الضربات الغربية تعجل بتسليم صواريخ «إس 300» لدمشق

لافروف يقول إن القرار النهائي لم يتخذ بعد

TT

الضربات الغربية تعجل بتسليم صواريخ «إس 300» لدمشق

برزت معطيات جديدة في موسكو تدل على تسارع خطوات تنفيذ القرار الروسي بتسليم دمشق أنظمة صاروخية متطورة من طراز «إس 300»، رغم المخاوف من أن تثير هذه الخطوة ردود فعل قوية من جانب إسرائيل وأطراف غربية، بما في ذلك احتمال تعرضها لضربات استباقية في أثناء عملية نشرها في منشآت سورية.
وأعادت تصريحات المسؤولين الروس حول نيات موسكو والتوقعات بشأن توسيع الخلاف مع إسرائيل بسبب الصواريخ، إلى الأذهان العبارة الشهيرة التي كان الرئيس فلاديمير بوتين قد أطلقها في عام 2005 عندما قال لصحافية إسرائيلية إن بلاده قررت تزويد دمشق بأنظمة «إيغلا» الصاروخية المحمولة «حتى لا يكون بمقدور المقاتلات الإسرائيلية التحليق مجدداً فوق قصر الرئيس السوري».
أثارت العبارة في وقتها استياءً واسعاً في إسرائيل التي فاخرت أكثر من مرة بأن طائراتها تحلّق بحرّية في الأجواء السورية. لكن الظروف تغيرت كثيراً في سوريا منذ ذلك الوقت، ونظام «إيغلا» قصير الأمد يعد «مزحة بالمقارنة مع إس 300» وفقاً لتعليق عسكري روسي، كما أن المصالح الروسية في سوريا أصبحت على رأس أولويات السياسة الخارجية للكرملين، وهذا ما دفع مسؤولين روسيين إلى تكرار عبارة بوتين بأشكال أكثر جدية وصرامة، مثلما حدث عندما قال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف إن قرار روسيا هدفه «عدم السماح بانتهاك أجواء سوريا مجدداً»، كما لفت مسؤول عسكري بارز إلى أن «طيران مقاتلات أجنبية فوق سوريا لن يكون مجرد نزهة».
لم تحمل العبارات تذكيراً فقط بعبارة بوتين، بل كانت انتقاداً مبطناً أيضاً لآلية إلغاء عقد «إس 300» الذي وقّعته الحكومة السورية مع مؤسسة «روس أبورون إكسبورت» في نهاية العقد الأول من الألفية. بناءً على اعتراض مباشر من جانب إسرائيل، التي أبلغت الروس بأن المنظومة سوف تشكّل خطراً على تحرك المقاتلات الإسرائيلية وفقاً لمعطيات تفصيلية في هذا الشأن نشرتها أمس صحيفة «كوميرسانت»، وأوضحت فيها أن قرار إلغاء الصفقة التي اشتملت على بيع 4 بطاريات من نسخة محدّثة من نظام «إس 300» حملت اسم «فافوريت» اتُّخذ عام 2010 (خلال رئاسة ديمتري مدفيديف)، وأن موسكو أعادت إلى الحكومة السورية مبلغ 400 مليون دولار تم دفعها سلفاً كدفعة أولى من قيمة العقد. ويتوقع أن تكون إيران دفعتها نيابةً عن الحكومة السورية في ذلك الوقت، علماً بأنه في المحصلة تم تسليم إيران هذه الصواريخ التي صُنعت لسوريا (العام الماضي) في إطار اتفاق جديد مع طهران.
ووفقاً للمتغيرات الحديثة بعد الضربة الغربية الأخيرة على سوريا، وبعد بروز شرخ في العلاقات الروسية – الإسرائيلية خصوصاً بعد قصف مطار تيفور أخيراً، فإن موسكو تنوي تسليم دمشق نفس العدد من بطاريات «إس 300» من دون مقابل. وفي إطار «التعهد الروسي بإعادة تأهيل القدرات الحربية والفنية للجيش السوري لمواجهة التهديدات».
وأشار مصدر عسكري إلى أن نظام «إس 300» فور تسليمه لسوريا سيشكل مع أنظمة «إس 125» و«بوك» و«كفادرات» و«أوسا» (وكلها صناعة روسية) التي تملكها دمشق حالياً «مظلة دفاع جوية متكاملة وشاملة قادرة على توفير حماية لدمشق والمطارات والقواعد الجوية التي يوجد فيها الطيران السوري والقوات الإيرانية».
ولفت المصدر إلى أن «موسكو تتوقع ردة فعل سلبية جداً من إسرائيل قد تصل إلى درجة توجيه ضربات استباقية ضد مواقع نشر البطاريات».
ونقلت صحيفة «كوميرسانت» الرصينة عن مصدرين متطابقين وصفتهما بأنهما «عسكريان - دبلوماسيان» أن موضوع تسليم دمشق المنظومات «قد حُسم نهائياً وسيتم في أسرع وقت» وسوف يتم إرسالها إما جواً على متن طائرات شحن عسكرية وإما بحراً على سفن حربية.
لكن المعطيات التي قدمها المصدران تؤكد أن موسكو «سوف تقدم لدمشق بطاريات مستخدمة من ترسانتها من هذه الصواريخ» بمعنى أنها لن تضيّع وقتاً في إعادة تصنيع بطاريات مخصصة للتصدير إلى سوريا، علماً بأن جهات عسكرية كانت قد أعلنت في وقت سابق أن صناعة «إس 300» توقفت في روسيا قبل عامين.
ولا يمكن استبعاد أن تبدأ موسكو بتسليم دمشق بطاريات منتشرة حالياً قرب قاعدة طرطوس كانت أرسلتها إلى سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وكان لافتاً أن بوتين عقد اجتماعاً مغلقاً نهاية الأسبوع الماضي مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان غاليري غيراسيموف، ووفقاً لمصادر «كوميرسانت» فإن هذا الموضوع «كان قيد البحث على الأرجح في إطار مناقشة كل الخطوات الجوابية الروسية على الضربات الغربية وتقويم الوضع عموماً في سوريا»، ما يعني أن بوتين في الغالب أعطى خلال اللقاء الضوء الأخضر للبدء بتنفيذ الوعد الروسي.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن القرار النهائي بشأن تسليم دمشق «إس300» لم يتخذ بعد، وأوضح: «لا أستطيع أن أقول إن القرار النهائي اتخذ، وننتظر القرارات التي ستتخذها القيادة الروسية بعد مشاورات مع الجانب السوري، لا أسرار في الموضوع، وكل شيء سيتم إعلانه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.