمن الاتفاق الدولي، وذلك من أجل «الحفاظ على التحالف» مع فرنسا وحفظ ماء وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى بترمب الأسبوع الماضي، وحثه على عدم الانسحاب من الاتفاق.
على الصعيد ذاته، قال دبلوماسيون إنه إذا قرر ترمب عدم تمديد رفع العقوبات عن إيران، فسوف يؤدي ذلك إلى انهيار الاتفاق وقد يثير رد فعل عنيفاً من قبل إيران التي قد تستأنف برنامجها النووي أو تتجه إلى التصعيد عبر الميليشيا التابعة لـ«الحرس الثوري» في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
ويتعين على ترمب أن يقرر بحلول 12 مايو (أيار) ما إذا كان سيجدد تعليق بعض العقوبات الأميركية على إيران. وقال مسؤول بالبيت الأبيض، تحدث شريطة عدم نشر اسمه، إنه من الممكن أن يتوصل ترمب إلى قرار «لا يتعلق بانسحاب كامل»، لكن المسؤول لم يستطع تحديد ما الذي سيفعله ترمب. وقال مسؤول ثانٍ بالبيت الأبيض إن «كبار المساعدين لا يسعون بقوة للحديث عن انسحاب ترمب من الاتفاق لأنه يبدو أنه عاقد العزم على ذلك».
في المقابل، قللت إيران من أهمية الإعلان الإسرائيلي لكن الأوساط الغربية أبدت مواقف حذرة من الخطوة الإسرائيلية. ورمى نتنياهو الكرة في ملعب الدول الغربية أول من أمس عندما أعلن عن استعداد إسرائيلي للتعاون مع الوكالة الدولية والأجهزة الغربية المعنية للتأكد من صحة الوثائق.
وأعلن مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، أمس: «في حال انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فلن نبقى فيه نحن كذلك». وحذر في تصريحات نُشرت على موقع التلفزيون الرسمي الإيراني الأوروبيين من أي مفاوضات جديدة وتعديل للاتفاق. وقال: «إيران وافقت على الاتفاق النووي كما أُعد ولن تقبل بأن يضاف أو يسحب أي شيء منه». وأضاف: «حتى لو سعت الدول الحليفة لواشنطن، خصوصاً أوروبا، إلى مراجعة الاتفاق النووي مع الأميركيين للبقاء فيه، فإن أحد خياراتنا سيكون الانسحاب منه».
جاء الاستنفار الإيراني بعد الإرباك الدولي الذي سببته «وثائق» كشف عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر خطاب متلفز، وزعم أنها نسخ من أرشيف للبرنامج السري الإيراني نحو القنبلة الذرية قبل التوصل للاتفاق النووي. وقالت إسرائيل إنها حصلت على الأرشيف في مستودع بمنطقة نائية في ضاحية طهران الجنوبية.
في هذا الصدد، صرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس خلال زيارته للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تعثر حتى الآن خلال فحصها لاتهامات إسرائيل ضد إيران على أية أدلة لانتهاك الاتفاق النووي من جانب طهران. وأوضح ماس أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قامت بفحص الاتهامات وتوصلت إلى نتيجة مفادها أنه لا يتبين وجود أي انتهاكات للاتفاق، على الأقل مما تم استخلاصه بشكل مباشر من المعلومات بقدر ما تم تقييمها حتى الآن. ولكنه أكد أن الفحوصات لا تزال مستمرة هناك، وقال: «من المؤكد أنه ستتم مواصلة الفحص، وسوف ننظر في ذلك أيضاً بمنتهى الدقة».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهم القيادة في طهران بأنها احتفظت سرّاً بمعرفة واسعة النطاق عن كيفية بناء أسلحة نووية، لأجل استخدام مستقبلي محتمل.
بدوره، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إسرائيل لتقديم المعطيات حول استمرار إيران ببرنامجها النووي فوراً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال امتلاكها مثل هذه الوثائق.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وزير الخارجية الروسي قوله في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي: «إذا كانت إسرائيل أو أي أحد كان، قد حصل على وثائق تؤكد، كما يقولون، استمرار خطط تطوير أسلحة نووية في إيران، فيجب تقديم هذه الوثائق فوراً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المسؤولة عن تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة».
وأضاف لافروف: «إن معلومات إسرائيل حول البرنامج النووي الإيراني قد تكون من الماضي، الآن كل شيء تحت سيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وانقسم المراقبون بين أن تكون خطوة تل أبيب تهدف إلى الضغط على ترمب من أجل الانسحاب من الاتفاق النووي وأن تكون الخطوة جاءت دعماً لنية ترمب المبيتة بشأن الانسحاب.
ومنذ أسبوعين لم يتوقف التحرك السياسي من كل الأطراف المعنية بالقضية الإيرانية. في يناير (كانون الثاني) الماضي وفي ثاني خطوة، وافق ترمب على تمديد العقوبات النووية لكنه قال: «سيكون آخر تمديد ما لم تعمل الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على رفع ثغرات الاتفاق النووي. تحرك الدول الثلاثة لفرض حزمة عقوبات تستهدف نشاط طهران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية لم يؤد إلى نتيجة».
وانقسمت الدول الأوروبية الراغبة بعلاقات تجارية مع طهران حول فرض أي عقوبات. خلال الأسبوعين الماضيين توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى البيت الأبيض.
لكن لم يخرج المسؤولون الأوروبيون منذ ثمانية أشهر تصدر الاتفاق النووي قائمة السياسية لخارجية للإدارة الأميركية بقيادة ترمب. في أول خطوة جدية أعلن للمرة الأولى منذ وصوله للرئاسة أنه لن يوقع تمديد العقوبات النووية وبذلك نقل الكرة إلى ملعب الكونغرس في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بإصلاح الثغرات في الاتفاق النووي ولا سيما إعادة النشاط في الأقسام التي استهدفتها قيود الاتفاق. بموازاة ذلك منحت الخزانة الأميركية إعلان «عقوبات شديدة» ضد «الحرس الثوري». حينذاك كان النقاش ساخناً حول تصنيف «الحرس الثوري» كمنظمة إرهابية لكن الإدارة الأميركية اكتفت باستهداف برنامج الصواريخ ودور «فيلق القدس» الإقليمي. لكن ترمب قد يتوجه بعد الكونغرس للحلفاء لإلغاء الاتفاق.
في غضون ذلك، حذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش من إلغاء اتفاق إيران النووي ما لم يكن هناك بديل جيد ليحل محله. وقال في مقابلة مع المحطة الإذاعية الرابعة في هيئة الإذاعة البريطانية: «إذا توصلنا لاتفاق أفضل في يوم ما ليحل محله فلا بأس، لكن يجب ألا نلغيه إذا لم يكن لدينا بديل جيد»، مضيفاً: «أظن أنه سيكون من الضروري الحفاظ عليها لكنني أعتقد أيضاً أن هناك حالات سيتعين فيها إجراء حوار بنَّاء لأني أرى أن المنطقة في وضع خطر جدا».
وتابع قائلاً: «أتفهم مخاوف بعض الدول فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في دول أخرى بالمنطقة. لذا أعتقد أن علينا فصل الأمور عن بعضها».



