المصالحة مع «إخوان مصر»... دعوات متكررة لا تلقى تجاوباً

بلاغات قضائية ضد عضو بـ«حقوق الإنسان» طرح مبادرة لحوار مجتمعي

TT

المصالحة مع «إخوان مصر»... دعوات متكررة لا تلقى تجاوباً

بين الحين والآخر تظهر بمصر دعوات فردية تتبنى فكرة المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة رسميا تنظيما إرهابيا منذ عام 2013.
ورغم تجاهل السلطة والرأي العام لها، فإنها تظل تصدر من أشخاص يندرجون تحت ما يسمى «تيار الإسلام السياسي»، أو حقوقيين وأكاديميين. وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرار تلك الدعوات، خاصة من أطراف محسوبة على الجماعة، يأتي بهدف جس نبض النظام كل فترة، على أمل بث الروح في جسد الجماعة التي تواجه شبح الانهيار».
وكانت تقارير نسبت إلى كمال الهلباوي، القيادي الإخواني المنشق، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (منظمة رسمية)، طرحه قبل أيام، مبادرة لمصالحة سياسية شاملة، تضم جماعة الإخوان. أعقبتها تصريحات لإبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان، أكد فيها أن «الجماعة مستعدة للتفاوض مع النظام وفقا لشروط، على رأسها إطلاق سراح السجناء، وبينهم الرئيس الأسبق محمد مرسي».
غير أن «مبادرة الهلباوي»، وشروط الجماعة، قوبلت باستنكار كبير في الأوساط السياسية المصرية، خاصة من أعضاء بمجلس النواب (البرلمان). وقُدمت عدة بلاغات قضائية ضد الهلباوي، أحدها، أمس، طالب النائب العام بإدراجه على «قوائم الإرهابيين».
في المقابل، رفض الهلباوي اتهامه بالعودة مرة أخرى لصفوف الجماعة أو سعيه لإعادتها مرة أخرى للحياة السياسية. وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «الهلباوي نفى، في توضيح قدمه لمجلس حقوق الإنسان، طرح مبادرة للمصالحة بين النظام والإخوان، وأن تصريحاته فهمت على نحو خاطئ». وأشار المصدر إلى أن «الهلباوي أكد أن مبادرته هي للمجتمع كله، وتقوم على تشكيل مجلس حكماء، يعمل على خروج مصر من التحديات التي تواجهها، وفي مقدمتها الإرهاب والتخلف والفساد». وكشف المصدر عن «وضع الهلباوي استقالته من عضوية مجلس حقوق الإنسان بعهدة المجلس، حتى يرفع الحرج عنه».
ووفق المصدر، فإن المجلس رأى أن التوضيح الذي أرسله الهلباوي مكتوباً ينفي تماما طرحه «مصالحة مع (الإخوان)»، وبالتالي «فلا يوجد ما يدعو لقبول استقالته المفترضة».
وتتهم السلطات الجماعة بالمسؤولية عن أعمال العنف التي تشهدها البلاد من عزل مرسي. ويخضع الآلاف من قادتها وأنصارها للمحاكمات. وعلى نحو 5 سنوات، تبنت عدة أطراف، بينهم مفكرون مصريون ودبلوماسيون غربيون، مبادرات لتسوية سياسية، وتقود إلى مصالحة شاملة، لكن دون جدوى.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أجاب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إمكانية الإفراج عن عناصر الإخوان، قائلا: «نضطر إلى الحزم في التعامل مع من يهدد مصر بالإرهاب... تلك الجماعات هي من بدأت بالخراب والدمار وتسعى لهدم الدولة، ونحن لم ولن نتركهم وذلك للحفاظ على الدولة»، بعدما أكد أن موضوع المصالحة يبقى بيد الشعب المصري وليس بيد أي سياسي.
مصطفى حمزة، مدير مركز «دراسات الإسلام السياسي» بالقاهرة، فسر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تكرار تلك الدعوات بين الحين والآخر، قائلاً إن «هدفها جس نبض النظام المصري»، مشيرا إلى «أنها سرعان ما تختفي من دون أثر متحقق على أرض الواقع، وكأنها كانت بالون اختبار».
وأضاف: «هذه القضية حسمها الرئيس السيسي، حينما قال إن أي مصالحة مع الإخوان لا يمكن أن تتم إلا بقرار من الشعب وليس بقرار من الرئيس، وهذا ما ينبغي وضعه في الاعتبار قبل أي شيء»، مشدداً على أن «هناك عددا من المسلمات من بينها أنه لا تصالح مع الإرهاب، ولا تصالح في القضايا المنظورة أمام القضاء»، داعيا الطرف الأضعف (الإخوان) لـ«تقديم ما يثبت حسن نيته».
وأشار إلى أن «على الجماعة أولا أن تتصالح مع نفسها بالاعتراف بالخطأ في التقدير السياسي، والاعتذار للمصريين عما تسببوا فيه من الدماء التي أريقت». كما ناشد الجماعة بأن تحل نفسها بنفسها، إذا كانوا يريدون التصالح مع الشعب المصري، كمواطنين مصريين مسلمين.
من جهته، يرى الإخواني السابق إبراهيم ربيع، أن «الإخوان تدرك أن المزاج المصري العام يرفض وجودها سياسيا واجتماعيا وثقافيا، وتدرك أيضا أنه يتم بناء الوعي الجمعي لإنهاء الجماعة، لكنها تسعى كالعادة للإرباك والشوشرة ومحاولة الاختراق بين الحين والآخر عبر إثارة موضوع المصالحة».
وقال ربيع، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يقوم به التنظيم يمكن أن يطلق عليه «حملة ابتزاز المصريين وإرباك وعيهم الجمعي بخصوص عودتهم إلى الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية».
ودعا ربيع الإخوان قبل طرح فكرة المصالحة، إلى العمل على عدة أمور من بينها: «تفكيك التنظيم الدولي لـ(الإخوان)، وتسليم السلطات المصرية وثائق وخريطة التحالفات بين التنظيم والدول الداعمة له تمويلا وإعلاما وإيواء، وتسليم السلطات المصرية كل العناصر الهاربة الصادر ضدها أحكام قضائية، وإعلان اعترافه بشرعية كل الإجراءات التي تم اتخاذها منذ الثالث من يوليو (تموز) 2013».
وكان المحامي طارق محمود قد تقدم ببلاغ رسمي للنائب العام ضد كمال الهلباوي، لدعوته للمصالحة مع جماعة الإخوان، بالإضافة إلى ظهوره على قنوات الإخوان بالترتيب معهم في العاصمة البريطانية لندن.
كما تقدم المحامى سمير صبري، أمس، بمذكرة عاجلة للنائب العام، لإدراج الهلباوي على قوائم الكيانات الإرهابية. وقال في مذكرته: «الهلباوي، المقيم حاليا في لندن، ظهر على قناة الشرق الإخوانية، وشن هجوما على الدولة، مادحا قيادات الإخوان ومؤسسها حسن البنا».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.