السودان يغلق 13 بعثة دبلوماسية ويقلص 7 أخرى لدواعٍ اقتصادية

سفارة السودان في أبو ظبي.
سفارة السودان في أبو ظبي.
TT

السودان يغلق 13 بعثة دبلوماسية ويقلص 7 أخرى لدواعٍ اقتصادية

سفارة السودان في أبو ظبي.
سفارة السودان في أبو ظبي.

أصدر الرئيس السوداني عمر البشير، قراراً بإغلاق 13 ممثلية دبلوماسية لبلاده في أنحاء العالم، وتقليص عدد الدبلوماسيين في سبع بعثات أخرى إلى شخص واحد، لدواعٍ اقتصادية، وفق ما أعلنته وكالة السودان للأنباء الرسمية (سونا).
وجاء القرار بعد أيام قليلة على إقالة وزير الخارجية إبراهيم غندور، عقب إعلانه أمام البرلمان السوداني أن الدبلوماسيين في البعثات الخارجية لم يتقاضوا رواتبهم لأشهر عدة. وأفادت الوكالة السودانية، ليل الأربعاء - الخميس، بأن البشير أمر بإعادة هيكلة التمثيل الخارجي بهدف ترشيد الإنفاق الذي اقتضته الأوضاع الاقتصادية، واستجابة لدعوات ترشيد الإنفاق، وترقية الأداء في وزارة الخارجية. ووصف خبراء ومحللون سياسيون القرار بأنه تعبير عن أزمة اقتصادية حادة وحالة إفلاس، وأزمة سياسية كبيرة تعيشها البلاد.
وفرض القرار الرئاسي على وزارة الخارجية والوزارات الأخرى المعنية تنفيذ إعادة الهيكلة، بإغلاق 13 بعثة دبلوماسية، واعتماد بعثة الرجل الواحد (سفير) في سبع بعثات أخرى، سيتم تحديدها لاحقاً. وأغلق القرار أربع بعثات قنصلية، واشترط أن يكون الهيكل الوظيفي للسفارة في حده الأقصى سفيراً واحداً، وحظر وجود أي دبلوماسي بدرجة سفير، في أي سفارة مهما كانت المبررات، عدا سفارات حددها القرار بأربع دول (لم يذكرها).
وحدد القرار فترة عضو البعثة الدبلوماسية في السفارة بثلاث سنوات دون تجديد لأي اعتبارات، وتوفيق أوضاع السفارات على ضوء هذا القيد وعلى الفور.
وبموجب المرسوم الرئاسي، تقرر إغلاق الملحقيات الاقتصادية والتجارية كافة، عدا المحلقية الاقتصادية في مدينة أبوظبي، التي ستستمر في العمل لنهاية تكليفها بتحضير مشاركة السودان في معرض «إكسبو 2020»، كما شمل إغلاق الملحقيات الإعلامية كافة ما عدا في ثلاث عواصم، هي لندن، والدوحة، والقاهرة.
وقال المحلل السياسي خالد عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن قرار تقليص البعثات الدبلوماسية وإغلاق السفارات تكشف حجم الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد، ويوضح أن السودان يعيش أزمة سياسية محلية وخارجية كبيرة، تكشف عن أنه بلا إسناد خارجي أو أصدقاء يساعدونه على مواجهة الأزمة.
وأوضح عبد العزيز، أن القرار مرتبط بإقالة وزير الخارجية إبراهيم غندور من منصبة 19 أبريل (نيسان) الماضي، على خلفية إفادته للبرلمان بأن سفاراته في الخارج لم تتسلم مرتباتها وإيجارات مقراتها لأكثر من سبعة أشهر، وأن العجز في ميزانية الوزارة يبلغ 30 مليون دولار.
وبحسب عبد العزيز، فإن القرار يؤكد فشل الحكومة السودانية في توفير رواتب البعثات الخارجية، ويكشف حجم الأزمة الاقتصادية، والشح الكبير في أرصدتها من العملات الأجنبية، وما رافقها من أزمات معيشية تمثلت في الارتفاع الجنوبي في أسعار السلع الرئيسية، وأزمة المحروقات الطاحنة التي تعيشها البلاد.
ويقول عبد العزيز، إن القرار الرئاسي بتقليص البعثات الدبلوماسية يحمل رسالة للداخل السوداني الذي يعيش أزمة اقتصادية طاحنة، فحواها أن الحكومة «تستجيب» لسياسات التقشف التي أعلنت مراراً تبنيها، لكنه في الوقت ذاته يكشف فشل السودان في الاستفادة من قرار رفع العقوبات بتشجيع الاستثمار والإنتاج.
ويوضح، أن ميزانية الخارجية السودانية، حسب تصريحات وزيرها السابق، تبلغ 69 مليون دولار، وهو مبلغ زهيد، مقابل الدور الذي يمكن أن تلعبه السفارات والبعثات في استقطاب الاستثمارات والقروض والعائد المنتظر منه، ويقول «الحكومة تواجه مشكلة في تحديد أولوياتها».
ويلحظ القرار الرئاسي «تخفيض الكادر الإداري في البعثات بنسبة 20 في المائة، إضافة إلى التخفيض السابق 30 في المائة ليصبح جملة التخفيض 50 في المائة. وتصفية الكادر الإداري لوزارة الخارجية ليتولى الدبلوماسيون العمل الإداري فيها».
وعانى السودان نقصاً في العملات الأجنبية؛ مما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار الأميركي وأجبر المصرف المركزي على خفض قيمة العملة السودانية لمرتين في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكان من المتوقع أن يتحسن الاقتصاد السوداني سريعاً عقب رفع الولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقوبات اقتصادية كانت تفرضها على الخرطوم لعقود. لكن مسؤولين سودانيين يؤكدون، أن الأوضاع لم تتغير وكل المصارف الدولية ما زالت متوقفة عن القيام بالتحويلات مع رصيفاتها السودانية.
وواجهه الاقتصاد السوداني صعوبات عقب استقلال جنوب السودان عنه؛ مما أفقد البلاد 75 في المائة من إنتاج النفط الذي كان يبلغ 470 ألف برميل يومياً. وأدى ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم حتى وصل إلى نحو 56 في المائة، وتسبب في نقص في المنتجات البترولية بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى، إضافة إلى زيادة أسعار الخبز والمواد الغذائية الأخرى؛ ونتيجة لذلك خرجت مظاهرات مضادة للحكومة في العاصمة ومدن أخرى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.