مفتاح قناو: نحن أبناء «جيل التشرد»

رصد مسيرة القصة القصيرة الليبية منذ التأسيس إلى ما بعد القذافي

مفتاح قناو
مفتاح قناو
TT

مفتاح قناو: نحن أبناء «جيل التشرد»

مفتاح قناو
مفتاح قناو

يمكن القول بأن مرحلة التأسيس لفن القصة القصيرة في ليبيا قد بدأت في الخمسينات، مع فورة الصحافة الليبية التي بدأت بنشر قصص قصيرة إلى جانب الأنواع الأدبية الأخرى. ثم مر هذا الفن، كما في البلدان العربية الأخرى، بفترة انحسار لصالح الشعر والرواية. ما هو حال القصة القصيرة الآن وتحولاتها وموقعها في المشهد الثقافي الليبي؟
هنا حوار مع اثنين من كتابها البارزين، وهما مفتاح قناو، وأحمد يوسف عقيلة.
أولاً، يرى قناو أن علينا أولا أن ندرك طبيعة المناخ الذي تطورت فيه القصة القصيرة ابتداء من الجيل المؤسس في الخمسينات والستينات: عبد القادر بوهروس، وهبي البوري، وعبد الله القويري وعلي مصطفى المصراتي والتأثير على قرائهم.
ثم في مرحلة لاحقة، أحمد إبراهيم الفقيه، كامل المقهور، إبراهيم الكوني، بشير الهاشمي، وغيرهم. هؤلاء تناولوا موضوعات ضاجة بعنفوان المرحلة وإيقاعها الصاخب، فسؤال الحرية كان يطرح بقوة، خصوصا أن الشارع مندفع تجاه قضية رئيسية وهي محاربة الاستعمار، نلمح شواهدها في قصة (مسمار لموسليني) لعلي مصطفى المصراتي، والمجموعة القصصية (تمرد) للكاتب خليفة التكبالي، والتي تصور إحدى قصصه موقف بائع خضراوات من الأجنبي عندما رفض بيعه (البطيخ) كنوع من المقاومة، كذلك قصة (الصور) أو الحائط للأديب كامل المقهور عندما تحدى مواطن طلب القاعدة الأميركية إنشاء جدار أو سياج إسمنتي يمر من مزرعته، مما أجبر الأميركي إلى الرضوخ لطلبه.
ويشير قناو إلى أن ذلك لم يمنع القصة القصيرة من تناول واقعها الاجتماعي وجس مواضع قلقه في ذات الفترة كما في أعمال القاص محمد الشويهدي، التي «تتناول حالات الإحباط والفقر والحب غير المتكافئ»، فنرى في قصة (تساخير) من مجموعة (أقوال شاهد عيان) مصطفى الشاب الذي يقطع دراسته لأجل تخفيف الديون عن كاهل أبيه، أو نموذج الفتاة التي تحلم بالزواج في نص (رحلة الأحلام) من مجموعة (أحزان اليوم الواحد).
ويضيف القاص الليبي: «تأتي بعدها مرحلة ما بعد سيطرة الأنظمة الشمولية على مقاليد الحكم، حيث جاءت النصوص مشحونة بروح مقاومة الحاكم العسكري القادم، ما أدى إلى دخول بعض كتابها السجن، كقصة (قفزة) للكاتب عمر أبو القاسم الككلي المنشورة في صحيفة الأسبوع الثقافي 1974. كانت الإشارة إلى الحاكم واضحة في النص برغم ترميز البطل في حصان عربي أصيل يتوق لاجتياز السياج بقفزة فارقة طلبا للحرية، كتعبير عن طموح الإنسان الليبي والعربي عموما في الخروج من نفق الآيديولوجيا الحاكمة».
ونسأله هنا عن تراجع ملحوظ في فن القصة القصيرة أثناء هذه الفترة، ويجيب:
«هذا راجع لطبيعة الجيل الذي تنتمي إليه وأنتمي إليه أيضا وهو الثمانينات، وألقبه بجيل (التشرد) كوننا للأسف عقبنا مرحلة التأميم 1979. الذي طال الصحافة، إحدى أهم نقاط الالتقاء بين الكتاب وبتوقفها أصبحنا كالهائم في صحراء مظلمة، فاقدي الملامح والتصنيف.