نائب الرئيس الإيراني يستقيل بعد إقالة وزير الاقتصاد

نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف (أرشيفية)
نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف (أرشيفية)
TT

نائب الرئيس الإيراني يستقيل بعد إقالة وزير الاقتصاد

نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف (أرشيفية)
نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف (أرشيفية)

أعلن نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف استقالته، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية إرنا، وذلك بعد إقالة وزير الاقتصاد الإيراني.

وقدم ظريف استقالته إلى الرئيس مسعود بزشكيان، في انتكاسة جديدة بعد سبعة أشهر فقط من توليه المنصب. وجاء قرار ظريف عقب تصويت البرلمان، الذي يهيمن عليه المحافظون المتشددون، بسحب الثقة من وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، وهو شخصية معتدلة ورئيس سابق للبنك المركزي. وصوت 182 نائبا من أصل 273 لصالح إقالة همتي اليوم الأحد، وسط تصاعد التوترات بشأن الأزمة الاقتصادية المستمرة في إيران وارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد.

وشهد الريال الإيراني تراجعا حادا أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية، حيث يكافح العديد من الإيرانيين لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأصبح اللحوم والأسماك من الكماليات. وسبق أن استقال ظريف في آب (أغسطس) 2024 بعد 11 يوما فقط من توليه منصبه، مشيرا إلى خلافات مع بزشكيان حول تشكيل حكومته المحافظة. لكنه عاد لاحقا إلى منصبه، ليعلن استقالته مجددا وسط هذه الأزمة السياسية الأخيرة.