الانقسام داخل معسكر الإسلاميين يفاقم تحديات الإخوان

عبود الزمر طالب الجماعة بترك القيادة وانتقد مقاطعة الانتخابات

الانقسام داخل معسكر الإسلاميين يفاقم تحديات الإخوان
TT

الانقسام داخل معسكر الإسلاميين يفاقم تحديات الإخوان

الانقسام داخل معسكر الإسلاميين يفاقم تحديات الإخوان

يفاقم انقسام معسكر الإسلاميين في مصر التحديات التي تواجهها جماعة الإخوان المسلمين، التي تشهد أعنف محنة في تاريخها الممتد لأكثر من 80 عاما. وتأتي انتقادات قادة إسلاميين للجماعة التي أقصيت عن الحكم بعد عام واحد لتعرقل جهودها للحشد لتحركات دعت إليها في ذكرى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي يوليو (تموز) المقبل.
وطالب أمس عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية المنضوية تحت مظلة تحالف إسلامي يقوده الإخوان، الجماعة بـ«التخلي عن موقع القيادة، وإجراء تقييم حقيقي لممارستها خلال الفترة الماضية للوقوف على أسباب فشلها». وقال الزمر، وهو حليف قوي لجماعة الإخوان: «أرى أنه على الإخوان أن تعيد هيكلة الأوضاع، وتتخلى عن الصدارة، لأن العقوبات المتلاحقة التي نشاهدها تحل بالإخوان تحتاج إلى تعديل لقواعد الانطلاق».
وأعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا نهاية العام الماضي، وصدر حكم من محكمة الأمور المستعجلة عقب شهرين من قرارها، بإلزام الحكومة باعتبار الجماعة تنظيما إرهابيا، ما عزز القرار وأدى إلى تخصيص دوائر قضائية لنظر قضايا الإرهاب المتهم فيها قادة الجماعة وكوادرها.
وتحفظت السلطات المصرية بموجب حكم قضائي آخر على أموال ومقرات الجماعة وقادتها، ما عد ضربة عنيفة لمصادر تمويل الإخوان. ويقبع عدد كبير من قادة الإخوان في السجون على ذمة قضايا جنائية، وصدرت أحكام بالإعدام على بعضهم، وعلى رأسهم محمد بديع مرشد الإخوان.
وقال الزمر الذي قضى 30 عاما في السجن بعد إدانته في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981، إنه «إذا وقع الأمير أو الرئيس في الأسر ومنع من مزاولة سلطاته فإنه يجري انتداب من يقوم مقامه حتى يرجع، فإن لم يتمكن أحد من إنقاذه، فإن الواجب هو اختيار رئيس جديد وليس ترك الأمر فوضى لخطورة ذلك على مستقبل الوطن».
ورغم تنصل الجماعة الإسلامية من رأي الزمر، الذي نشر أمس في صحيفة إسلامية خاصة، فإن الوضع يعكس الانقسام حول دور جماعة الإخوان في المرحلة المقبلة، والتحديات التي تواجه الجماعة داخل معسكرها، وربما توجب عليها تعديل خططها. وقال بيان للجماعة الإسلامية أمس إن الزمر «يعبر عن وجهة النظر الشخصية له، أما الموقف الرسمي للجماعة فلا يعبر عنه سوى البيانات الرسمية الصادرة عنها»، لكن البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أضاف أن الجماعة الإسلامية تؤكد أن موقفها الواضح والمعلن من الأزمة الراهنة «هو المعارضة السلمية مع البحث عن حل سياسي».
وترفض جماعة الإخوان الحديث عن حلول سياسية للأزمة التي تفجرت منذ عزل مرسي الصيف الماضي، وتتمسك الجماعة بلاءات ثلاث، هي «لا اعتراف (بشرعية الوضع القائم)، لا تنازل عن الثورة، لا تفاوض على الدم». وتعد جماعة الإخوان القوة الكبرى والأكثر تنظيما بين القوى الإسلامية في مصر، لكنها تعرضت خلال العام الماضي لضربات أمنية مؤثرة، ما دفعها للسعي إلى توحيد صفوف الإسلاميين ومد الجسور مع حركات ثورية ليبرالية ويسارية.
وقال قيادي شاب في حركة «شباب 6 أبريل»، التي صدر حكم قضائي بحظر نشاطها، إن «الحركة لا تستطيع أن تطمئن لجماعة الإخوان، (حيث إن) ممارسات الجماعة خلال عام حكمها قضت على كل ثقة فيها. هناك أطراف تحاول التواصل معنا لرأب الصدع بين القوى السياسية المعارضة، لكن لا أظن أن القوى الثورية يمكن أن تتجاوز خطايا الجماعة».
ويقضي أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل، ومحمد عادل القيادي في الحركة، عقوبة السجن لإدانتهما بخرق قانون التظاهر، وهو القانون الذي أقرته أول حكومة بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت حكم مرسي، وأثار انتقادات واسعة داخليا وخارجيا. وأعلنت الحركة انسحابها من دعم خارطة المستقبل التي وضعت عقب عزل مرسي.
وانتقد الزمر أيضا دعوات جماعة الإخوان وتحالف دعم الشرعية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية، وقال: «لاحظت أن الإخوان مشغولون في أمور لا تصب في الاتجاه الصحيح، ففكرة الانسحاب الكامل من الحياة السياسية بعدم المشاركة في انتخابات مجلس النواب ستضيف سلبية كبرى على الأداء التنظيمي للتحالف عامة، والإخوان خاصة، وستعطي الفرصة لغير المرغوب فيهم أن يصلوا إلى البرلمان».
وطالب الزمر جماعة الإخوان بوجوب تقويم تجربتهم «لمعرفة الأسباب الحقيقة التي أدت إلى نزع السلطة على هذا النحو السريع وفقدان مواقع كثيرة على مستوى العمل النقابي أو الاجتماعي ودخول أعداد كبيرة من الإخوان إلى السجون». ومن المرجح أن يؤدي تباين وجهات النظر بين قادة الإسلاميين في البلاد إلى تراجع قدرة الإخوان على حشد أنصار جدد في سعيها لإثبات وجودها في الشارع، خاصة في ظل دعوة قوى إسلامية إلى تبني سياسات أكثر برغماتية في تعاملها مع الأوضاع الراهنة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».