الغاز والإرهاب محور محادثات السيسي وبوتفليقة في الجزائر

الرئيس المصري يلقي اليوم كلمة مصر أمام القمة الأفريقية

رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح خلال استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين أمس (أ.ف.ب)
رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح خلال استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين أمس (أ.ف.ب)
TT

الغاز والإرهاب محور محادثات السيسي وبوتفليقة في الجزائر

رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح خلال استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين أمس (أ.ف.ب)
رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح خلال استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين أمس (أ.ف.ب)

تصدرت قضيتا الأمن والغاز مباحثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الزيارة السريعة التي قام بها السيسي إلى الجزائر أمس قبيل توجهه إلى مالابو عاصمة غينيا الاستوائية لحضور القمة الأفريقية. وقال السيسي للإعلام أثناء الزيارة «لدينا قضايا مشتركة كثيرة بيننا وبين الجزائر. هناك مشكلة الإرهاب ونريد تنسيق المواقف فيها. وهناك موقف في ليبيا، ونحن دول جوار مباشر له».
وعقب ساعات من الزيارة، قال مصدر بشركة سوناطراك الجزائرية المملوكة للدولة إن الجزائر وافقت على توريد خمس شحنات غاز طبيعي مسال لمصر، حجم كل منها 145 ألف متر مكعب قبل نهاية العام. وأضاف المصدر لـ«رويترز» أنه «لم يجر الاتفاق حتى الآن على السعر، لكن الاتفاق شبه مكتمل».
ووصل الرئيس السيسي إلى الجزائر صباح أمس في زيارة قصيرة استغرقت نحو الساعتين، التقى خلالها مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وكان في استقبال الرئيس المصري لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين رئيس مجلس الأمة (البرلمان) عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء عبد المالك سلال، وعدد من أعضاء الحكومة الجزائرية.
وأشارت وكالة الأنباء المصرية الرسمية إلى أنه كان من المقرر أن يتباحث الرئيسان المصري والجزائري حول تطورات الأوضاع في المنطقة العربية، خاصة ليبيا وسوريا، وأيضا الوضع في منطقة الساحل والصحراء، خاصة مالي، بالإضافة إلى استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وبالأخص في المجال الاقتصادي.
ولدى وصوله إلى الجزائر، صرَح الرئيس المصري للصحافة بأن زيارته «تهدف إلى إطلاق تفاهم حقيقي ورؤية مشتركة للمصالح والقضايا والتحديات المشتركة بين مصر والجزائر والمنطقة». وتحدث عن «وجود علاقات وموضوعات استراتيجية مشتركة بين مصر والجزائر، وقضايا كثيرة تحتاج من الجزائر ومصر العمل سويا». وأشار ضمنا إلى أحداث العنف التي تعرفها مصر، قائلا إن «ظاهرة الإرهاب مشكلة تحتاج إلى تنسيق المواقف والعمل لمجابهتها سويا»، مضيفا أن هناك موضوعات أخرى «كثيرة» سيتطرق إليها مع المسؤولين في الجزائر، منها الوضع في ليبيا التي هي دولة جارة لكل من مصر والجزائر.
من جهته، أكد السفير عز الدين فهمي، سفير مصر لدى الجزائر، أن زيارة الرئيس السيسي للجزائر تؤكد الأهمية التي يوليها الرئيس المصري للجزائر، وحرصه على تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين، بالإضافة إلى تقديره للدور الذي قامت به الجزائر في عودة مصر للاتحاد الأفريقي.
ووصف فهمي في تصريح لوكالة الأنباء المصرية الزيارة بأنها «مهمة على كافة الأصعدة؛ العربية والإقليمية والأفريقية، خاصة في ضوء التحديات التي تواجه دول جوار ليبيا وتطورات الأوضاع فيها، بالإضافة إلى الأوضاع في سوريا، وكذا الأوضاع الأفريقية خاصة تطورات الأحداث في مالي».
وعقب انتهاء الزيارة توجه الرئيس السيسي إلى مالابو عاصمة غينيا الاستوائية، للمشاركة في أعمال الدورة 23 لقمة دول الاتحاد الأفريقي، التي تنطلق صباح اليوم بالمركز الدولي للمؤتمرات، وتستمر يومين. حيث يلقي الرئيس السيسي كلمة مصر بالجلسة الافتتاحية للقمة.
وعلى هامش أعمال التحضيرات الجارية للقمة الأفريقية، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس أن «مصر تحرص على إحداث نقلة في العلاقات المصرية الأفريقية»، وقال: إن مشاركة الرئيس السيسي في القمة «تؤكد حرص مصر على العمل مع الأشقاء الأفارقة». وتوقع شكري أن تجرى لقاءات جانبية بين الرئيس السيسي والكثير من القادة الأفارقة الذين أعربوا عن رغبتهم في الالتقاء به.
وفى الوقت نفسه، أعرب شكري في تصريحات صحافية في مالابو، عن «استعداد مصر لتقديم كافة الإمكانيات للدول الأفريقية التي تواجه الإرهاب»، وأن «مصر لن تبخل في إقامة تعاون مثمر وتقديم المساعدات للأشقاء الأفارقة في مواجهة الإرهاب». وذلك في تعليق له على تصدر موضوعات الإرهاب أجندة القمة الأفريقية. وقال شكري إن «الإرهاب خطر يهدد أفريقيا والعالم»، وإنه «آفة تهدد جميع الدول دون استثناء؛ وليس أفريقيا فقط». لافتا إلى «رفضه» و«إدانته» للإرهاب بكافة أشكاله، وعبر عن استعداد مصـر لـ«تقديم كافة الإمكانيات للدول الأفريقية التي تواجه الإرهاب».
كما عبر شكري أيضا عن «ارتياحه» للاستقبال الذي حظيت به مصر من الأفارقة بعد عودتها إلى أنشطة الاتحاد الأفريقي. وذكر شكري أن مصر تتطلع إلى التفاعل والتعاون مع جميع الأشقاء في أفريقيا، وخاصة مع دول حوض النيل. كما رحب بالتصريحات الإيجابية «من كافة الإخوة الأفارقة تجاه مصر»، وقال: «كلنا أمل في أن تترجم هذه الروح الإيجابية الطيبة إلى تفاهمات لفتح المجال للتنمية والمصلحة المشتركة، للحفاظ على الحقوق، والعمل على توفير كافة مجالات التعاون بين الأشقاء».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».