ومع ذلك برقت نافدة النص المحلي كخيط رفيع يصل مضامين النص القصصي المتبعثر لهؤلاء الكتاب، وشكل في مجمله طيفا من القص الاجتماعي ينتقد ممارسات الذهنية الذكورية ويلامس قلق الشباب، بالإضافة إلى توابع قرار التأميم في تحولهم إلى القطاع العام وحصولهم على وظيفة لا تمنحهم الإحساس بالفاعلية، بقدر ما تشعرهم بأنهم مهمشون، مجرد رقم عند الدولة، نرى نماذج له في نصوص الأديب خليفة حسين مصطفى ومجموعاته القصصية (حكايات الشارع الغربي) و(خارطة الأحلام السعيدة) و(توقيعات على اللحم) و(الرجل الذي يضحك)».
- لكن مجموعتك القصصية (عودة القيصر) تنفلت من هذا الإطار!
* ربما لكونها تتكئ على طابع سياسي مضمر بالاستناد لحادثة جرت وقائعها أواخر السبعينات لتمثال الإمبراطور الروماني (سبتيموس سفيروس) الموجود في ميدان الشهداء بقلب العاصمة طرابلس، ولأن القذافي مولع بالنجومية، شعر بأن التمثال قد يشاركه النجومية، (ضحك......) فأمر بنفيه إلى مدينة لبدة الأثرية، وعلى وقع الفنتازيا ترتسم أحداث القصة ببث الحياة في التمثال الذي يسوقه الحنين إلى طرابلس، فيتجه إليها مستقلا سيارة أجرة، ولكن تعتريه خيبة الأمل من منظر الأوساخ وفوضى الباعة المنتشرين حول مسلته، ويلجأ إلى صديقته تمثال الغزالة فيجدها محاصرة أيضا بالغبار والأتربة، ويقرران في النهاية مغادرة البلاد في مشهد دراماتيكي يصفه النص: (ودهش الجمهور في اليوم التالي وهما يتقدمان صفا طويلا أمام شركة النقل البحري لحجز تذكرتين إلى مالطة).
وعن غياب المكان، الذي كان حاضرا بقوة ما قبل الثمانينات مما أعطى القصة الليبية نوعا ما من الخصوصية، وهيمنة الطابع النظري، خاصة اليساري، في القصص التي أنتجت بعد الثمانينات، يقول مفسراً:
«لا يمكنك عزل تأثر الكاتب الليبي بالمد الاشتراكي، فهو كغيره من الكتاب العرب آنذاك، نتاج تلك المرحلة. وفي تصوري أن اليسارية كانت موضة بالنسبة لبعض كتاب تلك الفترة أكثر من كونها أفكاراً وتصورات ومفاهيم، وأقول ذلك بحكم أني عشت في أوروبا الشرقية سبع سنوات، وعايشت الشيوعية عن قرب ووجدت أن ما يفكر فيه الشيوعيون العرب ليس موجودا هناك، بل وليس من صميم قضاياهم، فالكتاب العرب وقعوا فيما أسميه الرومانسية الماركسية وبقوا سجيني تصوراتهم بعيداً عن حقيقة الأدبيات الشيوعية.
غير أن المكان ظل موجودا بشكل أو بآخر، فحتى بعد ما يسمى بـ(ثورات الربيع العربي) نرى القصة تنحو إلى الغوص في محليتها المكانية كما في قصص الكاتب أحمد يوسف عقيلة الذي برع في تصوير نصوص القرية أو الريف بالجبل الأخضر وعوالمه الساحرة.
ونقول له بأن هذا الارتداد ربما استطاع البعض توظيفه لصالح التفاصيل كما ذكرت، لكن كتابا آخرين فضلوا الاتجاه إلى الرواية. ويجيب:
«هذا صحيح، هم وجدوا في السرد الروائي مغامرة تستحق الخوض، وتروي شغفهم التدويني وتمنحهم فرصة كشف الزوايا القصية للذات والزمكان، مع ذلك يبقى للقصة مذاقها الخاص، ولغتها الفريدة المكثفة، وهو ملمح لا نراه كثيرا في المشهد القصصي الليبي الحديث والسابق فالبعض واقع في وهم كتابة القصة وهي لا تعدو كونها كلاماً إنشائياً، وهناك من صدرت له أكثر من مجموعة يطلق عليها قصصية والحقيقة عكس ذلك».



اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.