أعلنت واشنطن، أمس، بدء معركة متعددة الجوانب ضد تنظيم داعش، شمال شرقي سوريا، بما في ذلك تشكيل غرفة عمليات بين الجيش العراقي وبين المقاتلين الأكراد السوريين، بهدف دحر التنظيم من الحدود السورية - العراقية.
وأعلنت الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة وشركاءها من الدول الأخرى يشرعون في عملية لتحرير آخر معاقل تنظيم داعش في سوريا. وأضاف البيان أن الولايات المتحدة ستعمل مع تركيا وإسرائيل والأردن والعراق ولبنان لتأمين حدودها من التنظيم، وسوف تسعى للمزيد من المساهمات من الشركاء والحلفاء في المنطقة من أجل إرساء الاستقرار في المناطق المحررة.
وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» أعلنت الثلاثاء، انطلاق المرحلة النهائية من حربها ضد تنظيم داعش لإنهاء وجوده في شرق سوريا وتأمين الحدود مع العراق المجاور، وذلك بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية.
ويحتفظ التنظيم المتطرف بسيطرته على جيوب تضم نحو 30 قرية وبلدة في شرق سوريا، بعد خسارته خلال الأشهر الأخيرة مساحات واسعة من سيطرته في محافظة دير الزور الغنية بالنفط والحدودية مع العراق.
وأعلن «مجلس دير الزور العسكري» المنضوي في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية»، في مؤتمر صحافي عقده في حقل التنك النفطي، الثلاثاء، تصميمه على استكمال معركته للقضاء على التنظيم المتطرف قرب الحدود العراقية. وقالت الناطقة الرسمية باسم «عاصفة الجزيرة» ليلوى العبد الله، في بيان تلته خلال المؤتمر: «بدأت قواتنا وبمشاركة من قوات التحالف الدولي المرحلة النهائية من حملة (عاصفة الجزيرة)» بهدف «تأمين الحدود العراقية والسورية وإنهاء وجود (داعش) في شرق سوريا مرة واحدة وإلى الأبد».
وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، في مكان انعقاد المؤتمر، قوات من التحالف الدولي مدججة بالأسلحة، بينما كانت طائرات التحالف تحلق في سماء المنطقة.
وطردت «قوات سوريا الديمقراطية»، العام الماضي، وبدعم من التحالف، التنظيم المتطرف، من مساحات واسعة عند الضفة الشرقية لنهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور إلى قسمين. وفي هجوم منفصل، طردت قوات النظام السوري بدعم روسي التنظيم من كامل الضفة الغربية للفرات.
وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» وقوات النظام السوري سباقاً للسيطرة على ما تبقى من جيوب تحت سيطرة التنظيم في دير الزور. واندلعت الأحد معارك عنيفة بين الطرفين قبل أن تتراجع وتيرتها.
ولم يبق تحت سيطرة التنظيم حالياً إلا أربع قرى عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، بالإضافة إلى 22 قرية وبلدة تمتد من ريف دير الزور الشمالي الشرقي، مروراً بريف الحسكة الجنوبي وصولاً إلى الحدود السورية - العراقية، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وشكل التحالف الدولي داعماً رئيسياً في الحرب ضد التنظيم على جانبي الحدود السورية - العراقية، من خلال تأمين الغطاء الجوي للعمليات البرية، ونشر مستشارين وقوات خاصة في الميدان. ورحبت العبد الله في البيان الذي تلته بـ«دعم القوات العراقية عبر الحدود وشركائنا في التحالف الدولي».
وأشار قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد أبو خولة، على هامش المؤتمر، إلى وجود «غرفة عمليات مشتركة مع القوات العراقية»، موضحاً أن «قوات التحالف الدولي والقوات الفرنسية زادت عديدها مؤخراً، وهي تساند قواتنا في المرحلة الأخيرة من الهجوم». وقتل 23 مدنياً على الأقل، بينهم 10 أطفال، الثلاثاء، جراء غارات استهدفت قرية تحت سيطرة التنظيم قرب الحدود مع العراق. ولم يتمكن «المرصد»، وفق ما قال مديره رامي عبد الرحمن «من تحديد ما إذا كانت الطائرات التي نفذت الغارات تابعة للتحالف الدولي بقيادة أميركية أم للقوات العراقية».
واستهدفت الغارات قرية القصر الواقعة في ريف الحسكة الجنوبي، وتؤوي نازحين من العراق المجاور. ومن بين القتلى وبعضهم نازحون عراقيون، وفق «المرصد»، ست نساء على الأقل وعدد من كبار السن.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، الخميس، أمام الكونغرس: «لقد أرسل الفرنسيون قوات خاصة إلى سوريا لتعزيز مهمتنا خلال الأسبوعين الماضيين»، مضيفاً: «ستشهدون جهداً جديداً في وادي الفرات في الأيام المقبلة».
