الحوثيون يستفزون اليمنيين بدفن الصماد قرب نصب تذكاري «جمهوري»

ذعر بين الميليشيات رافق التشييع... ومصير مجهول لعدد من القيادات

خليفة الصماد وقيادات حوثية لدى تشييعهم جثمان رئيس المجلس الانقلابي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
خليفة الصماد وقيادات حوثية لدى تشييعهم جثمان رئيس المجلس الانقلابي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يستفزون اليمنيين بدفن الصماد قرب نصب تذكاري «جمهوري»

خليفة الصماد وقيادات حوثية لدى تشييعهم جثمان رئيس المجلس الانقلابي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
خليفة الصماد وقيادات حوثية لدى تشييعهم جثمان رئيس المجلس الانقلابي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

وسط حالة من الذعر في أوساط قادة الميليشيات الحوثية وتضارب في الأنباء حول مصير عدد منهم جراء الضربات التي وجهها طيران التحالف الداعم للشرعية في اليمن لمواقع أمنية وعسكرية في صنعاء، شيعت الجماعة أمس جثة رئيس مجلس حكمها الانقلابي صالح الصماد وقامت بدفنها في ميدان السبعين، عند النصب التذكاري اليمني للجندي المجهول، قبالة «جامع الصالح».
وحرصت الجماعة الحوثية على أن يحظى رئيسها الصريع جراء ضربة لطيران التحالف الداعم للشرعية على مراسيم جنائزية ضخمة، لجهة مساعيها الرامية، بحسب المراقبين، إلى تكريس صورته في أوساط العامة كأنه رئيس شرعي، وليس قيادياً في ميليشيا انقلابية غير معترف بها دولياً.
وأثار اختيار الميليشيات لمكان الدفن، في ميدان السبعين قبالة «جامع الصالح» سخطاً واسعاً في أوساط اليمنيين، الذين عدّوه «فعلاً حوثياً لانتهاك رمزية المكان الذي كان اختاره اليمنيون منذ عقود مكاناً للنصب التذكاري لجنود اليمن المجهولين، الذين شاركوا في ثورة 1962 التي أطاحت الحكم الإمامي، الذي تحاول الجماعة حالياً لإعادته من جديد على الطريقة الخمينية الإيرانية».
وعلى الرغم من الأموال الضخمة التي أنفقتها الميليشيات الحوثية على أتباعها للتوافد من كل مناطق سيطرتها إلى صنعاء للمشاركة في التشييع، وكذا قيامها بدفع الموظفين والطلبة للحضور إجبارياً، فإن الحشد بدا باهتاً على غير العادة لجهة امتناع غالبية سكان صنعاء عن تلبية أوامرها باستثناء الموالين لها.
وظهر في مراسم التشييع القيادي مهدي المشاط الذي نصبته رئيساً جديداً لمجلس حكمها الانقلابي الذي تطلق عليه «المجلس السياسي الأعلى» إلى جانب كبار قادتها الآخرين من أمثال ابن عم زعيمها، محمد علي الحوثي، الذي ألقى كلمة في داخل «جامع الصالح» متجاوزاً حضور المشاط، قبل أن تنقل الجثة على عربة عسكرية إلى مكان الدفن في المكان المجاور، غرب المسجد.
وإلى جانب انتهاك الميليشيات لرمزية موضع الجندي المجهول بدفن جثة الصماد فيه، أشار ناشطون في حزب «المؤتمر الشعبي» إلى أنها تعمدت أيضاً اختيار المكان، كونه النقطة التي انطلقت منها أول رصاصة للقضاء على نفوذ الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقتله والتنكيل بأقاربه وقيادات حزبه وأنصاره المدنيين، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأكدت مصادر في الحزب، في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية تراجعت في الساعات الأخيرة، عن القيام بدفن الصماد في ساحة «جامع الصالح»، حيث المكان الذي كان الرئيس السابق صالح أوصى بدفنه فيه، وقررت اختيار المكان البديل قريباً منه، بعد أن نصح بعض قادتها بعدم إثارة الغضب في أوساط أنصار صالح وقادة حزبه الذين باتوا خاضعين في صنعاء بعد قتله لإرادة الجماعة.
