الزراعات المصرية تجني «عطش» مفاوضات «سد النهضة»

البرلمان وافق على قانون يحظر المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه

فلاحون في محافظة المنوفية (دلتا مصر) يعملون على حصاد القمح أمس (إ.ب.أ)
فلاحون في محافظة المنوفية (دلتا مصر) يعملون على حصاد القمح أمس (إ.ب.أ)
TT

الزراعات المصرية تجني «عطش» مفاوضات «سد النهضة»

فلاحون في محافظة المنوفية (دلتا مصر) يعملون على حصاد القمح أمس (إ.ب.أ)
فلاحون في محافظة المنوفية (دلتا مصر) يعملون على حصاد القمح أمس (إ.ب.أ)

زادت موافقة مجلس النواب المصري على قانون يفتح الباب أمام «حظر زراعة الحاصلات كثيفة الاستهلاك للمياه في بعض المناطق»، من هواجس المتابعين لملف المفاوضات المتعثرة بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد «النهضة الإثيوبي»، والذي تقول الأولى إنه سيؤثر على حصتها من مياه النيل، بينما تتمسك الثانية باستكماله لتوفير احتياجاتها من الطاقة الكهربائية. وأقر مجلس النواب، الأحد الماضي، بشكل نهائي مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الذي منح وزيري الزراعة والري، سلطة إصدار «قرار بحظر زراعة بعض الحاصلات حسب استهلاكها للمياه، وكذلك تحديد مناطق لزراعة أصناف معينة»؛ بل إن القانون كذلك تضمن عقوبة للمخالفين لتلك القرارات تتضمن «الحبس بمدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه عن الفدان أو كسور الفدان، أو بإحدى العقوبتين والحكم بإزالة المخالفة على نفقة المدان».
وتخوض دولتا المصب (مصر، والسودان) ودولة المنبع (إثيوبيا)، مفاوضات انطلقت قبل 6 سنوات، في محاولة لتجنب الإضرار بحصة مصر من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، وتمكنت الدول الثلاث في سبتمبر (أيلول) عام 2016 من التوصل إلى اتفاق مع مكتبين فرنسيين لإجراء الدراسات الفنية اللازمة لتحديد الآثار الاجتماعية والبيئية والاقتصادية المترتبة على بناء السد الإثيوبي، لكن المفاوضات متعثرة ولم تصل أحدث جولاتها التي استضافتها السودان مطلع الشهر الجاري، إلى حلول.
وقال الأستاذ بكلية الزراعة في جامعة القاهرة الدكتور نادر نور الدين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «طبيعة الأراضي خصوصاً في منطقة دلتا مصر (تنتج 72% من الحاصلات المصرية)، تحتاج إلى زراعات كثيفة استخدام المياه، إذ إنها بقعة قريبة من البحر المتوسط ومياهه المالحة، الأمر الذي يستوجب معادلة الملوحة في التربة لوقف عمليات بوار الأراضي». ويلفت نور الدين إلى «اعتماد المزارعين المصريين على محصول الأرز كثيف الاستخدام للمياه، لكونه بالدرجة الأولى جيد العائد من حيث التكلفة، فضلاً عن اعتباره وجبة أساسية لكثير من المواطنين»، لافتاً إلى أن «معدل استهلاك المواطن المصري للأرز يصل إلى 40 كجم سنوياً، وهو أقل من المعدل العالمي المقدر بنحو 65 كجم في العام». وتنتج مصر في المتوسط نحو 5.5 مليون طن أرز سنوياً.
ونبه نور الدين إلى أن «فرض عقوبات تصل إلى السجن على المخالفين لمسألة زراعة الأرز خارج النسبة المحددة سنوياً من الحكومة بـ700 ألف فدان تقريباً، سيترتب عليه فتح الباب لتصحر الأراضي، أو بيع الأراضي بغرض البناء عليها، وهي أزمة أخرى».
ويقدَّر إجمالي الموارد المائية في مصر بنحو 79 مليار متر مكعب من المياه تحصل عليها من النيل، والأمطار، والمياه الجوفية، فيما يتجاوز الاستهلاك الفعلي أكثر من 110 مليارات متر مكعب من المياه. وعدّ الخبير في الشؤون الأفريقية، ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، هاني رسلان، أن الإجراءات الحكومية المصرية الأخيرة تتعلق باستراتيجية موسعة لترشيد استهلاك المياه، لتجاوز مرحلة الفقر المائي التي تواجه البلاد، وأوضح أن «حصول الفرد على ما دون 1000 متر مكعب من المياه سنوياً يعد فقراً مائياً، وفق المعدلات العالمية، فيما يحصل المواطن المصري على 600 متر مكعب فقط».
ويقول رسلان لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك «ارتباطاً وإنْ كان غير مباشر، بين تعثر مفاوضات سد النهضة وإجراءات تقليص بعض الزراعات، خصوصاً أن حصة مصر من مياه النيل الحالية تم إقرارها في خمسينات القرن الماضي، عندما كان تعداد السكان يمثل 25 مليون نسمة، والإحصاء الأحدث يؤكد تجاوز المصريين 104 ملايين شخص». وأوضح أن «إقدام إثيوبيا على خطوات بناء السد، بالبدء في التخزين في يونيو (حزيران) المقبل، وتشغيل توربينات توليد الكهرباء في أكتوبر (تشرين الأول) القادم، ستضع أزمة فوق الأزمة القائمة المتعلقة بعدم كفاية الموارد المائية لمصر».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.