تل أبيب وواشنطن تعتبران تصريحات عباس {معادية للسامية}

الاتحاد الأوروبي قال إنها لا تساعد على حل الدولتين

TT

تل أبيب وواشنطن تعتبران تصريحات عباس {معادية للسامية}

هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولون إسرائيليون آخرون وأميركيون، خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال افتتاح دورة المجلس الوطني الحالية، الذي تطرق فيه للمحرقة، ووصفوه بأنه «معاد للسامية».
وقال نتنياهو في بيان له، إن عباس «ألقى خطابا آخر معاديا للسامية»، مكررا: «أحقر الشعارات المعادية للسامية... ويبدو أن من أنكر المحرقة يبقى منكرا للمحرقة»، في إشارة منه إلى أطروحة الدكتوراه التي قدمها عباس عام 1982. التي يقول عنها الإسرائيليون إنها تنكر حقائق المحرقة. داعيا المجتمع الدولي إلى إدانة خطاب عباس بقوة.
وقال عباس في الخطاب الذي كان جزء منه متعلقا بالتاريخ إن «هؤلاء اليهود الذين انتقلوا إلى أوروبا الشرقية والغربية كانوا يتعرضون كل عشر أو 15 سنة، لمذبحة من دولة ما، وذلك منذ القرن الـ11 وحتى (الهولوكوست) الذي حدث، فلماذا كانت تحصل هذه المذابح؟ هم يقولون (لأننا يهود)، وأنا أريد استحضار ثلاثة يهود بثلاثة كتب، ومنهم جوزيف ستالين، وإبراهام وإسحاق نوتشرد، الذين يقولون إن الكراهية لليهود ليست بسبب دينهم. وإنما بسبب وظيفتهم الاجتماعية، إذن فالمسألة اليهودية التي كانت منتشرة في أوروبا ضد اليهود ليست بسبب دينهم، بل بسبب الربا والبنوك، والدليل على ذلك أنه كان هناك يهود في الدول العربية، وأنا أتحدى أن تكون حدثت قضية ضد اليهود في الوطن العربي منذ 1400 سنة».
وفور خروج هذه التصريحات، علقت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان قائلة: «على الهواء مباشرة أطلق عباس تصريحات لا يمكن وصفها سوى بأنها معادية للسامية وإنكار للمحرقة، محمّلا اليهود مسؤولية الهولوكوست وإبادتهم، مع استخدام قوالب نمطية وأساليب لوم مأخوذة من معجم معاداة السامية الكلاسيكي. لا يمكن القبول بقيادة وطنية يحركها مثل هذا الشعور، ومن المؤسف أن رئيس السلطة الفلسطينية يكرر مرة تلو الأخرى هذه التصريحات المعادية للسامية غير المقبولة».
من جهته، قال وزير التربية والتعليم نفتالي بينت، زعيم حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف، إن «عباس غارق في معاداة السامية والعنصرية من رأسه حتى أخمص قدميه. إنه يواصل تقاليد من سبقوه».
كما قال وزير الأمن العام غلعاد إرادن إن «عباس كرر اسما معاديا للسامية».
وانضم مسؤولون أميركيون إلى الإسرائيليين في انتقاد عباس، إذ قال السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، إنه «وصل للحضيض... وكل من يعتقد أن إسرائيل هي السبب في عدم وجود سلام... فكروا من جديد».
أما جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة، فقد علق بالقول: «مؤسف ومثير للقلق ومحبط للغاية. لا يمكن بناء السلام على هذا النوع من الأساسات».
كما ندد الاتحاد الأوروبي أمس بتصريحات عباس، معتبرا إياها «غير مقبولة». وقال المتحدث باسم الجهاز الدبلوماسي في الاتحاد الأوروبي في بيان، إن «الخطاب الذي أدلى به الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحمل تصريحات غير مقبولة، تتعلق بأصل المحرقة وشرعية إسرائيل». مضيفا أن «مثل هذا الخطاب لن يفيد سوى هؤلاء الذين لا يرغبون في حل الدولتين، الذي دعا له الرئيس عباس مرارا».
بدوره، رفض وزير الخارجية الألماني هايكو ماس تصريحات عباس، بقوله: «نحن نعارض ذلك... ونقف ضد أي (رؤية) نسبية للمحرقة... وذكرى المحرقة تمثل لنا تفويضا بضرورة مواجهة معاداة السامية بشكل صارم على مستوى العالم».
ولم تعقب الرئاسة الفلسطينية على الانتقادات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.