وذكر ماتيس أن بلاده تتشاور مع أنقرة في شأن مستقبل منبج شمال سوريا، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يرغبوا في سحب قواتهم من سوريا قبل أن يظفر الدبلوماسيون بالسلام.
ويمثل ذلك التصريح إحدى أقوى الإشارات حتى الآن على أن الانسحاب الأميركي الكامل غير محتمل في أي وقت قريب.
وكان الرئيس دونالد ترمب قد قال الأسبوع الماضي، إنه يريد سحب القوات الأميركية من سوريا قريباً جداً، لكنه عدل عن ذلك الموقف فيما يبدو بالتعبير عن رغبته في ترك «بصمة قوية ودائمة».
وعادة ما تشير «البصمة» في الأدبيات العسكرية إلى وجود قوات أميركية. وقال ماتيس إن الولايات المتحدة وحلفاءها على أعتاب نصر تاريخي على «داعش». وأضاف أنهم لا يريدون ترك سوريا فحسب بينما لا تزال في حالة حرب.
وأردف للصحافيين في وزارة الدفاع (البنتاغون): «نحن لا نريد مجرد الانسحاب قبل أن يظفر الدبلوماسيون بالسلام. أنت تفوز بالمعركة ثم تظفر بالسلام».
وأفاد ماتيس بأنه من المقرر أن يلتقي في وقت لاحق مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا «لرؤية أين توجد عملية جنيف وما يمكننا فعله».
وأكد ماتيس استمرار بلاده في التشاور مع تركيا بشأن مستقبل مدينة منبج في ريف محافظة حلب السورية، التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية.
ونقلت وسائل الإعلام التركية عن ماتيس قوله، في مؤتمر صحافي عقده بمقر البنتاغون في واشنطن، الليلة قبل الماضية، أن بلاده وتركيا تتباحثان حالياً حول الجهة التي ستشرف على إدارة شؤون المدينة المذكورة في حال خروج القوات الأميركية الموجودة بها.
وأضاف ماتيس أنّ تركيا تبقى حليفاً للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وفي منطقة الشرق الأوسط، رغم وجود خلافات في وجهات النظر حول بعض المسائل. وامتنع الوزير الأميركي عن التعليق على تصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عقب لقائه نظيره الأميركي مايك بومبيو في بروكسل على هامش اجتماع وزراء خارجية «الناتو» في بروكسل، الجمعة الماضية، التي قال فيها إنهما وافقا على خريطة طريق أعدتها لجنة مشتركة من الجانبين بشأن منبج، وأن تركيا والولايات المتحدة ستتعاونان في هذه المدينة، وسيكون هذا التعاون بمثابة نموذج يطبق في باقي المناطق السورية، خصوصاً في شرق الفرات، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن عدم تنفيذ تلك الخريطة سيؤدي إلى تدخل تركيا في منبج على غرار ما حدث في عفرين. وتطالب تركيا، الولايات المتحدة، بإخراج عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج إلى شرق الفرات، بناءً على تعهد أميركي سابق بإخراجهم منها بعد تطهيرها من تنظيم داعش الإرهابي.
كما ترفض تركيا قيام فرنسا بتعزيز قواتها في مناطق بشمال سوريا، ومحاولة الوجود في منبج لملء الفراغ الذي سينجم عن انسحاب أميركي محتمل من هذه المناطق، وذلك بعد أن دفعت فرنسا بالمزيد من جنودها إلى تلك المناطق عبر القواعد الأميركية المنتشرة فيها خلال الأيام الماضية.
إلى ذلك، ناقش وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، سبل تهدئة الوضع في سوريا والعمل من أجل الحفاظ على وقف إطلاق النار.
وأجرى جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع لافروف، أمس، بحثا خلاله التطورات الأخيرة في سوريا ومحافظة حمص التي شهدت مقتل مدنيين وإصابة عدد كبير بجروح، إثر قصف عنيف شنته قوات النظام السوري على المناطق المحاصرة في الريف الشمالي للمحافظة التي يعيش فيها ما بين 200 و250 ألف شخص شمال حمص، تحت الحصار، منذ 5 سنوات.
واشنطن تستعجل إنهاء «داعش»... وغرفة عمليات بين الأكراد وبغداد
ماتيس يربط الوجود الأميركي بـ«تحقيق السلام»... وجاويش أوغلو ولافروف يتشاوران حول ريف حمص
واشنطن تستعجل إنهاء «داعش»... وغرفة عمليات بين الأكراد وبغداد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة