لندن وباريس وبرلين تنوي توسيع نطاق {الاتفاق} مع طهران

قد يشمل برنامج الصواريخ وأنشطة إيران الإقليمية ومستقبل البرنامج النووي بعد 2025

الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل لحظات من مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في البيت الأبيض الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل لحظات من مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في البيت الأبيض الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
TT

لندن وباريس وبرلين تنوي توسيع نطاق {الاتفاق} مع طهران

الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل لحظات من مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في البيت الأبيض الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل لحظات من مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في البيت الأبيض الجمعة الماضية (أ.ف.ب)

اتفق زعماء فرنسا وألمانيا وفرنسا أمس على ضرورة توسيع نطاق الاتفاق النووي مع إيران ليشمل برنامج الصواريخ الباليستية وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة وما سيحدث عند انقضاء الاتفاق النووي في 2025. فيما أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر اتصال هاتفي بأن بلاده «لن تقبل أي قيود خارج تعهداتها في الاتفاق».
وقال مكتب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في بيان أمس إن زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا اجتمعوا على أن الاتفاق النووي مع إيران هو أفضل سبيل لمنعها من امتلاك سلاح نووي.
وأجرت ماي في هذا الصدد، اتصالات هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهو الاتصال الأول بعد عودتهما من زيارة إلى واشنطن.
وأفاد بيان مكتب ماي أن المسؤولين الثلاثة اتفقوا على أن الأمر قد يحتاج توسيع نطاق الاتفاق ليشمل قضايا مثل الصواريخ الباليستية وما سيحدث عند انقضاء أجل الاتفاق وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، لافتا إلى أن الدول الثلاث «ملتزمة بمواصلة العمل معا ومع الولايات المتحدة عن كثب فيما يتعلق بكيفية معالجة مجموعة التحديات التي تشكلها إيران بما فيها القضايا التي قد يشملها أي اتفاق جديد» وفق ما نقلت رويترز.
واقترح ماكرون مطلع الأسبوع على ترمب الحفاظ على الاتفاق الأصلي الذي سيصبح أولى «الركائز الأربع» لاتفاق مستقبلي. و«الركائز» الأخرى تتعلق بما بعد العام 2025 عندما سينتهي العمل ببعض البنود المتعلقة بالأنشطة النووية وأيضا الصواريخ الباليستية المثيرة للجدل التي تملكها طهران ودورها في المنطقة «الذي يزعزع الاستقرار».
على الصعيد ذاته، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، اليوم الأحد، بأن هذه المحادثات الهاتفية كانت بهدف تبادل المعلومات والتنسيق.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية زايبرت أن الزعماء الثلاثة أعربوا مجددا عن تأييدهم لبقاء الولايات المتحدة في الاتفاق النووي مع إيران.
وفي الوقت ذاته، أكد الزعماء الثلاثة استعدادهم الإعداد مع جميع الأطراف لاتفاقات إضافية لا سيما بشأن البرنامج الصاروخي الباليستي لإيران ودورها الإقليمي، بحسب زايبرت.
في شأن متصل، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أمس أن الرئيس دونالد ترمب لم يتخذ قرارا بعد ما إذا كان سينسحب من الاتفاق النووي الإيراني أم لا.
وقال بولتون لشبكة «فوكس نيوز» بأن ترمب «لم يتخذ قرارا بعد حول الاتفاق النووي، سواء لجهة البقاء أو الانسحاب».
وشدد بولتون على أن الرئيس الأميركي «يدرس بالتأكيد» اقتراح نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول بدء مفاوضات في شأن اتفاق جديد موسع. مضيفا: «أعتقد أنه أمر يهم الرئيس ويستحق التفكير فيه».
في المقابل أعلن مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني أنه أبلغ نظيره الفرنسي مانويل ماكرون أمس خلال اتصال هاتفي أن بقاء الاتفاق «من شأنه تعزيز الأمن والتعاون الإقليمي»، مشيرا إلى أن «الاتفاق النووي يعد الخطوة المهمة الأولى لبناء الثقة بين إيران والدول الغربية».
جاء هذا، بحسب وكالة أنباء فارس.
وأفادت وكالة «فارس» الإيرانية عن روحاني قوله بأن «مستقبل الاتفاق النووي عقب العام 2025 تحدده القرارات الدولية، وأن إيران لا تقبل أي قيود خارج تعهداتها، مضيفا أن الاتفاق النووي وأية قضية أخرى بهذه الذريعة غير قابلة للتفاوض مطلقا.
وأشار روحاني إلى أن إيران تولي أهمية خاصة لتعزيز علاقاتها مع فرنسا، موضحا «أنه نظرا إلى الطاقات الجيدة الكثيرة المتاحة للتعاون بين البلدين في القضايا السياسية والثقافية والاقتصادية وكذلك القضايا المتعلقة بالمنطقة، فإننا عازمون على تعزيز علاقاتنا مع فرنسا في كافة المجالات».



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».