اجتماع ثلاثي السبت في موسكو يتمسك بـ«آستانة»

روسيا تسعى إلى تخفيف الاحتقان بين إيران وإسرائيل

TT

اجتماع ثلاثي السبت في موسكو يتمسك بـ«آستانة»

أعلنت موسكو أن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا سيعقدون اجتماعا السبت في موسكو لبحث مستجدات الوضع حول سوريا، فيما بدا أنه مسعى لمواجهة التحركات الدبلوماسية الفرنسية المتسارعة، ودفع تحرك مشترك لدعم مسار آستانة.
ونقلت وكالة أنباء «تاس» الرسمية عن مصدر في الخارجية أن الوزير سيرغي لافروف سيبحث مع نظيريه الإيراني محمد جواد ظريف والتركي مولود جاويش أوغلو تطورات الوضع في سوريا بعد الضربة الغربية أخيرا، مع التركيز على آفاق التسوية السياسية.
وأوضحت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا في وقت لاحق، أن اللقاء يركز على الخطوات المشتركة لتعزيز مسار آستانة. ولفتت إلى أن التطورات حول الملف النووي الإيراني ستكون مطروحة للبحث كذلك.
وأوحى الإعلان المفاجئ عن اللقاء الذي تم ترتيبه على عجل، برغبة روسية في تسريع وتيرة التحركات لمواجهة الخطوات الفرنسية النشطة، خصوصا بعد عقد الاجتماع الخماسي في باريس أمس.
وكانت أوساط روسية أبدت تحفظات على ما وصف بأنه «مساعي باريس لتنشيط دورها في سوريا بعد الضربة الغربية». وشنت وسائل إعلام روسية رسمية هجوما عنيفا على فرنسا واتهمتها بأنها «ارتمت في أحضان الولايات المتحدة».
في غضون ذلك انتقدت موسكو بقوة تصريحات المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا التي رأى فيها أن مسار آستانة استنفد طاقاته. وقالت زاخاروفا بأن هذه التصريحات ليست مفهومة وتتعارض مع الموقف الذي أعلنه دي ميستورا في موسكو قبل أيام.
وكان دي ميستورا قال بأن «عملية آستانة استنفدت طاقاتها بالكامل نظرا للعدد المحدود من الأطراف المنخرطة فيها». وأضاف في لقاء صحافي أن «الحقيقة تكمن في أن المبادرة الروسية، بلغت حدودها». وتابع: «كان من المفترض، أن تؤدي العملية إلى وقف تصعيد النزاع ولكن التصعيد وقع». وأشار إلى مسار سوتشي، لافتا إلى أن المبادرة الروسية «كانت ستعتبر ممتازة للحوار السوري، لو تم هناك تنظيم عمل اللجنة الدستورية لكن ذلك لم يحدث حتى الآن».
على صعيد آخر، أجرى سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، محادثات منفصلة مع مسؤولين أمنيين من إيران وإسرائيل في مدينة سوتشي على هامش مؤتمر أمني دعا إليه المجلس. والتقى باتروشيف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، وبحث الجانبان حسب المكتب الإعلامي لمجلس الأمن الروسي: «الوضع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام». وبعد ذلك أجرى محادثات مع نائب أمين مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أيتان بن ديفيد، وتطرقا إلى بحث «الأوضاع في الشرق الأوسط» وفقا للبيان.
وبرغم تكتم موسكو على تفاصيل المحادثات لكن أوساطا إعلامية أشارت إلى مساع روسية لتخفيف حدة الاحتقان بين طهران وتل أبيب على خلفية الضربة الصاروخية الإسرائيلية لقاعدة تي فور في سوريا أخيرا. كما تسعى موسكو إلى تبديد السجالات القائمة حول رد فعل عسكري إسرائيلي محتمل في حال قامت بتزويد دمشق بأنظمة صاروخية دفاعية جديدة.
في الأثناء، تواصلت النقاشات في موسكو حول إعلان وزارة الدفاع عزمها تزويد دمشق «في أقرب وقت» بمنظومات دفاعية صاروخية وإعادة تأهيل قدرات الجيش السوري.
ولفت الخبير العسكري البارز الروسي فيكتور موراخوفسكي، إلى جهود تبذلها موسكو للوصول إلى صفقة مع الإسرائيليين تقوم على امتناع موسكو عن تزويد دمشق بأنظمة «إس300» في مقابل التزام إسرائيل بعدم توجيه ضربات جديدة إلى الأراضي السورية.
وأوضح أن «هذا الأمر سيتطلب مزيدا من المفاوضات»، وأشار الخبير إلى أن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي جرت بعد الضربات الإسرائيلية على قاعدة تي فور الجوية السورية: «لم تعط أي نتيجة إيجابية فيما يخص ضبط سلوك إسرائيل تجاه الأراضي السورية».
وشدد موراخوفسكي على أن تسليم إس - 300 إلى سوريا سيتطلب إعداد الخبراء السوريين وانضمام هذه المنظومات إلى نظام الدفاع الجوي السوري بشكل متكامل خاصة أن مثل هذه المنظومات لا تعمل بوحدها لكن بالتنسيق مع وسائل الدفاع الأخرى.
تزامن ذلك، مع بروز معطيات نقلتها صحيفة «كوميرسانت» الروسية عن مصدر دبلوماسي أفاد بأن روسيا أرسلت إلى سوريا دفعة إضافية من منظومات الدفاع الجوي من طراز «بانتسير».
وأشار المصدر، إلى «عدم دقة» التقارير التي تحدثت سابقا حول تسليم روسيا منظومات من طراز «إس - 300» إلى القوات السورية الحكومية، موضحا: «إن الحديث يدور عن نقل دفعة إضافية من منظومات بانتسير، التي تم إيصالها إلى طرطوس الأسبوع الماضي». وذكرت مصادر من وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق أن روسيا صدرت من 36 إلى 40 بطارية من هذا الطراز للقوات السورية.
ميدانيا، استعدت موسكو لتوسيع مجال نشاط قوات الشرطة العسكرية الروسية التي زجتها في سوريا لتشمل منطقة القلمون الشرقي. وأعلنت وزارة الدفاع أن الشرطة العسكرية الروسية ستقوم بتسيير دوريات مشتركة مع القوات السورية في قرى وبلدات القلمون الشرقي. وقال متحدث باسم مركز المصالحة الروسي في سوريا بأن هدف التحرك ضمان سلامة السكان وتوفير الأمن في المدارس والمستشفيات والمؤسسات الحكومية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.