منافسة شديدة على المقعدين السنّيين في «البقاع الثانية»

النائب وائل أبو فاعور في جولة انتخابية لتحالف الحزب التقدمي الاشتراكي مع تيار المستقبل  في البقاع الغربي وراشيا («الشرق الأوسط»)
النائب وائل أبو فاعور في جولة انتخابية لتحالف الحزب التقدمي الاشتراكي مع تيار المستقبل في البقاع الغربي وراشيا («الشرق الأوسط»)
TT

منافسة شديدة على المقعدين السنّيين في «البقاع الثانية»

النائب وائل أبو فاعور في جولة انتخابية لتحالف الحزب التقدمي الاشتراكي مع تيار المستقبل  في البقاع الغربي وراشيا («الشرق الأوسط»)
النائب وائل أبو فاعور في جولة انتخابية لتحالف الحزب التقدمي الاشتراكي مع تيار المستقبل في البقاع الغربي وراشيا («الشرق الأوسط»)

يشهد البقاع الغربي معركة انتخابية هي الأولى من نوعها في المنطقة تدور بين لائحتين محسوبتين على أحزاب السلطة وثالثة للمجتمع المدني. وتوحي كل المؤشرات الميدانية بأن المنافسة ستكون على أشدّها على الساحة السنّية، وبخاصة أن التحالفات التي وإن كانت داخل الصف السياسي الواحد قد شابها الكثير من الخلافات؛ وهو ما يترجم بين صفوف الناخبين والماكينات الانتخابية العائدة لكل فريق.
ولا يزال فريق «الحزب التقدمي الاشتراكي» يتحدث عن استبعاد مرشحه النائب الحالي أنطوان سعد من قبل «تيار المستقبل» لصالح المرشح غسان المعلوف، كما أن ترشيح «التيار الوطني» للنائب السابق إيلي الفرزلي جاء في اللحظات الأخيرة، وبعد ضغط من قبل شارع «التيار» الموجود في المنطقة، إضافة إلى أن معلومات ترددت عن أن أعضاء لائحة «التيار» التي تحمل اسم «الغد الأفضل» والمدعومة من «حزب الله» (غير مكتملة)، عبّروا عن استيائهم من تفرد الوزير السابق عبد الرحيم مراد بقرار اللائحة، ومن محاولة التغطية على وجودهم فيها، وتجيير كل حملة اللائحة له فقط، بدليل انتشار صوره حصراً على الطرقات، كما يتردد أن الاتصالات مقطوعة بين مراد والمرشح النائب السابق إيلي الفرزلي، إضافة إلى وجود خلاف بين مراد أيضاً والمرشح النائب السابق فيصل الداود بعدما ترددت شائعات عن أن مراد حاول شراء أصوات درزية؛ مما آثار بلبلة داخل ماكينة الداود الانتخابية.
وفي مقابل «لائحتي أحزاب السلطة»، يخوض المجتمع المدني معركة أيضاً في هذه الدائرة، وإن كانت غير مكتملة، وتضم أيضاً مرشحين عن المقعدين السنيين.
وتضم دائرة البقاع الثانية (البقاع الغربي – راشيا) ستة مقاعد، 2 للسنة وشيعي، درزي، ماروني وأرثوذكسي، ومجموع الناخبين فيها هو نحو 140950، موزعين على 68047 سنياً، و20689 شيعياً، و20534 درزياً، و10743 ماروونياً، و9789 أرثوذكسياً، و9659 كاثوليكياً.
وتضم لائحة «تيار المستقبل –الاشتراكي» عن المقاعد السنية، النائب الحالي زياد القادري والمرشح محمد القرعاوي، وعن المقعد الشيعي والدرزي النائبان الحاليان وائل أبو فاعور وأمين وهبي، وعن المقعد الأرثوذوكسي المرشح غسان المعلوف، وعن المقعد الماروني المرشح هنري شديد، في المقابل تضم اللائحة المنافسة «الغد الأفضل» المقعد السني عبد الرحيم مراد، المقعد الدرزي فيصل الداود، المقعد الأرثوذوكسي إيلي الفرزلي، والمقعد الماروني ناجي غانم، وكان الفرق بينها وبين اللائحة الأولى في انتخابات عام 2009 التي أجريت وفق القانون الأكثري، نحو ثلاثة آلاف صوت لصالح فريق «14 آذار»؛ وهو الأمر الذي قد يتغير اليوم في ظل القانون النسبي بحيث باتت احتمالات الخرق شبه مؤكدة.
ويصف مسؤول المندوبين في الحملة الانتخابية لـ«تيار المستقبل» وسام شبلي المعركة بـ«السياسية بامتياز وليست انتخابية»، وينطلق في هذا التوصيف بالقول لـ«الشرق الأوسط»، إن اللائحة المنافسة، أي لائحة «الغد الأفضل» برئاسة مراد، تعكس عودة النظام السوري والهيمنة الإيرانية، وتعد لائحة «حزب الله»، وهو ما جاء على لسان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، معتبراً أن هذه اللائحة سوف تعيد وصل ما انقطع بين البقاع والنظام السوري». أما كيف ستتوزع أصوات المستقبل التفضيلية، فيوضح شبلي: «هذا الموضوع لم يحسم بعد لدى ماكينات المستقبل، وهو متروك للحظات الأخيرة قبل العملية الانتخابية، أي الأحد المقبل»، لافتاً إلى «أن ماكينة المستقبل تعمل لأجل رفع نسبة الاقتراع لصالح كل لائحة (مستقبل البقاع الغربي وراشيا)؛ كي تقطع طريق احتمالات الخرق للائحة المنافسة».
من جهته، يؤكد رباح القاضي، وكيل داخلية راشيا في الحزب التقدمي الاشتراكي، أن «ماكينة الحزب على أعلى جهوزية، حيث إن للحزب ثقة بالناس وهم عملوا بقيادة رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط منذ 2005 على تعزيز ثقة الناس عبر النائب وائل أبو فاعور من خلال عمله الدؤوب للخدمة العامة وتلبية حاجيات المنطقة». أما ما يحكى عن تطمينات لأبو فاعور بأنه حاصل على نسبة 9000 صوت تفضيلي، فيقول القاضي «إن هذه الأرقام غير دقيقة»، مشدداً على أن ماكينة الحزب وماكينة تيار المستقبل الانتخابيتين على تنسيق يومي، كما أن النائب أبو فاعور يتواصل بشكل مستمر مع مرشحي تيار المستقبل؛ مما يعني ما قيل عن اختلاف في وجهات النظر بين الطرفين عند تشكيل اللائحة «أصبحت وراءنا».
وعلى المقلب الآخر، فإن توزيع الأصوات التفضيلية من قبل «التيار الوطني الحر» قد حسم باتجاه النائب السابق إيلي الفرزلي، حسب ما يقول الدكتور جورج نمر منسق الحملة الانتخابية للتيار في راشيا، لـ«الشرق الأوسط».
وبانتظار يوم الأحد المقبل، يمكن القول إن معركة البقاع الثانية تتركز بشكل أساسي على المقعد السني، وهو ما عبّر عنه بشكل واضح أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، مشدداً على أهمية الخرق في الساحة السنية، في وقت تشير التقديرات إلى أنه وبصرف النظر عن التحالفات فإنه من المتوقع أن تفوز كل لائحة بثلاثة مقاعد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.