خبراء ألمان يتخوفون من تداعيات الأزمة السورية على البورصات العالمية

TT

خبراء ألمان يتخوفون من تداعيات الأزمة السورية على البورصات العالمية

عاشت بورصات العالم العام الماضي أوقاتا ذهبية نجح فيها المستثمرون في تحصين أنفسهم أمام بعض الأحداث الأمنية المخيفة من دون أن يأبهوا لحظة واحدة للأوضاع الجيوسياسية الدولية. وحتى سلوكيات كوريا الشمالية العدائية تجاه الدول الغربية لم تتمكن من التأثير سلبا على ما عاشته هذه البورصات من أوضاع صحية سليمة.
لكن، وعلى الرغم من التفاؤل الذي ساد أجواء عالم المال العام الماضي، يميل الخبراء الألمان حاليا إلى الاعتقاد بإمكان تحول الأحداث الأمنية السورية إلى قنبلة موقوتة قد يؤدي انفجارها إلى ضعضعة أسواق المال الدولية. وهنا تقول كريستينا هونزيغر، الخبيرة الألمانية في شؤون الاقتصاد الدولي، إن الملف السوري مختلف تماما ويجر وراءه انعكاسات دولية في غاية الخطورة. «فلا أحد يعرف للآن ما نوايا الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها الفرنسيين والبريطانيين. سيكون وقع الأحداث الأمنية السورية أثقل مقارنة مع الأحداث الجيوسياسية السابقة التي كانت كوريا الشمالية جزءا منها. ومن جهة أخرى، تطل الأزمة السورية في أوقات تعيش فيها الأسواق المالية مع الاقتصاد الدولي أوضاعا حساسة».
وتضيف أن ما يلفت نظرها حاليا هو أوضاع مؤشرات البورصات المتقلبة؛ «وهذا لا يعني أن الأسواق المالية مهددة بالانهيار مثل الدومينو... بيد أنه في حال استئناف الغارات الجوية على الأراضي السورية ستنقلب أحوال الأسواق الدولية رأسا على عقب على الأمد القصير. ويبدو أن عالم المال غير قادر على استيعاب أي صدمة أو تصعيد عسكري قد يحدث هناك».
وتردف: «كانت بداية العام واعدة وتتجه ناحية التناغم الحاصل تحت مجهر استمرارية النمو الاقتصادي العالمي. لكن شيئا ما على صعيد الاقتصاد الكلي دخل نفق التغيير. ولقد بدأت أسواق المال تشعر به. فعلى الأمد المتوسط قد يعود شبح الشلل التجاري والتباطؤ الاقتصادي ليؤرق نوم المستثمرين الدوليين بعد أن حافظ على وتيرته الهادئة طوال العام الماضي». وتختم: «خطر عودة الكساد الاقتصادي، الذي يعكس معه حالة انكماش في الأنشطة الاقتصادية طويلة الأمد، حول العالم في الشهور 12 المقبلة، ما زال متدنيا إنما في ارتفاع مستمر. وهو يرسو اليوم على 20 في المائة. ومن المتوقع أن تشعر الأسواق المالية بهذا الكساد في العام المقبل أو في عام 2020 في أقصى الحدود. علما بأن الطابع الحمائي الذي يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيكون له صدى سيتجاوز حدود الولايات المتحدة الأميركية بسهولة».
وفي هذا الإطار يقول كريستوف مولر، الخبير في بورصة فرنكفورت، إن أسواق المال ما زالت تحتفظ بدرجة جيدة من التفاؤل للمستقبل. لكن علامات التوتر تظهر عليها في ضوء السيناريو الحربي الذي ظهر في دمشق وجوارها مؤخرا. وتعد التقلبات التي ضربت البورصات حديثا دليلا بارزا على مدى ثقل الأحداث الأمنية السورية على تطلعات المستثمرين الدوليين. ففي أعقاب المستويات التاريخية التي حققتها بورصات العالم في 26 يناير (كانون الثاني) الماضي، تراجع مؤشر «إم إس سي آي» وهو اختصار لـ«مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال» نحو 7 في المائة. «مع ذلك، تبقى عائدات الشركات الألمانية جيدة، ولا تزال شهية المخاطرة لدى المستثمرين الألمان موجودة بقوة، لكنهم يشعرون بأن رياح الأسواق المالية اتخذت منحى جديدا، وقد تكون أي حرب جوية وبحرية محتملة على الأراضي السورية بمثابة البنزين الذي سيغذي اشتعالها بصورة مضادة لمصالحهم التجارية الدولية».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.