مرجع سني يتبنى موقف السيستاني من «المجرّب لا يجرّب»

كتل سياسية تضغط للعودة إلى الفرز اليدوي لأصوات الناخبين

الشيخ عبد الملك السعدي
الشيخ عبد الملك السعدي
TT

مرجع سني يتبنى موقف السيستاني من «المجرّب لا يجرّب»

الشيخ عبد الملك السعدي
الشيخ عبد الملك السعدي

في حين تنتظر الساحة العراقية صدور الموقف النهائي للمرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني بشأن تفسير مقولة «المجرّب لا يجرّب»، التي سبق لمعتمديه أن أعلنوها في خطب الجمعة من كربلاء، تبنى المرجع السني الكبير الشيخ الدكتور عبد الملك السعدي المقولة ذاتها في المحافظات السنية.
وقال السعدي في بيان أمس: «ظهر على شاشة بعض القنوات مرشحون للدورة البرلمانية الحالية، ممن شاركوا في العملية السياسية للدورات السابقة، على الرغم من أنه كان عليهم التنحي عن المشاركة لأنهم لم يقدموا للعراق إلا الفقر والبطالة والقتل والدمار، لأن من جرب المجرب حلَّت به الندامة، وكان عليهم أن يتركوا المجال لوجوه جديدة نجربهم». وأضاف: «بعض هؤلاء الذين ظهروا على شاشة التلفاز هم من رؤساء الكتل الطائفية الذين عمّقوا الفتن في البلاد وجعلوها هي الأساس في حكم البلد»، مبيناً أن «هؤلاء جعلوا من جملة دعايتهم الانتخابية، مقاومة الطائفية، وهي كلمة يترقبها كل من اكتوى بنارها، ولكن لا ندري مدى مصداقية هذه الدعاية، هل ستتحقق على أرض الواقع بعد الفوز ليعيش العراقيون تحت مظلة البيت الواحد وهي العراق فقط، فلا مذهبية ولا قومية ولا عنصرية ولا فئوية؟!». وأوضح السعدي أن «بعضهم يطالب في دعايته الانتخابية بمحاسبة الفساد»، متسائلاً: «إن لم تكونوا منهم فأين كنتم عنهم؟!».
وفيما يصعب على مقلدي المرجعية الشيعية تخطي مقولة «المجرّب لا يجرّب»، لأن لها تأثيراً في الأوساط الاجتماعية التي تحسب حسابها لما يصدر عنها، فإن الأمر يكاد يختلف كلياً في المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية بسبب عدم وجود مرجعية سنية على غرار المرجعية الشيعية التي يعود عمرها إلى مئات السنين، وبالتالي عدم وجود فكرة التقليد الملزمة.
وفي هذا السياق، يقول السياسي العراقي يزن الجبوري، المرشح للانتخابات البرلمانية المقبلة عن محافظة صلاح الدين، لـ«الشرق الأوسط» إن «السنَّة لن يتأثروا بما يصدر عن رجال الدين السنة وبالتالي ليس هناك إلزام ولا مخاوف من هذا الرأي في مختلف الأوساط هناك».
في السياق نفسه، يرى الدكتور طلال حسين الزوبعي، عضو البرلمان العراقي السابق والمرشح الحالي عن تحالف «تضامن»، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «يُفترض أن تكون الفتوى سواء صدرت عن مرجع شيعي أم سني أن (المجرّب السيئ لا يجرّب) وليس كل مجرّب، لأن هناك من نجح بشكل ممتاز وهناك من حقق نجاحاً معيناً ويحتاج إلى تشجيع». وأضاف الزوبعي أن «رجال الدين حتى يكون دورهم إرشادياً، ويتصل بنصح الناس وليس تدخلاً في الشأن السياسي لا بد أن تكون فتاواهم واضحة حتى لا يؤخذ الناجح بجريرة الفاشل، وبالتالي تضع كل النظام السياسي في زاوية حرجة أو ورطة من خلال التعميم»، مبيناً أن «الفتاوى الدينية التي تتصدى للشأن العام ينبغي أن تكون مؤثرة إيجابياً قبل كل شيء».
إلى ذلك، بدأت كثير من الكتل السياسية تشكك بمدى قدرة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في ضمان عدم حصول عمليات تزوير في الانتخابات المقبلة، وسط شعور إما بعزوف المواطنين عن صناديق الانتخاب أو الاستماع إلى فتاوى رجال الدين بشأن مقولة «المجرّب لا يجرّب» التي أصبحت لها نسخة سنية بعد فتوى السعدي. وللمرة الأولى يتفق كل من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وزعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي بشأن إمكانية اختراق القمر الصناعي الوسيط في نقل النتائج إلى مقر شركة العد والفرز الإلكتروني في دولة الإمارات.
وفي حين قال المالكي في تصريح متلفز إنه يملك أدلة على حصول عملية التزوير من خلال العدّ والفرز الإلكتروني، فإن علاوي حذَّر من إمكانية قرصنة القمر الصناعي وهو ما تنفيه المفوضية بشدة. من جهته، قال سامي العسكري، المرشح للانتخابات عن ائتلاف المالكي إن الأخير «لديه معلومات موثقة بشأن وجود نية لاختراق المنظومة وتغيير النتائج».
وبشأن الطريقة التي يتوجب اعتمادها يقول العسكري إن «الحل يمكن أن يكون وسطاً، بمعنى نمضي بالعد الإلكتروني لكن نجري عدّاً يدويّاً، فإن كانت النتائج متقاربة أخذنا بالعد الإلكتروني، وإذا كان الفارق شاسعاً نأخذ بالعد اليدوي».
بدوره، حذر عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي رحيم الدراجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «ضغوط تمارسها الكتل السياسية الرئيسية على مفوضية الانتخابات من أجل تعطيل جهاز العد والفرز الإلكتروني يوم الانتخابات واستخدام العد والفرز اليدوي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».