فلاح مصطفى لـ(«الشرق الأوسط»): الأكراد لن يشاركوا في حكومة يشكلها المالكي

فلاح مصطفى لـ(«الشرق الأوسط»): الأكراد لن يشاركوا في حكومة يشكلها المالكي
TT

فلاح مصطفى لـ(«الشرق الأوسط»): الأكراد لن يشاركوا في حكومة يشكلها المالكي

فلاح مصطفى لـ(«الشرق الأوسط»): الأكراد لن يشاركوا في حكومة يشكلها المالكي

وصف فلاح مصطفى، رئيس دائرة العلاقات الخارجية (بمثابة وزارة الخارجية) في حكومة إقليم كردستان، مباحثات مسعود بارزاني رئيس الإقليم، مع جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة، والتي جرت في أربيل أمس، بـ«الحساسة والمهمة»، وبأنها «تصب في حل الأزمة العراقية».
وقال مصطفى، في حديث خص به «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أربيل، أمس، إن كيري أكد أن «العراق يواجه تحديات كبيرة وحقيقية»، وشدد على «ضرورة تشكيل حكومة يشارك فيها الجميع بفعالية ولا تقصي أحدا»، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأميركي «طلب من الرئيس بارزاني مشاركة الأكراد الفعالة في العملية السياسية، على أن يتم موضوع اجتماع البرلمان العراقي الجديد في وقت قريب لانتخاب رئيس له ورئيس للجمهورية، ومن ثم تكليف مرشح لرئاسة الحكومة».
وكشف مصطفى، الذي كان قد استقبل ومعه فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الإقليم، في مطار أربيل أمس، وزير الخارجية الأميركي والوفد المرافق له، عن أن «الرئيس بارزاني شدد على أهمية وضرورة التغيير، وأن الأوضاع إن بقيت على ما هي عليه فإنه ليست هناك ضرورة للمشاركة في الحكومة القادمة». وفي رده عما يعني ذلك بالضبط، أجاب بأن «هذا يعني عدم بقاء نوري المالكي رئيسا للحكومة لولاية ثالثة، كونه سبب الأزمات السياسية في العراق، وسوف يتسبب في المزيد من الأزمات خاصة أنه أقصى السنة وهمشهم، ووقف ضد مسيرة البناء والنمو في إقليم كردستان، كما أن هناك أطرافا شيعية لا تريد بقاءه في الحكم». وأضاف رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان قائلا إن كيري وبارزاني «تحدثا بوضوح عن أسباب ما حدث وجذور المشكلة، ألا وهي سوء الإدارة في بغداد وفشل الحكومة في إدارة البلد خاصة إقصاء السنة وغياب المشاركة الحقيقية للأكراد وباقي مكونات الشعب العراقي في العملية السياسية واتخاذ القرارات، وأنه لا بد من وضع معالجة حقيقية لهذه المشاكل». وقال «إذا كان لا بد من وضع جديد في العراق فيجب الاتجاه نحو التغيير الذي اتفق عليه الجميع، وهذا يعني تغيير رئيس الوزراء كونه المسؤول المباشر عما حدث في العراق خاصة الأزمة الأخيرة».
وأشار مصطفى إلى أنه «جرى تناول موضوع عدم التنسيق بين الأطراف السياسية، وأن هذه الأطراف لن تستطيع أن تشارك في أي وضع جديد من دون إحداث التغيير الحقيقي.. تغيير جذري يضمن وضعا سياسيا جديدا قائما على أساس من الثقة». وقال إنه «جرى الاتفاق خلال المباحثات (بين بارزاني وكيري) على أن «يكون هناك أولا حل سياسي لمواجهة الأزمة ومن ثم حل عسكري لمواجهة المسلحين الذين يهددون أمن العراق برمته»، منبها إلى أن الطرفين شددا على أن «جذور المشكلة سياسية وليست عسكرية، وأن المعركة ضد الإرهاب التي تحدثت عنها الحكومة انطوت على عمليات تصفية حسابات طائفية، وأن الأكراد لن يشاركوا في مثل هذه المعارك الطائفية».
وأوضح مصطفى أن وزير الخارجية الأميركي شدد ولأكثر من مرة على «أهمية مشاركة الجميع في الحكومة القادمة خاصة الأكراد، وطلب من الرئيس بارزاني مشاركة كردية فاعلة، على أن تتشكل الحكومة ضمن الفترة الدستورية في الأول من يوليو (تموز) المقبل لتكون هذه هي الخطوة الأولى لحل الأزمة في العراق». وقال إن «هذا الموضوع بحاجة إلى جهود جبارة خاصة أنه يتم في أجواء من عدم الثقة».
وحول ما تسرب من أنباء عن أن بارزاني طرح احتمال استقلال الإقليم عن العراق خلال حديثه مع كيري، قال مصطفى إن «الرئيس بارزاني أوضح لوزير الخارجية الأميركي أن الشعب الكردي قدم الكثير من التضحيات، وقمنا ببناء إقليم آمن ومتوازن في علاقاته الخارجية، ناجح في مسيرته الاقتصادية والتنموية، وكنا نطلب من بغداد أن نتعاون لننهض بالعراق معا، وأن نعيش كشركاء حقيقيين ضمن عراق دستوري اتحادي، لكن مع الأسف الشديد الحكومة في بغداد لم تستمع لآرائنا ولا لوجهات نظرنا، وأرادت أن تتعامل مع شعبنا في إقليم كردستان باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية».
وأضاف أن بارزاني أبلغ كيري بأن «شعبنا ونحن نرفض بشدة أي تهميش، أو أن يتم التعاون مع شعبنا باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، كما أننا لا يمكن أن نعيش في ظل نظام ديكتاتوري، ويجب أن يكون هناك وضوح كامل في هذا الموضوع، وأن نكون شركاء في عراق دستوري اتحادي ديمقراطي، وألا نكون جزءا من هذه الفوضى والصراع الطائفي، وألا يُستخدم موضوع مكافحة الإرهاب لأغراض التصفيات الطائفية»، مع التشديد على أن «شعبنا لا يريد أن يخسر تجربته الناجحة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.