عشرات القتلى والجرحى في سلسلة تفجيرات ببغداد وضواحيها

الفلوجة تشيع جثمان صحافي عراقي قتله مسلحو «داعش» في سوريا

سيارة تحمل نعش المصور الصحافي ياسر فيصل الجميلي تتقدم موكب تشييعه في الفلوجة أمس (أ.ب)
سيارة تحمل نعش المصور الصحافي ياسر فيصل الجميلي تتقدم موكب تشييعه في الفلوجة أمس (أ.ب)
TT

عشرات القتلى والجرحى في سلسلة تفجيرات ببغداد وضواحيها

سيارة تحمل نعش المصور الصحافي ياسر فيصل الجميلي تتقدم موكب تشييعه في الفلوجة أمس (أ.ب)
سيارة تحمل نعش المصور الصحافي ياسر فيصل الجميلي تتقدم موكب تشييعه في الفلوجة أمس (أ.ب)

في حين شيع سكان مدينة الفلوجة في غرب بغداد أمس جثمان المصور الصحافي ياسر فيصل الجميلي الذي أعدمه مسلحو «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في سوريا، شهدت بغداد والمناطق المحيطة بها سلسلة تفجيرات أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
وشارك في تشييع جثمان الجميلي المئات من أهالي المدينة يتقدمهم صحافيون ومثقفون، قبل أن يوارى الجثمان الثرى في مقبرة «الشهداء» في الفلوجة (60 كلم غرب بغداد)، حيث مسقط رأسه. وثبتت كاميرا فيديو وصورة ياسر (35 عاما) على نعشه الذي طاف به المشيعون من مدخل المدينة حتى مقبرة «الشهداء» مرورا بمنزل عائلته، حيث التف حوله أطفال الصحافي القتيل وأفراد عائلته وهم يصرخون وينتحبون.
وقال ياسين الجميلي، وهو ابن عم ياسر، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «ياسر خرج من العراق حتى يكشف عن أسرار خفيت عن العالم، وهو بطبيعته يخاطر بحياته من أجل إظهار الحقائق». وأضاف: «طالبناه عدة مرات، إلا يذهب إلى هذا المكان لخطورته، لكنه رفض وقال إن (الصحافة هي مهنة المتاعب والمخاطر، وأنا أعشق المخاطرة)».
ورفع المشيعون صور ياسر، الأب لثلاثة أولاد، والتي كان يحمل في بعضها كاميرته وأخرى يتوسط فيها بعض الأطفال السوريين الذين التقاهم خلال عمله في سوريا.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد أن ياسر فيصل الجميلي أعدم بعد توقيفه الأربعاء على حاجز في محافظة إدلب (شمال غربي سوريا) الخارجة بأغلبيتها عن سيطرة النظام السوري، في حين كان متجها إلى الحدود التركية. وكانت قناة «الآن» الفضائية عرضت السبت تقريرا عن ياسر الذي سبق أن عمل لها، أشارت فيه إلى محادثة له مع أحد صحافييها يتحدث فيها عن إجرائه لقاء مع شخص منشق عن تنظيم «داعش» اعترض على تصرفات أفراد هذا التنظيم وعلى تزويج شقيقته قسرا إلى أحد الجهاديين.
وتبرز عملية الإعدام هذه بيد جهاديي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» مجددا مخاطر العمل الصحافي في سوريا الذي عدته منظمة «مراسلون بلا حدود» الأخطر على الصحافيين. وقالت رئيسة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سوازيغ دوليه في بيان، إن الجميلي عمل مصور فيديو مستقلا لحساب وسيلة إعلام إسبانية في محافظة حلب في شمال سوريا لنحو عشرة أيام.
وأضافت أنه الصحافي الأجنبي الأول الذي يعدمه جهاديون منذ بدء الحرب، كما أنه الصحافي الأجنبي الثامن الذي يلقى مصرعه في سوريا منذ اندلاع النزاع في مارس (آذار) 2011.
في غضون ذلك، تواصلت أعمال العنف في العراق. إذ قتل ثلاثون شخصا وأصيب عشرات آخرون بجروح في هجمات متفرقة بينها سيارات مفخخة وعبوات ناسفة ضربت مدينة بغداد ومناطق محيطة بها. وقال ضابط في الشرطة، إن «ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب عشرة بجروح في انفجار سيارة مفخخة في منطقة الكرادة في وسط بغداد». وأضاف أن «خمسة أشخاص آخرين قتلوا وأصيب 15 بجروح في انفجار سيارة مفخخة في حي صناعي في منطقة البياع في غرب بغداد». وفي منطقة الغدير، شرق بغداد، قتل أربعة أشخاص وأصيب 19 بجروح في انفجار عبوة ناسفة أعقبها تفجير سيارة مفخخة.
وقتل كذلك خمسة أشخاص وأصيب تسعة بجروح جراء انفجار عبوة ناسفة عند سوق شعبي في حي العامل في غرب بغداد، وقتل أيضا شخصان وأصيب خمسة بجروح إثر انفجار عبوة ناسفة على طريق رئيس في منطقة الرضوانية إلى الغرب من بغداد. وقتل شخصان وأصيب تسعة على الأقل بجروح في انفجار سيارة مفخخة عند سوق شعبية في مدينة الصدر، في شرق بغداد.
وفي منطقة الحسينية، الواقعة شمال شرقي بغداد، قتل ثلاثة أشخاص وأصيب عشرة على الأقل بجروح في انفجار سيارة مفخخة. كما قتل شخصان وأصيب أربعة بجروح في انفجار سيارة مفخخة في الحي الصناعي الواقع في منطقة التاجي، إلى الشمال من بغداد. وقتل ثلاثة أشخاص وأصيب 13 بجروح في انفجار سيارة مفخخة في شارع 52 في الكرادة وفقا للمصدر. وفي هجوم آخر، قتل ضابط برتبة نقيب في الشرطة بانفجار عبوة لاصقة على سيارته الخاصة في ناحية المدائن (25 كلم جنوب بغداد)، وفقا لمصدر في الشرطة.
وجاءت هذه الهجمات المنسقة بعد ساعات على مقتل تسعة أشخاص وإصابة خمسة على الأقل بجروح إثر هجوم مسلح استهدف مساء السبت محلات لبيع المشروبات الكحولية في بغداد.
وفي هجوم مستقل، قال ضابط في الشرطة برتبة عقيد إن «شخصا قتل وأصيب ستة من المارة بجروح في انفجار سيارة مفخخة مركونة في ناحية جديدة الشط» الواقعة إلى الغرب من بعقوبة (60 كلم شمال شرقي بغداد).
وفي الموصل (350 كلم شمال بغداد) أصيب خمسة أشخاص بجروح جراء انفجار عبوة ناسفة في حي النور، في شرق المدينة، وفقا لمصادر أمنية وطبية.
في غضون ذلك، أعلن جبار الساعدي، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة، أن دورية لشركة أمنية بريطانية تعرضت لانفجار عبوة ناسفة في منطقة الرميلة، الواقعة إلى الشمال من مدينة البصرة (450 كلم جنوب بغداد) دون وقوع ضحايا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».