تطرح الأرقام والإحصاءات سبيلاً لتقييم مدى عظمة مانشستر سيتي. وقد نجح النادي في ضمان بطولة الدوري الممتاز قبل شهر كامل من نهايتها وفي طريقه نحو تحقيق أرقام قياسية من حيث عدد النقاط والأهداف التي جرى إحرازها. ولا شك أن تحقيق مثل هذا الإنجاز خلال حقبة يوجد بها - من الناحية النظرية على الأقل - ستة أندية كبرى يعد أمراً استثنائياً.
ومع هذا، تظل الإحصاءات مجرد وجه من أوجه القصة الحقيقية، بل وربما لا تكون الوجه الرئيسي. في الواقع، ليس المرء بحاجة لأن يكون مدرب مانشستر يونايتد غوزيه مورينيو أو أحد معاونيه كي يدرك أنه بالنظر إلى حجم الأموال الضخمة التي أنفقها مانشستر سيتي خلال العامين الماضيين منذ تولي جوسيب غوارديولا مهمة تدريبه، فإن إخفاق الفريق في المنافسة وبقوة على البطولة كان ليصبح بمثابة خيبة أمل كبرى لمشجعي النادي. ومع هذا، تظل الأهمية الحقيقية متعلقة بالأسلوب الذي جرى من خلاله إنفاق هذه الأموال.
من المحتمل أن يبلغ إجمالي الأموال التي أنفقها مانشستر سيتي تحت قيادة غوارديولا 360 مليون جنيه إسترليني، ويتمثل اللاعب الأغلى في صفقة قلب الدفاع إيمريك لابورتي الذي ضمه النادي مقابل 57 مليون جنيه إسترليني. إلا أن مانشستر سيتي لم يفعل مثلما فعل باريس سان جيرمان - أو حتى مانشستر يونايتد - وأنفق مبلغاً ضخماً على اثنين من اللاعبين الكبار. بدلاً من ذلك، اختار النادي توجيه إنفاقه لأهداف جرى تحديدها بعناية لدرجة أنه عندما سخر مورينيو من أن مانشستر سيتي اشترى ظهيرين مقابل 50 مليون جنيه إسترليني لكل منهما، جاء رد مانشستر سيتي فيما بعد في أن الظهيرين البارزين في مانشستر سيتي يلعبان في الواقع كظهيرين مهاجمين.
وقد انتشرت خلال الصيف الماضي مزحة تدور حول أن غوارديولا كان يخبر الشيخ منصور، مالك مانشستر سيتي، بحماس أنه قادر على الفوز ببطولة الدوري الممتاز فقط إذا ما توافر لديه أفضل زوج من اللاعبين عالمياً في كل مركز. والملاحظ أن هذا بالفعل ما حدث على أرض الواقع. ومع أنه سيبقى هناك دوماً معسكر يرى أن الأموال الضخمة التي أنفقت قلصت من جمال الكرة، تظل الحقيقة أن غوارديولا نجح في تحسين أداء لاعبيه على نحو ملحوظ ومزجهم مع بعضهم على نحو متناغم عزز قدرته على الاستفادة من مهاراتهم. ويعني ذلك أنه رغم إنفاق مانشستر سيتي أموالاً هائلة بالفعل، فإنه جنى قيمة حقيقية وقيمة مقابل هذه الأموال.
وهنا تحديداً تكمن روعة ما حققه مانشستر سيتي هذا الموسم. ومع أن الأرقام لا تكشف عن كامل فصول القصة، فإنها تشير إلى جزء مهم منها. جدير بالذكر الرقم القياسي المتعلق بإجمالي عدد النقاط التي حصدها نادي ما خلال موسم ما من الدوري الممتاز يتمثل حتى الآن في 95 نقطة ومسجلة باسم تشيلسي خلال الموسم الأول لمورينيو في مهمة تدريبه، تحديداً موسم 2004 - 2005. وقد امتلك تشيلسي آنذاك بالتأكيد فريقا رائعا بكل المقاييس ويعتبر بجدارة واحدا من أفضل الفرق التي مرت على بطولة الدوري الممتاز على امتداد تاريخها، لكن يظل التساؤل: هل نجح هذا الفريق في أسر قلوب عشاق الساحرة المستديرة على النحو الذي حققه مانشستر سيتي هذا الموسم؟
ربما حقق تشيلسي ذلك، من خلال الأداء القوي المنظم الذي قاده الآيرلندي داميان دوف والهولندي آريين روبين والإنجليزي جو كول. وعلى أي حال، تبقى الجوانب الجمالية من الأداء الكروي مسألة تقييم شخصي تختلف من شخص لآخر. ويبدو من المنطقي تماماً أن يتحمس البعض للإنجاز الرائع الذي حققه مانشستر يونايتد بفوزه ببطولات ثلاث كبرى خلال موسم 1998 - 1999 عبر الاعتماد في اللعب على الجناحين من ديفيد بيكام في اليمين إلى ريان غيغز والحركة فيما بينهما من قبل المهاجمين الإنجليزي آندي كول والترينيدادي دوايت يورك. أو ربما يتحمس آخرون للمزيج المتميز ما بين سرعة الأداء واللياقة البدنية المرتفعة الذي قدمه فريق آرسنال الذي لا يقهر خلال موسم 2003 - 2004.