وقال شهود لـ«الشرق الأوسط»، إن كبار قيادات الجماعة المشاركين في التشييع، كانوا في حالة من الرعب، خشية استهدافهم من طيران التحالف، وهو ما جعلهم يغوصون في أوساط الحشود المشاركة قبل أن يتسللوا خلسة لمغادرة المكان وسط أتباعهم إلى أماكن اختبائهم، بعد أن احتموا بالمدنيين والأتباع واستخدموهم دروعاً بشرية.
ورجحت مصادر أمنية أن قادة الجماعة الحوثية باتوا أكثر حرصاً على تجنب الظهور في المباني والمعسكرات والمقرات الأمنية والعسكرية خشية الاستهداف، وأنهم يتنقلون بين عشرات المنازل الآمنة التي كانت اشترتها الجماعة في الأحياء الجنوبية من العاصمة، بعد انقلابها على الشرعية.
وفيما تضاربت الأنباء حول مصير عدد من القيادات الحوثية، جراء الضربات الجوية التي طاولت مباني الداخلية ومعسكر النجدة في حي الجراف شمال العاصمة، ومواقع أخرى في محيط ميدان السبعين، رجحت المصادر أن عدداً من القيادات من بينهم محمد علي الحوثي باتوا مختبئين في الطابق الأرضي لـ«جامع الصالح» بوصفه مكاناً غير مستهدف.
وكانت مصادر إعلامية يمنية وخارجية أفادت بأن الضربات الجوية استهدفت مبنى الداخلية.
وتناقلت وسائل إعلام نبأ مقتل عدد من عناصر الميليشيا، بينهم القيادي الحوثي المعين نائباً لوزير داخلية الجماعة عبد الحكيم الخيواني الملقب بأبي الكرار، الذي يحتل المرتبة 36 في لائحة المطلوبين لتحالف دعم الشرعية، إلى جانب مقتل مدير مكتبه، وعدد من القادة الذين كانوا يرتبون للتشييع أول من أمس.
وفي ظل تضارب المعلومات حول مصير عدد آخر من قادة الجماعة الحوثية، تداول ناشطون يمنيون أمس صوراً لكثير منهم أثناء وجودهم في التشييع، ومن بينهم القيادي أبو علي الحاكم، ووزير دفاع الميليشيات محمد العاطفي.
كما تصدر التشييع حضور قيادات بارزة في حزب «المؤتمر»، سواء من أولئك المستمرين في ولائهم للميليشيات وحكمها نزولاً عند أدوات الترغيب بالمنصب والمال، أو من غيرهم من الخاضعين قسراً لسطوة الجماعة وجبروتها، إذ تصدر من بينهم في التشييع رئيس البرلمان اليمني يحيى الراعي، ورئيس حكومة الجماعة غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور.
وعلى وقع حالة الرعب التي سيطرت على تحركات قيادات الجماعة، لجأت الميليشيات في المداخل الرئيسية للعاصمة، إلى الاستعانة بالعناصر الأمنية النسائية (الزينبيات) لأول مرة لتفتيش النساء القادمات رفقة ذويهن إلى صنعاء، والتأكد من هوياتهن، بالتزامن مع استمرار عملية الاستنفار الأمني الكامل لعناصرها في شوارع المدينة.
إلى ذلك، أفادت الوسائل الرسمية لإعلام الميليشيات الحوثية بأن خارجية حكومتها الانقلابية، وجهت رسالة رسمية إلى كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمكاتب الأممية، تشكو فيها مقتل رئيسها الصريع، الذي زعمت الرسالة أنه كان «يحظى بشعبية واسعة وكان يقف على مسافة واحدة من مختلف القوى الوطنية».
وفي سياق تعامي الميليشيات عن حقيقة وضعها غير القانوني أو الدستوري الذي يؤكده المجتمع الدولي، إضافة إلى حالة السخط ومشاعر الكراهية التي تكنها أغلب فئات الشعب اليمني للوجود الحوثي، زعمت الميليشيات أن مقتل الصماد «مثل صدمة للشعب وخسارة لليمن والمنطقة والعالم». وكان الصماد وهو الرجل الثاني على لائحة المطلوبين للتحالف، لقي مصرعه مع مرافقيه الخميس الماضي في مدينة الحديدة جراء ضربة محكمة للطيران، أثناء زيارته للمدينة لجهة حشد المقاتلين إلى صفوف الجماعة لإسناد جبهاتها المتهاوية وتعويض النقص الحاد في قوام عناصرها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.