أو ربما يعود البعض إلى الخلف قليلاً إلى ليفربول وتألقه الكبير والمفاجئ خلال موسم 1987 - 1988 عندما نجح ضم كل من جون بارنيز وبيتر بيردسلي وراي هوتون في تكميل دور جون ألدريدج وإضافة مزيد من التألق على أداء الفريق كله. ومع هذا، تبقى مسألة التقييم الجمالي للأداء مستعصية على الحسم.
من جانبه، قال كايلووكر مدافع مانشستر سيتي إن فريقه المتوج حديثا بطلا للدوري الإنجليزي الممتاز يجب عليه مواصلة حصد الألقاب لو أراد أن يتم اعتباره ضمن أعظم الأندية الإنجليزية. ونال سيتي اللقب الثالث في الدوري في سبعة مواسم قبل خمس جولات على النهاية بعد موسم حطم فيه الأرقام القياسية وشهد تفوق فريق المدرب غوارديولا على منافسيه، لكن ووكر يؤمن بأن الفريق ما زال يمكنه فعل الكثير. وأضاف مدافع منتخب إنجلترا: «ما زال هناك مجال للتطور. قرأت بعض المقالات التي تقول إننا بحاجة للفوز بالألقاب لسنوات متواصلة قبل أن نصنف فريقا كبيرا».
وتأثرت مسيرة سيتي نحو إحراز لقبي الدوري وكأس رابطة الأندية الإنجليزية بالخروج من كأس الاتحاد الإنجليزي أمام ويغان أثليتيك والهزيمة 5 - 1 في النتيجة الإجمالية أمام ليفربول في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا. وأضاف ووكر: «لو ركزنا على أنفسنا فإننا يمكن أن نفعل أشياء رائعة كفريق. لكن (مباراتي) ليفربول أظهرتا أننا لسنا فريقا مثاليا».
وكال اللاعب البالغ عمره 27 عاما المديح للمدرب جوارديولا في طريقة لعب سيتي السلسة التي أدت إلى هيمنته المحلية. ويمكن لسيتي أن يكسر عدة أرقام قياسية في آخر خمس مباريات في الدوري التي بدأها على ملعبه يوم الأحد عندما سحق فريق سوانزي سيتي بخمسة أهداف نظيفة.
ووصف ليروي ساني صانع لعب مانشستر سيتي مدربه غوارديولا بأنه «أفضل مدرب في العالم» وعزا إليه الفضل في تحسن المستوى العام للفريق، مما أدى لحصد لقب الدوري الإنجليزي هذا الموسم. وشكل الألماني ساني عنصرا أساسيا في مساعي سيتي للفوز باللقب هذا الموسم بعد أن سجل اللاعب البالغ من العمر 22 عاما تسعة أهداف وأرسل 12 تمريرة مؤثرة لينال جائزة رابطة لاعبي كرة القدم المحترفين في إنجلترا لأفضل لاعب شاب.
وقال ساني في حديثه عن غوارديولا إنه «من وجهة نظري أفضل مدرب في العالم. الجميع يمكنه رؤية مستوانا الذي تحسن كثيرا وتمكننا من قطع خطوة إلى الأمام. يحاول (غوارديولا) دوما الوصول للأفضل ويظهر لنا كيفية لعب كرة قدم جيدة». ووصف ساني، الذي انضم لسيتي في 2016 فريقه بأنه «مثالي» وأرجع الفضل إلى التشكيلة بأكملها في فوزه بالجائزة. وأضاف ساني: «أنا ممتن حقا لأن الفريق كان مثاليا. إنهم مجموعة جيدة حقا وبذلنا مجهودا كبيرا بالفعل... من الرائع أن تلعب مع مجموعة مميزة من اللاعبين مثل التي نمتلكها في فريقنا. أود أن أشكر النادي لمنحه الفرصة لي للقيام بذلك وأنا مستمتع بهذا كثيرا».
مانشستر سيتي يتألق بين النجوم الكبرى
غوارديولا قاد لاعبين حفروا أسماءهم ضمن أفضل فرق ازدانت بها الكرة الإنجليزية
مانشستر سيتي يتألق بين النجوم الكبرى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة